كشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن نيتها في عودة الدورة الزراعية إجباريا من الموسم المقبل، قرار قد يكون بمثابة رسالة الغفران من قبل وزارة الزراعة تجاه جموع المزارعين الذين همشتهم سياستها خلال العهد السابق. كان القرار الوزاري رقم 34 لسنة 1968 صدر لتنظيم الدورة الزراعية، عن طريق إعداد الكشوف والكروكيات والخرائط الخاصة بزراعة المحاصيل، واستمر هذا النظام متبعا إلى أن تم تحرير الزراعة في مصر عام 1995، ولم يعد هناك الزام للفلاحين بزراعة محصول ما، مما أضر بحجم المساحات المنزرعة من المحاصيل الاستراتيجية. يقول الدكتور نادر نور الدين، الخبير الزراعي، إنه بعد قرار تحرير التجارة العالمية عام 1993، ظن يوسف والي، وزير الزراعة الأسبق، أن تحرير التجارة يعني تحرير الزراعة أيضا، فارتكب خطأ فادحا نعاني منه حتى الآن، وهو السماح للفلاحين بزراعة لب التسالي، والسوداني، والنباتات الطبية والعطرية، وأقلعوا عن زراعة الفول والعدس وزيوت الطعام والذرة الصفراء، وقلت مساحات القمح، وانتهى القطن من مصر. وأضاف "نور الدين" أن هناك اتجاهين لعودة الدورة الزراعية مرة أخرى، أولهما أن تعود اختياريا بتحفيز المزارعين ووضع مكافآت لمن يلتزم بالخطة الاستراتيجية بزراعة المحصولات الرئيسية كالقمح، والذرة الصفراء، وعباد الشمس، وفول الصويا، والفول، والعدس، وبنجر السكر، وتكون في صورة عقود مجزية لاستلام المحصول بأسعار عالية، بجانب تيسير الحصول على مستلزمات الإنتاج من أسمدة وتقاوي بأسعار مدعمة، وتقديم خدمات مجانية للفلاح من تسوية الأرض بالليزر وخلافه من خدمات. وتابع الخبير الزراعي أن ثاني الطرق، موافقة الفلاحين على عودة الدورة الزراعية إجباريا، وتحديد القري بأكملها والزمامات التي تزرع المحصولات التي تحتاجها مصر، واستلامها بأسعار تعاقدية ترضي الفلاح. من جانبه، طالب الدكتور محمد أبو السعود، الباحث بمركز البحوث الزراعية، بضرورة توفير برنامج قومي للنهوض بكل زراعة استراتيجية أو لكل محصول له ميزة نسبية كالخضروات والطماطم والبطاطس والرمان؛ لتصديرها على هيئة مصنعات غذائية بدلا من تصديرها على حالتها الطازجة، ويكون ذلك بالتزامن مع تطبيق الدورة الزراعية. وأكد "أبو السعود" أن تحفيز الفلاحين بالزراعات التعاقدية والأسعار الاسترشادية لتطبيق الدورة الزراعية، خطوة جيدة، شريطة أن يتم تقديم خدمات مجانية للفلاحين، بالإضافة إلى تقديم دعم عيني متمثل في مستلزمات الإنتاج والأسمدة إلى المزارعين الفعليين للأرض أيا كانت صفتهم، وليست لمالك الحيازة فقط، موضحا أن اتباع الدورة الزراعية ستحافظ على جودة وخصوبة الأرض، والتقليل من استيطان الآفات والأمراض للأراضي، مما يترتب عليه التقليل من استخدام المبيدات الملوثة للبيئة. وأشار إلى ضرورة إدخال المحاصيل الاقتصادية ضمن الدورات الزراعية، بحيث لا تكون قاصرة فقط على المحاصيل الاستراتيجية، مطالبا الدولة بضرورة إقامة كيانات صناعية جديدة للحفاظ عليها كالقطن، وأن نسرع في إنشاء الصوامع؛ لاستلام أكبر كم من الناتج المحلي للقمح.