أختتم المؤتمر الثانى الذى عقدته "رابطة الكنائس الإنجيلية في الشرق الأوسط" حول "الإنجيليون والحضور المسيحي في المشرق" خلال الفترة من 10 الى 12سبتمبر فاعلياته بعدد من التوصيات وهى: الدعوة الى التأكيد على أهمية الحضور المسيحي وتثبيته في المشرق، والتأكيد على ضرورة استمرار الحياة المشتركة بين المسيحيين والمسلمين، والدعوة الى حماية جميع المكونات المشرقية بغض النظر عن دينها، والعمل على نشر التراث المشرقي الروحي بجميع الوسائل الإعلامية المتاحة، والتأكيد على دور المواطنة والدولة المدنية وسيادة القانون في حماية جميع متساكني هذا الشرق، وأخيراً توضيح موقف المسيحيين المشرقيين تجاه قضايا الشرق الملحة. وقد أكد الدكتور القس أندريه زكى – رئيس الرابطة من مصر أن أعضاء اللجنة التنفيذية للرابطة اختاروا بالإجماع مصر، لتكون هي الدولة الراعية لهذا المؤتمر، باعتبارها الدولة الأكثر أمنا وأمانا في هذه المرحلة. كما أوضح أن مؤتمر ضم عدد من الشركاء من مختلف الدول العربية والاوروبية وأمريكا، كونه مؤتمرا دوليا. وأن أحد أهم أهدافه هي نقل الصورة الحقيقية لمصر في هذه المرحلة إلى مختلف دول العالم من خلال الحضور الذين لمسوا الوضع الحقيقي وتعايشوا معه بأنفسهم. فيما أعرب أعضاء الوفد إلى فضيلة الامام الاكبر الدكتور أحمد الطيب، عن ثقتهم وتقديرهم للدور الكبير الذى يقوم به الازهر في المرحلة الحالية، من خلال وضع كافة الآمور في نصابها الصحيح، والعمل على توحيد وجهات النظر بين مختلف الاطراف دون النظر إلى الجنس أو الدين أو العقيدة. كما قام أعضاء الوفد بنقل صورة المسيحيين في العديد من الدول العربية، وما يتعرضون له من انتهاكات نفسية وجسدية على يد المتشددين بعض البلدان مثل العراق وسوريا وليبيا. ومن جانبه أكد الأمام الاكبر أن ما يحدث في المنطقة من قبل بعض الجماعات الإرهابية هدفها المجتمع ككل، مشيرا إلى ضحايا الإرهاب من المسلمين يفوق ضحاياه من المسيحيين. كما شدد على أهمية الدور المشترك للمسيحيين والمسلمين في المجتمعات المشرقية، موضحا أن الأزهر الشريف سوف يقوم بعقد مؤتمر دولي خلال أكتوبر القادم يشارك فيه علماء دين من مختلف بلدان العالم، يتم من خلال التأكيد على براءة الإسلام مما تقوم به حالياً الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش"، والحركات الجهادية والتكفيرية الأخرى. لافتاً لضرورة الدعوة إلى التأكيد على أهمية الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، والتي تقوم علاقة الحب والمودة والمنافع المشتركة داخل المجتمع الواحد. بينما استمع رئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب، و الدكتور محمد مختار جمعة– وزير الأوقاف إلى المشكلات والهموم التي يتعرض لها المسيحيون في عدد من البلدان على يد جماعات التكفير الارهابية، وما يدفعهم إلى ترك بلادهم والهجرة إلى خارجها. وقد أكد "محلب" أن مصر ستكون دائما قلبا مفتوحا للجميع، محملا أعضاء الوفد برسائل تطمينية بالنيابة عن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي قائلاً: أنه يعيش هموم المسيحين في المنطقة، كما يعيش هموم المسلمين أيضا. مؤكدا أن المخاطر مازالت حتى الآن موجودة بمصر، لا سيما بعد أصبح الإرهاب اليوم صناعة وعلماً، لذلك فلا بد من تكاتف الجميع لمواجهته والقضاء عليه. وألقى المؤتمر الضوء على موقف الإسلام والمسلمين من المكون المسيحي في الشرق وماذا يعني للمسلمين أن يعيشوا في دولة واحدة مع مكونات دينية من غير المسلمين — وأن يتفاعلوا معهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبالتالي ما هي مصلحة المسلمين في بقاء المسيحيين في المشرق ووقف نزيف الهجرة. وشدد المتحدثون من الباحثين وعلماء الدين الإسلامي في المؤتمر، على ضرورة التمييز بين الإسلام كدين، وتصرفات ومواقف بعض من المسلمين هنا أو هناك. مؤكدين أن الإسلام براء من الممارسات التي تقوم بها المنظمات الإرهابية التي تتخذ من العنف أسلوبا لها كما أكدوا أن الدولة وأجهزتها هي المسئول الأول والدائم عن حماية المواطن، وشددوا على تحصين المواطنة على أساس الشراكة في الوطن الواحد، وعلى أن المسيحيين أصيلون في أرض الشرق وليسوا دخلاء عليها، وهم من أصحاب الوطن، وقد قدموا الشهداء دفاعا عنه — وما زالوا. كما تطرق المؤتمر الى التحديات التي تواجه الإنجيليين المشرقيين، وتواجه شركاءهم الغربيين، في الحاضر والمستقبل. وقد أكد الحضور على إن المجتمعات الإنجيلية المشرقية فاعلة ومؤثرة، وهي وارثة لحركة إصلاح ونهضة أخلاقية واجتماعية وثقافية وتربوية وأكاديمية مشهود لها، وتحمل تاريخا مشرقيا عريقا، ولها مساهمات في ولادة الحس الوطني لدى شعوب المنطقة، ودور بارز بإطلاق حركات التحرر والتغيير والإصلاح والنهضة في الشرق، ناهيك عن العدد الكبير من المدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعية المختلفة التي أسسوها والتي تخدم المجتمع بلا تمييز. ونوه المؤتمرون بضرورة إعادة إحياء الدور الإنجيلي المحوري في تنشيط الحركة المسكونية وتوحيد كلمة المسيحيين على أساس وحدة الإيمان والمعمودية وليس على أساس الخوف من الآخر. وأخيرا، تطرق الشركاء الذين حضروا من الكنائس والمؤسسات الغربية والعالمية الى مسألة علاقة الإنجيليين بالكنائس والمؤسسات الإنجيلية – البروتستنتية الكبرى في العالم. وأهمية تفعيل وتوسيع مساحات التعاون ومد الجسور بين الإنجيليين المشرقيين والمجتمعات الإنجيلية الغربية الفاعلة والمؤثرة من خلال الرابطة، وذلك لأجل عمل المصالحة وإحلال السلام ومناصرة كل قضية وطنية عادلة ومحقة.