لو انت قاعد ناحية اليمين مع "ألتراس" شرعية فاعمل نفسك مش واخد بالك إن أوغلو، رئيس وزراء تركيا، شارك رؤساء الإرهاب في المظاهرة الباريسية "إرهابيون ضد الإرهاب" أما لو زنقك أحدهم بتصريح أو صورة لأحفاد الدولة العثمانية، وهم جنبًا لجنب مع أباطرة الإجرام والإرهاب، فلعلك ستبدأ فورا في حملات الدفاع عن السياسة الراشدة الحكيمة والماكرة للأتراك، وكيف أن مشاركتهم في المظاهرة تعد انتصارًا للإسلام، وخدعة عظيمة ضد أباطرة الشر.. مع أن التجربة أثبتت بما لا يدع للشك أن الولوج في نهج التبرير لا يأتي إلَّا بشر مستطير. ولو قاعد ناحية الشمال مع "ألتراس" عبَّاد الاستقرار، وأصحاب لافتات احنا اللي أسرنا قائد أسطول الأمريكان واخترعنا علاج للإيدز كمان، وحاملو البشارة بالتنمية والرخاء والأمن والأمان لكل وطني شريف يلتزم بالنص المقدس بأن "من دخل داره فهو آمن، ومن وشى بزميله أو جاره المعارض فهو آمن، ومن أغلق عقله فهو آمن، ومن نزع الرحمة من قلبه فهو آمن" لو كنت قريبا منهم ستجد نفسك تلقائيًّا تشمت في رؤساء تلك الدول، الذين لم يظهر منهم رجلًا نبيهًا يتعلَّم من السيسي كيفية مواجهة الإرهاب، ولم لا؟ وهو الذي سبقهم بمئات السنين الضوئية ليظهر ويحذَّر العالم، قبل الحادثة بأيام من خطورة الواحد وستة من عشر مليار اللي عاوزين يقتلوا العالَم اللي فيه السبعة مليارات؛ عشان يعيشوا همه! هذه ببساطة النتيجة الحتمية لكل من يتمسك بالمتغير؛ ليجعله ثابتًا ومبدأً أصيلًا.. فلو كنتم من المؤمنين بأن الحرب فعلًا صليبية على الإسلام وأهله، ولم تسلقون مرسي بألسنةٍ حدادٍ، حين كان مرشحًا للرئاسة وزار الكاتدرائية وهنأ البابا شنودة، مثلما نلتم من دين كل سياسي قام بنفس الأمر فلتتهموا ميزانكم حينئذ، فلعلكم عن الحق مائلون، ولو طعنتم في دين كل داعية، بل ووصمتموهم بالنفاق لتهنئة الأقباط في أعيادهم، وأغمضتم أعينكم عن تهنئة رموز الإخوان في مكتب الإرشاد وحركة حماس للأقباط في مصر وغزة، فربما كنتم في حكمك جائرين. أم أنك ترفع شعار "كذاب بني ربيعة أحب إلينا من صادق مضر ". لو كنت مع الحق تميل معه حيث مال، لما اعتبرت أن تركيا هي حضن الإسلام وراعي المقاومة الفلسطينية، ولتغير موقفك فورا بمجرد تعليق وزير خارجية تركيا "جاويش أوغلو" على الانتقادات الأمريكية بشأن علاقة بلاده بحركة حماس وقوله "الجميع يعلم الفرق بين الخط السياسي لحماس السابق وحماس الوقت الراهن، وتركيا أكثر الدول التي ساهمت في إحداث ذلك الفرق، حتى أننا أقنعنا حماس بأن الوقت الذي سيتم التوصل فيه إلى حل، فإنه سيتضمن الاعتراف بدولة إسرائيل مستقلة". أمَّا لو أنك من المصفقين وصانعي أنصاف الآلهة، ومن الذين يفخرون بأن بلدنا هي أول من حذرت العالم من الإرهاب، وهي من ستقضي للأبد عليه؛ خصوصًا بعد التعاون مع الكائنات الفضائية التي وعدت بالقضاء على الإرهاب في المداخلة الشهيرة بقناة المحور، فاعلم هداك الله أن الإرهاب شجرة خبيثة وضعت قوى الاستعمار والمستبدين بذرتها، وتكفل المتطرفون والطائفيون برعايتها، وروى تعظيم الحكام طينتها، وتكفل السكوت عن الظلم بأن أسمدها، أما المسؤولون فهم فقط من يجنون ثمرتها.