«دوستويفسكي كان بالنسبة لي سيكولوجيًا وحيدًا جديرا بالتعلم منه»، هكذا وصف الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، رحلته النفسية والفكرية مع أعمال الأديب الروسي فيودور دوستويفسكي، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم. عرُف «دوستويفسكي» بأنه كان شديد الاقتناع بأفكاره مدافعًا هنا بكل ما أوتي من قوة غير عابئ بالآخرين، فمن أشهر أقوله «دع العالم يذهب إلى الجحيم، لكن يجب دائمًا أن أحصل على فنجان الشاي الذي لي». يعد «دوستويفسكي» واحد من أكبر الكُتاب الروس ومن أفضل الكتاب العالميين، إذ كانت لأعماله أثر عميق ودائم على أدب القرن العشرين، شخصياته دائماً في أقصى حالات اليأس وعلى حافة الهاوية، ورواياته تحوي فهمًا عميقًا للنفس البشرية كما تقدم تحليلًا ثاقبًا للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في ذلك الوقت، ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات وأصبحت افكارها وشخصياتها جزءًا من تراث البشرية الروحي. من أشهر أعماله روايتا «الجريمة والعقاب» و«الاخوة كارامازوف»اللتان عبرتا بأكمل صورة عن فلسفة الكاتب، كما كانت رواياته الأخرى «مذلون ومهانون»، «الأبله»، «الشياطين» و«المراهق» على جانب كبير من الأهمية والطرافة. ولد فيدور دوستويفسكي في 11 نوفمبر عام 1927 بموسكو، وولع في صباه بميول التمرد وانبهر بالطموحات المثالية للكاتب الألماني شيلر، واحب روايات "ديكنز" الذي كان يجيد إثارة العطف على الناس المهانين، وكانت قريبة إلى نفسه تعرية التناقضات الاجتماعية في أعمال "بلزاك" الذي ترجم له فيودور دوستويفسكي رواية "أوجيني غراندي" قبل عامين من إصداره لأول عمل أدبي هو رواية «المساكين»، لذا تجد عالم «دوستويفسكي» يتصارع الرحمن مع الشيطان والخير مع الشر والحقيقة مع الزيف، ومضمار هذا الصراع هو قلب الإنسان على حد تعبير إحدى شخصيات روايتة «الاخوة كارامازوف». اصتطدم دوستويفسكي مع السلطات الروسية، لكونه أحد اعضاء جماعة التفكير المتحرر «دائرة بتراشيفيسكي»،مما تتسبب في اعتقاله ونفيه غإلى سيبريا، عاش دوستويفسكي الأعوام الثمانية الأخيرة من حياته في مدينة ستارايا روزا بمحافظة نوفغورود بشمال غرب روسيا، إذ تعد هذه المرحلة مثمرة في نتاجه الأدبي حين أبدع رواياته «الشياطين» و«المراهق» و«الاخوة كارامازوف» وذاع صيته في روسيا وخاصة بعد إلقائه كلمة مشهورة في مراسم افتتاح تمثال الشاعر الروسي العظيم الكسندر بوشكين في موسكو. توفي «دوستويفسكي» ودفن في كاتدرائية ألكسندر نيفسكي في مدينة بطرسبورغ التي كانت انذاك عاصمة للامبراطورية الروسية.