أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بالتوسع في استصلاح الأراضي الصحراوية، ووضع ضمن الخطة القومية استصلاح أربعة ملايين فدان مقسمة على مراحل، تنفذ الأولى على مدار سنة باستصلاح مليون فدان، غافلا الأزمة المائية التي تمر بها مصر، والتى حققت عجزا مائيا قدرة 20 مليار متر مكعب سنويا. رصدت «البديل» آراء الخبراء للوقوف على مدى جدوى مشروع استصلاح الأراضي، أم التوسع الرأسي في الأراضي الزراعية القائمة بالفعل يكون أكثر مواءمة للظروف المائية التي تمر بها مصر في الوقت الراهن. قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والمياه بزراعة القاهرة، إنه في ظل الأزمة المائية الحادة التي تمر بها مصر، فضلا عن أزمة الكهرباء التى يتم استخدامهما في تشغيل مواتير الري، من الأفضل التوسع الرأسي في الأراضي القديمة، التي تبلغ مساحتها 8.6 مليون فدان، أي زيادة إنتاجية الفدان من الأراضي الزراعية القائمة وبنفس كميات المياه المستخدمة عن طريق التوسع في استخدام التقاوي ذات الإنتاجية العالية، وتوفير مقننات الأسمدة في أوقات الاحتياج إليها، بجانب توفير المبيدات الآمنة والموصى بها عالميا. وأضاف "نور الدين" ل"البديل" اليوم، أنه لو تم اتباع توصيات المراكز البحثية في الزراعة، سنصل بإنتاجيتنا في بعض المحاصيل إلى الإنتاج العالمي، موضحا أن محصول الفول في إنجلترا وفرنسا يعطي 2.5 طن للفدان، وفي مصر طنا واحدا فقط، والعدس يعطي 2.5 طن في سوريا وإسبانيا وإيطاليا، ويعطي في مصر 900 كجم فقط، والقمح في هولندا ينتج الفدان 24 أردبا، بينما في مصر 15 فقط، ومؤكدا أن الإفراط في الأسمدة لا يزيد من إنتاجية المحصول، ولكن إذا تم استخدامها بالمعدلات الموصي بها، ستزيد المحصول بنسبة من 30 – 50%. وأشار "نور الدين" إلى أن العجز المائي البالغ 30 مليار متر مكعب، يستحيل معه التوسع في المزيد من استصلاح الأراضي الجديدة؛ لأن التعداد السكاني وصل إلى 90 مليونا، ونصيب الفرد ينبغي ألا يقل عن ألف متر مكعب سنويا لكي نكون فوق حد الشح المائي، واحتياجات مصر 90 مليار متر مكعب مياه سنويا، يتوفر 60 مليار فقط، منها 55.5 مليار من حصتنا في نهر النيل، و5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية، نعوض جزء منها باستخدام 10 مليار متر مكعب من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالج لتخفيض العجز إلى 20 مليار متر مكعب سنويا، وبالتالي على مصر أن تعمل على سد العجز المائي أولا ثم التفكير في التوسع الأفقي في استصلاح الأراضي الجديدة؛ لأن استصلاح مليون فدان مثلا يحتاج إلى 5 مليار متر مكعب سنويا بمعدل ري منخفض لا يتجاوز 5 آلاف متر مكعب للفدان، واستصلاح أربعة ملايين يحتاج إلى 20 مليار. من جانبه، أوضح الدكتور محمد دراز، أستاذ بشعبة البيئة وزراعة المناطق الجافة بمركز بحوث الصحراء، أنه في ظل العجز المائي الذي تمر به مصر، لابد أن نضع نصب أعيننا هذه الظروف عندما نضع خطة للتوسع في استصلاح الأراضيح لأنه لابد من توفير المياه اللازمة لاستمرار الزراعة لمدة 80 عاما على الاقل؛ لأن الزراعة تعد من الأنشطة كثيفة الاستهلاك بالنسبة للمياه، لافتا إلى أنه لابديل عن الاستخدام الكافى للمياه، والتوجه إلى التوسع الرأسي في الأراضي الزراعية القائمة، وذلك لن يتأتى إلا باستخدام أحدث الطرق العلمية عبر تقاوي عالية الإنتاج كالانتخاب الوراثي وتقنية الانتخاب الجيني، بجانب تطبيق التوصيات البحثية في الجامعات ومراكز البحوث الزراعية.