وجهت بكين صفعة قوية لأمريكا، الأسبوع الماضى، بإعلانها خلال اجتماع لجنة تنمية العلاقات مع الصين بجمعية رجال الأعمال،عن قرار ربط التعاملات التجارية مع مصر بعملة اليوان أو الجنيه المصرى، والاستغناء عن الدولار، ما لاقى ترحيبًا من البنك المركزي المصري عندما أعلن عن ضم اليوان إلى سلة عملات الاحتياطي النقدي، فيما يدرس البنك المركزي الأوروبي ضمها إلى احتياطياته الأجنبيه، ما فسره الخبراء والمصرفيون بأنه خطة محكمة تنتهجها الصين للتربع على عرش التجارة الدولية بعد القضاء على الدولار، الذي يعاني من التذبب والهبوط المستمر نتيجة اضطراب الأوضاع الاقتصادية الأمريكية، والتأثير السلبي لذلك على حركة التجارة العالمية، ورحبوا بالقرار الصيني لما له من أثر إيجابي على ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار داخل السوق المصرية؛ فالمستثمرون لن يضطروا إلى تحويل الجنيه لدولار في ممارساتهم التجارية. «الصين تتبع خطة محكمة لتحويل اليوان إلى عملة دولية منذ عقد مضى، وبدأت بالدول الآسيوية»، وبحسب قول الدكتورة يمنى الحماقى، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس، فإن الصين تسعى بقوة لمزاحمة أمريكا ومنع الدولار من التربع على عرش التجارة العالمية، كما كان يستحوذ على 60% من المعاملات التجارية سابقًا. وأكدت الحماقى، وفي إشارة للمستقبل، أن الصين تتبع فكرة "بطيء ولكنه فعال"، من خلال استغلال القوة الاقتصادية الناعمة، والتحرك تدريجيًّا لإضفاء صبغة دولية لعملتها ورفع قيمتها الاقتصادية عالميًّا، بسحب البساط من أسفل أمريكا وعرض خدماتها المالية على الدول الخاضعة للهيمنة الأمريكية، وخاصة الآسيوية والشرق أوسطية، فبدأت بدول آسيا، ثم إفريقيا، متجهة إلى قارة أوروبا بعدما فشلت أمريكا في مواجهة أزمة منطقة اليورو وإنقاذ اليونان من الإفلاس. وأوضحت الحماقى أن الدولار الأمريكي ينازع حالياً لأجل البقاء على عرش التجارة العالمية، كما أن للصين استثمارات بمليارات الدولار، وبالتالى إنهيار إمبراطورية الدولار والهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي لن يتم إلى على المدى الطويل، وعن تأثير قرار قصر التعاملات التجارية مع الصين على اليوان أو الجنيه على قيمة الدولار ومدى توافر اليوان في السوق المصرية، رأت الحماقي أن قيمة الجنيه ترتفع نسبيًّا نتيجة انخفاض عمليات تحويله لدولار، إضافة إلى انخفاض الطلب على الأخير، بينما على الصعيد الدولي فحجم التعاملات التجارية المصرية لا يتعدى 10 مليارات دولار سنويًّا، وبالتالي تأثيره محدود وضعيف على العملتين "اليوان، الدولار"، لافتة إلى نصيب مصر من الإنتاج العالمي لم يتخط نسبة 1%، وهي نفس النسبة تقريبًا من حجم التجارة العالمية. وشاركها الرأي إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزي الأسبق، ورئيس بنك مصر إيران الحالي، بأن زيادة الصادرات الصينية يرفع قيمة اليوان ويقلل من الطلب على الدولار، كما أن قرار الاستغناء عن الدولار وربط التبادل التجاري بين الصين ومصر بعملة إحدى البلدين، يعزز من قيمة الجنيه المصري أمام الدولار داخل السوق المحلية، كما أنه يساهم في القضاء على ظاهرة السوق السوداء لتجارة العملة، لعدم وجود إقبال شديد على العملة الأمريكية. وتابع حسن، أنه مع تلاشي الهيمنة الأمريكية اقتصاديًّا وخاصة فى دول آسيا وإفريقيا، والاستحواذ اقتصاديًّا من قِبَل الصين وروسيا والهند على الدول النامية بجنوب شرق آسيا وإفريقيا، بدأ الدولار يفقد رونقه، لافتًا إلى ظهور اليورو بأوروبا واقتطاعه جزءًا كبيرًا من نصيب الدولار، ليصبح ثاني عملة منافسة له بجانب الجنيه الاسترليني، وتلحق الصين بالركب مضيفة اليوان ضمن سلة العملات الأجنبية الأكثر تداولاً فى حركة التجارة العالمية، مضيفًا أن الاقتصاد الحر من شأنه القضاء على الدولار؛ لأن أبرز مبادئه حرية تحديد المستثمرين لنوع العملة المتداولة بين طرفي الصفقة، ومع بداية ربط العملات بالبورصات العالمية وظهور "الفوريكس"، دخلت جميع العملات فى المنافسة، وبالتالي لم يبق الدولار الرائد في الاستثمارات العالمية. وأيدتهم في الرأي زينب هاشم، مدير عام الأموال والقطاع الخارجي فى البنك الأهلى، بأن مستقبل الدولار ضبابي على المدى البعيد، ولكن الإقبال عليه الآن قوي؛ لفائدته المرتفعة مقارنة بغيره من العملات الدولية، مؤكدة قدرة البنوك المصرية على استبدال اليوان بالدولار وتوفير السيولة الكافية منه للتجار، حال ارتفاع الطلب على الأخير، دون أي تأثير على قيمة العملتين، فيما يقتصر الضرر على السوق السوداء للصرافة؛ لاعتمادهم القوي على الدولار في أغلب تعاملاتهم المالية. وتتوقع الحكومة الصينية زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والصين إلى 11 مليار دولار بنهاية العام الجاري، بزيادة تتعدى المليار دولار، عن 2013″، بحسب تصريحات المفوض التجاري الصيني في مصر، هان بينغ. وبلغ حجم الصادرات الصينية إلى مصر 8.3 مليار دولار خلال عام 2013، كما تسعى الصين لتجنب أزمات النزاعات التجارية حول البضائع المغشوشة الواردة إلى مصر، من خلال تدشين موقع إلكتروني بأسماء جميع التجار المعتمدين لدى الحكومة الصينية؛ حتى لا يتم غش التجار المصريين في كفاءة بعض البضائع الصينية غير المعتمدة.