دخلت تونس في دائرة استهداف الجماعات الإرهابية، لتصبح العاصمة مرتعًا جديدًا للإرهابيين عبر تنفيذ عملية تختلف عن سابقتها، فلأول مرة يتم فيها استهداف أجانب في قلب العاصمة التونسية، التي تواجه خطر مجموعات متطرفة كانت دائمًا تستهدف عناصر الأمن والجيش. حادث متحف "باردو" قتل نحو 24 شخصا وجرح 50 آخرون، في أسوأ هجوم إرهابي يستهدف تونس، وكشفت السلطات التونسية أن مسلحين اثنين نفذا الهجوم الإرهابي على متحف "باردو" وسط العاصمة التونسية، حيث دخلا المهاجمان، اللذان ارتديا زيًا عسكريًا، مسلحين برشاشي كلاشينكوف باحة متحف "باردو" قرب مقر البرلمان، وفتحا النار على السياح بينما كانوا ينزلون من حافلاتهم أمام المتحف، ثم طاردوا بعضهم وقتلوهم داخله. تدخلت قوات الأمن التونسية مدعومة بمدرعات واقتحمت مبنى المتحف لإنقاذ الرهائن المحتجزين من قبل الإرهابيين، حيث تمكنت من إنقاذ أكثر من 100 سائح، فيما أرسل الجيش والأمن الرئاسي تعزيزات جديدة للمنطقة فيما قامت عدة طائرات بالتحليق في محيط البرلمان ومدينة تونس عمومًا، وقتلت القوات الأمنية المهاجمين، وتمكنت من إجلاء جميع من كان داخل البرلمان من نواب وسياح وصحفيين، فضلا عن وزير العدل وسفيري الصين ورومانيا. ردود فعل تونسية عقب الهجوم قال رئيس الحكومة التونسية "الحبيب الصيد"، إن بين قتلى الهجوم الإرهابي 4 إيطاليين وفرنسي وكولومبيان وخمسة يابانيين وبولندي وأسترالي وإسبانية، إلا أن مصدرا في باريس أعلن مقتل فرنسيين اثنين بالهجوم وليس واحدًا فقط، كما أسفر بحسب رئيس الوزراء عن إصابة 44 شخصا هم "13 إيطاليا منهم جريح في حالة حرجة، و7 فرنسيين منهم جريح في حالة حرجة، و4 يابانيين أحدهم حالته حرجة، و6 تونسيين، و11 بولونيا، وروسي، واثنين من جنوب إفريقيا"، وكشف "الصيد" عن هوية منفذي الهجوم الإرهابي وهما التونسيان "ياسين العبيدي" و"حاتم الخشناوي"، وأكد "الحبيب الصيد" أن هجوم "باردو" يستهدف السياحة التونسية ويهدف لضرب الاقتصاد الوطني، داعيًا الشعب التونسي إلى الالتفاف حول قوات الجيش والأمن، مشيرًا إلى أن المعركة مع الإرهاب طويلة، وأشار إلى أن هناك أنباء تشير لوجود حوالي ثلاثة إرهابيين أمنوا الدعم لمنفذي العملية، مشيرا إلى أن قوات الأمن تحاول البحث عنهم. من جانبه قال الرئيس التونسي "الباجي قائد السبسي"، إن ثمة مصيبة كبيرة وقعت على تونس، وأشار إلى أن الإرهابيين لا أمل منهم، داعيا إلى "ضرورة تحقيق التعبئة العامة ضد هؤلاء المصائب ومحوهم من الخريطة". العالم يُدين الحادث إدانة الهجوم لم تقتصر فقط على المسئولين التونسيين، حيث أجمع العالم على وحشية هذا الإرهاب الذي ضرب قلب تونس، فقد دان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الهجوم الدموي، وتقدم "بوتين" بخالص العزاء في برقية إلى نظيره التونسي "السبسي"، قائلًا إن "هذه الجريمة الهمجية لا يمكن أن تكون لها أية مبررات". من جانبه، قال "فرحان حق" نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" إن الأخير يدين بشدة الهجوم الذي استهدف المتحف في تونس ويعرب عن أسفه لسقوط ضحايا، كما اتهمت المفوضة الأوروبية العليا للسياسة الخارجية والأمن "فيديريكا موغيريني" التنظيمات الإرهابية بالوقوف وراء الهجوم على السياح في تونس، وقالت "يعزز ذلك تصميمنا على التعاون بقوة أكبر مع شركائنا للتصدي للتهديد الإرهابي". أعلن الأمين العام لحلف الناتو "ينس شتولتنبرغ" أن الحلف سيواصل العمل مع تونس ومع الشركاء المتوسطيين في إطار الحوار حول مكافحة الإرهاب، ومن جهته أعلن وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" أن "الولاياتالمتحدة تقف مع الشعب التونسي في هذا الوقت الصعب وتواصل دعم جهود الحكومة التونسية لتعزيز تونس ديمقراطية ومزدهرة وآمنة"، فيما عبر الرئيس الفرنسي "فرنسوا هولاند" عن تضامن فرنسا مع تونس ودعمه لجهود الحكومة التونسية في مكافحة الإرهاب". من جانبه، ندد رئيس الوزراء الفرنسي "مانويل فالس" بأشد العبارات بالهجوم، مضيفا أن هذا "الهجوم الإرهابي يظهر المخاطر التي نواجهها جميعا في أوروبا وفي حوض المتوسط وفي العالم"، من جهتها نددت الصين هي الأخرى بالعمل الإرهابي في تونس، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "هونغ لي"، "الصين تعارض كافة أشكال الإرهاب، ونحن ندين الهجوم على المواطنين المسالمين، ونعرب عن أعمق تعازينا لذوي الضحايا والمصابين وكذلك لحكومة تونس". دانت الجزائر بشدة "الهجوم الإرهابي الجبان"، وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، "الجزائر تتابع لحظة بلحظة وبقلق شديد الأخبار الواردة من تونس بشأن الهجوم الإرهابي الجبان، والذي أزهقت فيه أرواح بريئة بدم بارد"، وأكدت الجزائر "تضامنها الكامل واللامشروط مع تونس رئيسًا وحكومة وشعبًا أمام هذه العملية اليائسة التي لن تبلغ بأي حال من الأحوال الهدف الذي يريده لها منفذوها في زعزعة أمن واستقرار تونس الشقيقة والنيل من عزيمة كل مكونات المجتمع التونسي المتماسك والمتكاتف". كما دان "حزب الله" بشدة الجريمة الإرهابية النكراء، ولفت إلى أن "هذه الجريمة هي حلقة في سلسلة الإرهاب الذي يطال الإنسان والمقدسات والتراث ويضرب الأمن والاستقرار ويشوه صورة الدين الحنيف ويمزق وحدة الأمة ويهدد مستقبل أبنائها وعيشهم الآمن والحر والكريم"، وأكد أن "الإرهاب لا يميز بلدًا عن آخر، أو طائفة عن أخرى، أو مجموعة سياسية أو اجتماعية عن أخرى، إنما يعمم إرهابه وحقده على الجميع خدمة للعدو الصهيوني، ومن يقف وراءهم من دول وقوى وأجهزة مخابرات". مظاهرات منددة بالحادث تجمع مئات التونسيين بالعاصمة للتنديد بالهجوم الدامي، ورفع المتظاهرون أمام المسرح البلدي بقلب العاصمة أعلامًا تونسية وهتفوا بشعارات معادية للإرهاب، وردد المتجمعون بالخصوص "تونس حرة والإرهاب على بره"، و"دحر الإرهاب واجب"، و"بالروح بالدم نفديك يا علم"، ورددوا بين الفينة والأخرى النشيد الوطني. تونس في دائرة الإرهاب هذه العملية الإرهابية من شأنها أن ترفع حالة الإنذار في البلاد وأن تطرح جملة من التحديات أمام السلطات الجديدة، كون الحادث وقع في منطقة رسمية وأمنية وفي قلب العاصمة التونسية، مما ينذر بدخول تونس في دوامة الإرهاب بعدما حاولت الإدارة الحاكمة الجديدة منع الإرهابيين من عبور أراضيها للمشاركة في القتال الدائر في سوريا والعراق، إلا إنها تتخوف من خطر عودة الإرهابيين المشاركين في الحرب الدائرة في هذه الدول، وهو الخطر الذي تعمل السلطات على احتواءه بكل الإمكانيات وذلك في وقت تخوض تونس فيه حربًا ضد الإرهابيين في جبال الشعباني وتتلمس خطرهم على الحدود مع ليبيا. كان تسجيل نُسب لأحد قياديي جماعة القاعدة في تونس، توعد فيه بشن هجمات جديدة في البلاد، ومتبنيا تنفيذ العديد من الهجمات على القوات الأمنية، إذا هو إعلان يجعل تونس هدفًا تضعه الجماعات الإرهابية في اعتبارها.