يعد من أقدم المؤلفات الفارسية التي اختصت بتراجم شيوخ الصوفية الكبار، يمكن من خلاله التعرف على أصول علم التصوف ومبادئه ومفاهيمه، إضافة إلى مشارب الصوفية، ولطائفها، واصطلاحاتها، وبالرغم من أهميته كمرجع أصيل في تراجم الأئمة من كبار الصوفية، فإنه لم يطبع في مصر حتى صدرت الطبعة المعربة منه حديثًا. أصدرت دار آفاق للنشر والتوزيع، كتاب «تذكرة الأولياء» للعلامة فريد الدين العطار، بترجمة وتحقيق الدكتورة منال اليمني عبد العزيز، لتكون الترجمة الأولى في مصر، وخلالها حافظت المترجمة على روح النص الفارسي الأصلي، فضلًا عن دراستها العلمية التي قدمت بها هذه الترجمة. الكتاب في التراجم والسير، ترجم فيه المؤلف لاثنين وتسعين وليًا من أولياء الله الصالحين من أهل التصوف، وحصر العطار أسباب تأليفه هذا الكتاب في رغبة إخوانه في الدين أن يؤلف لهم كتابًا عن الصالحين، وأن يبقى الكتاب ذكرى منه، فيذكره من يقرؤه بالدعاء، بجانب الاستفادة من كلام المشايخ، وكلام الأولياء جند الله، فذكر كلامهم وإيراد قصصهم في رأيه يقوي قلب المريد، ويقول العطار إن كتابه ليس في الدنيا أحسن منه، وإنه يجعل المخنثين رجالا، والرجال شجعانًا، والشجعان أفرادًا، والأفراد عين الألم. يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة فصيحة تناسب الصوفية في الفناء ووحدة الوجود،ويؤكد مضمونها نسبتها إليه حقًا، إنه يقول فيها: "الحمد لله الجواد بأفضل أنواع النعماء"، وتلي هذه المقدمة أخرى بالفارسية يبين فيها سبب تأليفه الكتاب، ويختمها بفهرست الفصول، بالمناسبة يتألف الكتاب من سبعة وتسعين فصلًا يخص كل فصل واحدًا من كبار الأولياء، وقد بدأ العطار الكتاب بترجمة الإمام جعفر الصادق، وختمه بالإمام محمد الباقر. كما أصدرت مطابع الدار كتابًا إضافيًا للعطار وهو«منطق الطير»، الذي يتناول مجموعة تمثل كل الطيور التي كانت البشرية تعرفها حتى زمن فريد الدين العطار، ويروي لنا النص في بدايته كيف أن هذه الطيور تجتمع ذات يوم، وقررت البحث عن ذلك الطائر الذي يمكنها أن تجعل منه ملكًا عليها، والطائر المنشود هو ذلك الطائر الخرافي الذي يحفل الأدب الفارسي بوجوده منذ بدايات وجود ذلك الأدب "السيمرغ"، وهو يعادل العنقاء في الأساطير العربية، وطائر الفينيق في الأساطير القديمة. تقرّر الطيور القيام بالرحلة التي توصلها إلى السيمرغ، أما الدليل الذي تعمد الطيور إلى اختياره ليقودها في الرحلة فهو الهدهد، الذي قاد سيدنا سليمان الحكيم إلى ملكة سبأ، والذي انطقه الله تعالى إذ قال لسليمان: اطعت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين. غير أن الهدهد ليس الطائر الوحيد الذي يتكلم في «منطق الطير»، لأن الطيور كلها تتكلم، ومن هنا عنوان الكتاب، وإن كان ثمة من يترجمه باجتماع الطير على اعتبار كلمة منطق آتية المصدر من نطاق، لا من مصدر نطق، والأمر يحتمل التأويل والسجال على أية حال. فريد الدين العطار، شاعر فارسي متصوف، عاش في القرن الثاني عشر الميلادي، من أشهر أعماله "منطق الطير"، تحدث عن نفسه في كتابيه "مصيبت نامه، والهي نامه"، فذكر صراحة بأنه ألفهما في صيدليته "داروخانه"، التي كان يتردد عليها في ذلك الوقت 500 مريضًا، كان يفحصهم ويجس نبضهم.