أعلنت وزارة الموارد المائية والري رسميًا رفض المشروع المقترح لربط النيل بنهر الكونغو، ورفع تقرير بهذا الشأن إلى مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والجهات السيادية المعنية بملف المياه. وعللت وزارة الرى رفضها بأن المشروع لم يمر بدورة المشروعات المتعارف عليها عالميا، والتي تبدأ بالمرحلة الاستكشافية، تليها مرحلة ما قبل الجدوى الاقتصادية، ثم مرحلة الجدوى الاقتصادية، وأخيرا تقديم الدراسات النهائية لدخول المشروع طي التنفيذ، لافتة إلى أن كل ما تم تقديمه لا يتعدى مرحلة طرح الفكرة فقط. يذكر أن مشروع ربط النيل بنهر الكونغو، يستهدف نقل 110 مليارات متر مكعب سنويا إلى مصر، وأن هذه الكمية تمثل ضعف حصة مصر السنوية من مياه نهر النيل. يقول الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه والأراضي، إن رفض وزارة الري لمشروع ربط نهر الكونغو بالنيل في الفترة الحالية يعد خطأ كبيرا، لافتا إلى إن عدد سكان دول حوض النيل 437 مليون نسمة يتصارعون على 84 مليار متر مكعب فقط من المياه، وفي عام 2050 سيصل تعدادهم إلى 878 مليون نسمة يحتاجون 878 مليار متر مكعب مياه، وستشتعل الحروب بينهم على مياه النيل، ولا بد من جلب مياه من خارج النهر. أضاف "نور الدين" أن التعداد السكاني في مصر سيصل إلى 135 مليون نسمة في عام 2050، ستتعدى احتياجاتهم المائية 135 مليار متر مكعب مياه سنويا، ولا يوجد لدينا سوى 61 مليارا فقط، منها 55.5 من مياه النيل و5.5 مياه جوفية وأمطار، مشيرا إلى أن العجز المائي في مصر سيرتفع إلى 75 مليار متر مكعب، مع فرضية أن حصة مصر من المياه ستبقى ثابتة، علما بأن سد النهضة سيقلل المياه القادمة من النهر الأزرق بمقدار 12 مليار متر مكعب. ولفت خبير المياه إلى أنه في حالة مقارنة تكاليف مشروع ربط النيل بنهر الكونغو، ببعض المشاريع مثل تفريعة قناة السويس الذي يتكلف 9 مليارات دولار أي ما يعادل 64 مليار جنيه مصري والعائد منه 3.5 مليار دولار، سنجد أن الجدوى الاقتصادية لمشروع الربط مجزية، مؤكدا أن تكلفة المشروع تقارب ال30 مليار دولار، وفي حالة تخصيص 10 مليارات متر مكعب لقطاع الصناعة بسعر المتر 50 جنيها سيزيد العائد عن 500 مليار جنيه مصري، ولو تم ضخ مليار متر مكعب من المياه للفنادق والقطاع السياحي بسعر المتر 500 جنيه، سيكون هناك عائد مادي آخر يقدر ب500 مليار جنيه، بخلاف العائد من قطاع الزراعة واستصلاح الأراضى 4 مليون فدان، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وباقي السلع وحجم العملة الصعبة التي نهدرها في استيراد القمح والزيوت والفول والعدس والذرة والسكر واللحوم والزبدة والألبان، ولذلك لا يمكن حساب التكاليف فقط، لكن ينبغي حساب العائد أيضا من المشروع. على الجانب الآخر، أوضح الدكتور هيثم عوض، رئيس قسم الري والهيدروليكا بهندسة الإسكندرية، أن مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل، غير مجدٍ اقتصاديا من الناحية الفنية؛ لأن التصرف التصميمي المقترح يعادل 3171 م/ ث، وهذا يحتاج إلى مواسير أو أنفاق نظرا لبلوغ منسوب نهر الكونغو عند بداية الوصلة المقترحة جنوب مدينة كيسانجاني الكونغونية 410 م فوق سطح البحر، ويبلغ منسوب نهر النيل عند المصب "الوصلة المقترحة" شمال مدينة بوليا عند بحيرة ألبرت 625 م فوق سطح البحر أي أنه يوجد فارق في المنسوب ما يقارب من 200 متر، وبافتراض أن سرعة التدفق في المواسير 2 م/ ث يكون العدد المطلوب لمرور هذا التصرف، نحو 2000 ماسورة بقطر 1 مم بطول 600 كم، أي أن المواسير فقط تقدر تكلفتها ب2 ترليون جنيه. وتابع: «القدرة المطلوبة للضخ تبلغ 80 جيجاوات، أي ثلاثة أضعاف قدرات المحطات المصرية، بتكلفة 85 مليار جنيه لرفع التصرف التصميمي، وبذلك تكون التكلفة الرأسمالية للمشروع 2 ترليون و850 مليار جنيه كحد أدنى دون تكاليف تركيب المواسير»، مؤكدا أن المشروع يحتاج إلى طاقة ضخ سنوية تبلغ 716 ألف جيجا وات / ساعة، وبافتراض تكلفة إنتاج الكيلو وات 1.5 جنيه، فإن تكلفة الضخ السنوية تصل نحو ترليون جنيه، ولذلك يعد المشروع غير مجدٍ اقتصاديا. واختتم: «المشروع سيواجه عائقين، الأول أن وصول هذه المياه لجنوب السودان سيؤدي إلى فقد كميات ضخمة تصل إلى 95 % منها في منطقة المستنقعات، والثاني أنه في حالة النقل إلى مجرى النيل الرئيسي في مصر والسودان الذي لا يستطيع نقل أكثر من 90 مليار متر مكعب من المياه سنويا، فإن الكمية الإضافية التي يمكن أن يستوعبها المجرى، لن تزيد عن 35 مليار متر مكعب من المياه، وهي الكمية التي لا تتوافق مع تكلفة المشروع الباهظة، بجانب أن هذه الكمية يمكن توفيرها من خلال مشاريع استقطاب المياه من المستنقعات، والتى توقفت بعد انفصال السودان».