قبل تسعة عشر عامًا فقدت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية أحد أهم مؤسسيها، عبر اغتيال مخابرات الاحتلال الصهيوني أحد أبرز المناضلين الفلسطينين "فتحي الشقاقي" الذي طالما عرف بقيادته لكفاح طويل ضد العدوان الإسرائيلي وكبّده الكثير من الخسائر. ولد "فتحي الشقاقي"، في الرابع من يناير عام 1951 بمخيم رفح بمدينة غزة، ودرس في جامعة "بير زيت" بالضفة وتخرج من دائرة الرياضيات، وعمل في سلك التدريس بالقدس في المدرسة النظامية ثم بمدرسة الأيتام، وفي أثناء عمله درس مرة أخرى الشهادة الثانوية؛ نظرًا لرغبته الشديدة في دراسة الطب، حيث التحق بكلية الطب جامعة الزقازيق 1974. أسس "الشقاقي" ومجموعة من أصدقائه حركة الجهاد الإسلامي أواخر السبعينيات، وأراد بذلك أن يكون حلقة من حلقات الكفاح الوطني المسلح ل"عبد القادر الجزائري"، و"الأفغاني"، و"عمر المختار"، و"عزّ الدِّين القسَّام" الذي عشقه "الشقاقي" حتى اتخذ من اسم "عز الدين الفارس" اسمًا حركيًّا له. قاد "الشقاقي" حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وسجن بغزة عام 1983 لمدة 11 شهرًا، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى عام 1986 وحكم عليه بالسجن الفعلي مع وقف التنفيذ؛ لارتباطه بأنشطة عسكرية والتحريض ضد الاحتلال الإسرائيلي ونقل أسلحة إلى القطاع. نفذت مخابرات العدو الصهيوني جريمة اغتيال "الشقاقي"، للقضاء على مشروع الجهاد الإسلامي بعد الضربة الموجعة التي وجهتها حركة الجهاد الإسلامي للكيان الصهيوني في عملية "بيت ليد" عام 1995، والتي أسفرت عن مقتل 22 جنديًّا إسرائيليًّا وجرح 108 آخرين، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "إسحاق رابين" أوامره باغتيال "الشقاقي"، وبناء على ذلك قرر جهاز "الموساد" وضع خطّتين لاغتيال "الشقاقي". في الخطة الأولى تم تقديم اقتراح بخطف "الشقاقي" خلال رحلته التي تمرعن طريق مالطا، لكن "رابين" عارض هذه الخطة خوفًا من ردود الفعل السياسية، فيما كانت الخطة الثانية تستهدف اغتياله في مالطا نفسها، وهي الخطة التي أثارت إعجاب "رابين" حيث وافق عليها على الفور. في يوم الخميس 26 أكتوبر 1995، وصل "الشقاقي" في سفينة ليبية إلى مالطا باعتبارها محطة اضطرارية للسفر إلى دمشق، في ظل الحصار الجوي المفروض على ليبيا، وكان يحمل جواز سفر ليبياً باسم مستعار هو "إبراهيم الشاويش"،وفور وصوله توجه إلى فندق "دبلومات" في مدينة سليما، وعند الساعة الحادية عشر صباحًا غادر "الشقاقي" الفندق متوجهًا إلى مكتب للطيران لحجز تذكرة سفر إلى دمشق في اليوم التالي، وفي غضون ذلك، كانت شبكة من الموساد تتربص به وتتابع تحركاته. وعند الساعة الواحدة وعشرين دقيقة، وخلال طريق العودة وعلى مقربة من الفندق، اقترب منه أحد عناصر الموساد، وحين أصبح بجانبه أشهر مسدسه وأطلق عدة رصاصات من مسافة قريبة جدًّا فاخترقت طلقتان الجانب الأيسر من رأسه ولم يكتف القاتل بذلك، بل تابع إطلاق ثلاث رصاصات أخرى على مؤخرة رأس الشهيد.