مات زوجها بعد أشهر قليلة من إتمام الزفاف فى احدى عمليات القصف العشوائية من قبل المسلحين بشمال سيناء وتركها حاملًا بابنها الوحيد، وبعد الولادة لم تجد عائلًا يقوم برعايتها والإنفاق عليها، وأمام تخلى جميع أقاربها عنها كونها من القبائل المهاجرة على سيناء لم تجد مفرًا سوى بناء "عشة" صغير تحتمي به من البرد والأمطار الشديدة التي تجتاح شمال سيناء مع دخول فصل الشتاء . اختارت "أم محمد" مكان العشة على سهل منبسط بين تلين من الرمال، مؤكدة أنها فضلت هذا الموقع لكونه مصدًا طبيعيًا لرياح الشتاء العاتية بمنطقة سكانية بعيدة عن العمران بصحراء سيناء . حصن الفقير في الشتاء "أم محمد" ليست الوحيدة التي تقوم ببناء هذه العشش أو ما يطلق عليها البدو باللهجة المحلية "الكمر"، التي يقتصر وجودها فقط في فصل الشتاء، فمع بداية دخول هذا الفصل البارد تشرع سائر النسوة في ديار بادية سيناء في بنائها أملًا في صد البرد القارس، والاحتماء من الأمطار الغزيرة، بحسب ما قالت "أم محمد" . مع حلول الشتاء تتناثر هذه الأكواخ الصغيرة التي يصنعها فقراء البدو، ويرفعونها ب 4 أعمدة من الشجر تغرس في الأراضي الرملية وتثبت بالأوتاد، وباستخدام حزم الحطب الأخضر يغطي سطح وجوانب البناء، ليكتمل جسم الكوخ النهائي . جهزت "أم محمد" منذ أواخر فصل الخريف لبناء "الكوخ" الذي ستحتمي به هي وأبنها بعد أن تخلى عنها جميع أقاربها وإخوانها، حيث تركها زوجها وهي تعيش في "عشة" إن أتت رياح ولو بسيطة سوف تجرفه وتُمسي هي وابنها بدون مأوى يحميهم من شدة الرياح والأمطار التي تصل إلى حد السيول، فقررت أن تبني هذا "الكوخ" الذي يستغرق بناؤه من 3 إلى 10 أيام، فهو منزل الشتاء بالنسبة لطبقة البدو الفقيرة بسيناء ممن عجزت الحكومة على توفير مساكن إسمنتية مناسبة لهم في القرى النائية، كما عجزت جيوبهم عن الوفاء بتكاليف تشييد جدران منازل أسمنتية، لذلك كانت الأكواخ مأواهم إلى أن يتغير الحال . يتم بناء الكوخ على مساحة تتراوح بين 4 – 8 أمتار، ويتكون من أربعة قوائم رئيسية وأفقية من أعمدة خشبية قوية، وتتصل المسافات الفارغة فيما بينها بأعمدة أصغر يتم تغطيتها بطبقة من النايلون لمنع تسرب البرد والمطر منها، ثم تكسى بأهداب من الحطب الأخضر وأغصان الأشجار أو جريد النخل، وتترك فتحة عبارة عن باب للدخول من أحد جوانبه . ملهى الأغنياء تعتبر "الأكواخ" هي منازل الفقراء من البدو في سيناء الذين لا يكلفهم بناؤها سوى القليل من الحطب وأغصان الشجر القوية، ولكن الأغنياء أيضًا لا يمكنهم الاستغناء عنها، حيث يقول "محمود علي" يقطن جنوب مدينة رفح.. "على الرغم من امتلاكنا المنزل الإسمنتي الكبير الذي نعيش فيه، إلا أننا لا نشعر بالدفء إلا وجميع أفراد الأسرة مجتمعين حول موقد النار المشتعل في ليل الشتاء داخل الكوخ الذي صنعته مع أولادي داخل أسوار المنزل" . ولا يختلف شكل "الكوخ" بالنسبة للفقراء عنه بالنسبة للأغنياء، حيث يسود التراث البدوي فتكاد تشترك قبائل البدو في جميع أرجاء شبه جزيرة سيناء في نفس التصميم . وكانت قد اجتاحت حالة من الطقس السيئ مدن شبه جزيرة سيناء، مع تساقط الأمطار بغزارة مصحوبة بالرياح والأتربة، مما تسبب في إعاقة حركة السير على الطرق، وحركة المواطنين بالشوارع، نتيجة لتراكم المياه، مع إغراق كافة الشوارع الرئيسية، وتجمع كميات كبيرة من المياه في الميادين الرئيسية التي تحولت إلى برك ومستنقعات، فضلا عن تساقط الثلج والبرد فى محظم انحاء شبه جزيرة سيناء ،كما انقطع التيار الكهربائي عن العديد من مدن شمال سيناء لساعات، نتيجة سوء الأحوال الجوية التي اجتاحت المحافظة .