مرت 4 سنوات على بداية الأزمة السورية التي تشهدها دمشق، حيث شهدت هذه الأعوام عدة تحولات إقليمية وتغييرات داخلية على الصعيدين السياسي والعسكري، فميدانيا تعززت قبضة الجيش السوري وتراجع نفوذ الجماعات المسلحة، أما على الصعيد الدبلوماسي فتتجه معظم الدول نحو الحكومة السورية لمراجعة علاقاتها مع دمشق، بينما تجتاح الانشقاقات صفوف المعارضة التي تحاول لملمة صفوفها من أجل حضور اجتماع القاهرة الشهر المقبل. تشهد هيئة التنسيق السورية المعارضة خلال الفترة الراهنة كثير من الانشقاقات على خلفية اختلافات تلوح في الأفق بين تيارين الأول يتزعمه هيثم مناع وقريب من الإدارة المصرية وآخر تتزعمه جماعة الإخوان المسلمين تحت رعاية تركية، لكن هناك تيار وسط ينفرد بالدعوة إلى المزاوجة بين الإستراتيجيتين، والجمع بطريقة غير واقعية بين التعامل مع مصر التي تدعو إلى عزل «الإخوان»، وبين تركيا التي تدعم نفوذ الإخوان في كل الأطر السياسية. عزز هذا الانقسام استقالة 40 عضواً من أعضاء هيئة التنسيق، والقرار الذي أبلغه المستقيلون لقيادة الهيئة بأنه يأتي احتجاجا على أخطاء تنظيمية وسياسات متضاربة، فيما يراه متابعون ضربة موجعة في توقيت تسعى قوى المعارضة لملمة صفوفها، بينما يبرر المنسحبون قرارهم بالتهميش، والاعتراض على اجتماع باريس بين الهيئة والائتلاف. اندلعت الأزمة بعد لقاء جمع مسؤولون من هيئة التنسيق ونظرائهم في الائتلاف السوري المعارض في باريس، حيث يعتبر تيار مهم داخل الهيئة اجتماع باريس بمثابة طعنة للقاء القاهرة، خاصة أن عضوين من الائتلاف ينتميان إلى «الإخوان»، وهي الجهة التي عملت منذ بداية الأزمة، على وضع يدها على الكتل السياسية للمعارضة في الخارج، وعملت على عزل المعارضة الداخلية، ونقضت أكثر من اتفاق معها، ومنعت إشراكها في أي وفد تفاوضي إبان جنيف واحد واثنين، كما تقول تقارير في هذا الشأن إن هذه الشخصيات عملت على أسلمة المعارضة وعسكرة الحراك وتطييفه، ورفعت شعار التدخل الخارجي، وكلها شعارات تتناقضت مع الأطراف الأخرى. وقال بيان هيئة التنسيق السورية تعقيبًا على لقاء باريس «إنه محاولة لإجهاض إعلان القاهرة الذي استطاع توحيد عديد من التيارات المعارضة السورية في الداخل والخارج والتي كان بينها جزء أساسي من الائتلاف، كما أنه صفعة موجهة لضرب التعاون بين مختلف الفصائل المشاركة والإخوة المصريين الذين لم يتورطوا في مواقف عصبوية وعدائية لأي طرف من المعارضة السورية، ويٌشكل صفعة أراد توجيهها المحور التركي – الفرنسي لمصر بُعيد رعايتها لإعلان القاهرة». من جانبه، قال المعارض السوري "هيثم مناع" في تصريحات خاصة للبديل إننا أمام حراك فعلي مختلف نوعيا عما سبقه ومشكلة الإرهاب أصبحت مطروحة على الطاولة بشكل أوضح بكثير من اجتماع القاهرة 2012 الذي تم برعاية الجامعة العربية، مؤكدًا أن حراك القاهرة مستقل عن أي تمويل أو تجيير أو توظيف أو احتواء. وتوصلت هيئة التنسيق السورية المعارضة إلى 10 نقاط في اجتماع القاهرة يناير الماضي تحت أرضية مناسبة وصالحةً للتفاوض مع النظام السوري وفقًا للحل السياسي، ويضيف مناع أن المؤتمر القادم في القاهرة منتصف ابريل سيناقش الموضوعات الأساسية والخريطة السياسية من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات وفقا لقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولى، مؤكدًا أن وزير الخارجية المصري سامح شكرى وعد بأن مصر ستقدم كل الدعم اللازم لانجاح هذا المؤتمر. خلال الأيام القليلة الماضية، أعلن "مناع" عن إطلاق تيار جديد اسمه «قمح» معتبراً في بيان أن هذه المبادرة الجماعية انطلقت من اجتماعات متفرقة داخل سوريا وخارجها، مؤكدا أنه ليس مشروع حزب معارض جديد بل يعتمد على الأولويات والمهمات المباشرة في بلد عاش أزمة ودمار منذ 4 أعوام ، لذلك لابد من حل سياسي يوقف العنف المدمر، موضحا أن قمح يعتبر إعلان القاهرة في يناير أساسا صلبا لإنطلاق عملية سياسية في إطار إعلان ومؤتمر جنيف1.