نقيب الفلاحين: الطماطم ب 50جنيها.. واللي يشتريها ب "أكثر من كدا غلطان"    رسميا.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 وحقيقة ترحيلها للقطاع الخاص (الأحد أم الخميس)    شراكة استراتيجية مع «الصحة العالمية» لتعزيز نظام الرقابة على الأدوية في مصر    عاجل - غارات إسرائيلية جديدة تهز شرقي لبنان    اشتباكات كثيفة بالمدفعية وغارات جوية على طول خطوط الجبهة في شرقى أوكرانيا    حسين لبيب: نتمني مواجهة ريال مدريد في السعودية.. بطل سوبر أوروبا مع بطل سوبر إفريقيا    عمر جابر: ركلة جزاء الأهلي نقطة تحول في مباراة السوبر.. واللعب للمنتخب شرف لأي لاعب    مدحت شلبي يكشف تفاصيل مكالمة محمد عبدالمنعم مع حسام حسن قبل معسكر أكتوبر    محمد أسامة: جوميز من أفضل المدربين الذين مروا على الزمالك.. والونش سيعود قريبًا    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    العثور على جثة حارس مهشم الرأس في أرض زراعية بالبحيرة    أحلام هاني فرحات بين القاهرة ولندن    10 تغييرات في نمط الحياة لتجعل قلبك أقوى    5 علامات للتعرف على نقص الفيتامينات والمعادن في الجسم    مستقبل وطن البحيرة يطلق مبادرة للقضاء على قوائم الانتظار    لبنان: استشهاد 45 شخصا وإصابة العشرات في أحدث الهجمات الإسرائيلية    السعودية تعرب عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع الأمنية في لبنان    بايدن: سنواصل الوقوف إلى جانب أوكرانيا    أجواء حماسية طلابية في الأنشطة المتنوعة باليوم الثاني لمهرجان استقبال الطلاب - (صور)    سعر استمارة الرقم القومي يصل ل 800 جنيه.. إجراءات جديدة لاستخراج البطاقة في دقائق    هل 200 جنيه للفرد شهريا «مبلغ عادل» للدعم النقدي؟.. أستاذ اقتصاد يجيب (فيديو)    صالون التنسيقية يفتح نقاشا موسعا حول ملف التحول إلى الدعم النقدي    صناع السياسة في الصين يتعهدون بدراسة تدابير اقتصادية تدريجية    ملف رياضة مصراوي.. اقتراب رحيل صلاح.. تصريحات مجدي عبد الغني.. ومرموش يقهر هاري كين    طبيب الزمالك يكشف آخر تطورات علاج أحمد حمدي    الصين تتجه لخفض أسعار الرهن العقاري لإنعاش سوق الإسكان    انطلاق أولى ندوات صالون المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    المفتي: الإلحاد نشأ من أفهام مغلوطة نتيجة خوض العقل في غير ميدانه    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    من خلال برنامج القائد| 300 ألف يورو لاستكمال المركز الثقافي بالقسطنطينية    حزب الله اللبناني ينفي صحة التقارير المتداولة بشأن تسمية الأمين العام الجديد    المقاومة العراقية تحذر من إستخدام العراق منطلقا لعمليات التحالف الدولي ضد سوريا    مكون في مطبخك يقوي المناعة ضد البرد.. واظبي عليه في الشتاء    جامعة المنيا تقرر عزل عضو هيئة تدريس لإخلاله بالواجبات الوظيفية    مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة في مشاجرة على ري أرض بأسيوط    مصرع سائق إثر تصادم توكتوك بسيارة تريلا على طريق قويسنا بالمنوفية    جثة أسفل عقار مواجهة لسوبر ماركت شهير بالهرم    سقوط غامض لفتاة يثير لغزًا في أكتوبر    الفرح بقى جنازة، مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم جنوب الأقصر    4 شهداء ومصابون في قصف للاحتلال وسط وجنوب قطاع غزة    محافظ جنوب سيناء: 15% زيادة متوقعة بحجم الإقبال السياحي في أكتوبر ونوفمبر المقبلين    الأنبا باسيليوس يترأس قداس المناولة الاحتفالية بكاتدرائية يسوع الملك    د.حماد عبدالله يكتب: فى سبيلنا للتنمية المستدامة فى مصر !!    زوج أمام محكمة الأسرة: «كوافير مراتي سبب خراب البيت» (تفاصيل)    نسرين طافش أنيقة وفيفي عبده بملابس شعبية.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| اعتذار شيرين لشقيقها وموعد عزاء زوجة فنان وانطلاق مهرجان الجونة السينمائي    تامر عبدالمنعم بعد رئاسة "الفنون الشعبية": طالما لدي شباك تذاكر فالمسرح يهدف للربح    نابولي يفوز على مونزا 0/2 ويتصدر الدوري الإيطالي مؤقتا    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار أمام الجنيه اليوم الإثنين 30 سبتمبر 2024 (تحديث الآن)    السفيرة الأمريكية لدى مصر تشارك في فعاليات برنامج "هى الفنون" بالقاهرة    أمواج بارتفاع 4 أمتار.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الاثنين بدرجات الحرارة    "الحماية المدنية" تسيطر على حريق هائل في سيارة تريلا محملة بالتبن بإسنا جنوب الأقصر    عميد معهد القلب يكشف تفاصيل إنقاذ حياة شاب بعملية الأولى من نوعها    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سالم الشهباني : مصر.. نجيب محفوظ
نشر في البديل يوم 01 - 09 - 2014

التاريخ 30/8/2006، المكان مدينة /صلاله/ سلطنة عمان، الحدث/ المؤتمر الدولي للكتاب الشباب.
أثناء الحفل توقف مقدم الحفل وكأن شيء أصابه، قال: بصوت يملئه الحزن توفى إلى رحمة الله كاتبنا الكبير نجيب محفوظ، أصاب الحضور صدمة كبيره وكأن جبال صلاله وقعت على رؤوس الحاضرين كأن ربيعها تحول إلى خريف كأن شلالاتها توقفت ومياهها تجمدت، كأن طيورها سقطت جريحة.. وقف الحضور حدادًا، تمنيت لو كنت في القاهرة، يا الله القاهرة التي ودعتهُ اليوم، كما ودعت تمثال رمسيس، ونقلته إلى الصحراء، الاثنان الآن في المنفى، وقفت استقبل العزاء أنا والوفد المصري، وقلبي ينفطر، من الحزن على رحيله لم أقابله شخصيًا، لم أصافحه، أو ألقى عليه تحية الصباح، لم نشرب الشاي سويًا على مقهى في الحسين، لم نتبادل الحديث عن روايته أو أعماله العظيمة، لم يربت على كتفي ويبتسم من طفولتي، وأنا أسأله: كيف صنع أسطورته، وكيف كان ينظم وقته بهذه الصرامة والحدة، كيف تحولت الكتابة إلى عمل يومي، لم ينهرني عندما أصابني الإحباط والخوف، من مواصلة الحلم، لم أكن من حرافيشه لم أكن من جيرانه، أو بطلاَ من أبطال رواياته، أو حتى فنانا أدى دور في فيلم مأخوذ من أعماله، لم أكن صديقه في العمل، أو بائع الجرائد الذي اعتاد أن يحتفظ له بنسخ من كل الجرائد، لم أكن شخص قابله على كوبري قصر النيل مثلا بالمصادفة فهرول حتى يسلم عليه، لم أكن عامل الأمن الذي فتح له باب الأسانسير في زيارته لإحدى الجرائد، لم أكن صديقه الذي أسر له بشيء ما، أو أحد تلاميذه الذين تأثروا بأعماله، لم أكن راوي السيرة الشعبية على مقاهي الحكاوتية في حي الحسين، لم أكن صاحب مقهى عرابي، أو الفيشاوي، أو ريش، أو غيرها من المقاهي التي تردد عليها نجيب محفوظ كانت (القهوة) بالتعبير الدارج هي كنزه الحقيقي للتعرف على الشخصيات، لم يسعفني الحظ أن اكتب نفس النوع الأدبي الذي يكتبه.
أحببت أعماله وتلقيتها بكل شغف وحب، عرفت تاريخ مصر من أعماله أمنت بقضايا الفقراء والمهمشين، وأن يصدق الكاتب أهله، وأن يكون سفيرهم لتعبير عن قضاياهم، وأن يؤمن بالفن والجمال، ويكره التعصب والجهل، يحب العدل ويرفض الظلم ويغنى كلما ضاق به الطريق أغنيته الخاصة التي لا تشبه أحدًا آخر، هكذا كان نجيب محفوظ.
أعماله كثير تنوعت وتعددت مابين مراحلها، التاريخية، والاجتماعية، والفلسفية، ترجمت أعماله إلى لغات كثيرة وانتشر أدبه عالميًا، بعدما أمن بحارته البسيطة، كثير من الأعمال تحولت إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية، هذه معلومات تستطيع أن تصل إليها بكل سهولة، لذلك أنا أتحدث عن نجيب محفوظ الذي لم أقابله إلا على الورق، لكنى عرفته جيدا كيف يحب، كيف يفكر، كيف ينتقد، كيف يثور، كيف يبدع ما يرضي قلمه وضميره، هكذا كان…
كانت الأيام تنبئ عن رحيله، لكنى لم أتوقع أنها سوف تجيء بهذه السرعة! وأنا خارج حدود الوطن، أقف كأني أبنه الوحيد، الذي ضاقت به الدنيا ينهشه الحزن وتغرقه الدموع.
وقفت استقبل العزاء فيه، رحل كأنه الشمس تخرج من بوابات الكون، تغرب بلا أملاً في الرجوع، وتترك لنا الظلام، يلتهم ما تبقى من أرواحنا، لحظة غبت فيها عن الوعي، كأني في كابوس لا ينتهي، نظرت باتساع عيني في سرادق العزاء، نعم إنها شخصيات رواياته جاءت تعزيني، أعرفهم جميعا آتى أصدقاءه، وحرافيشه، وجيرانه، يقدمون واجب العزاء، جاء الشيخ مصطفى عبد الرازق الذي تعلم منه كاتبنا كيف أن الدين سماحة، ومحبة، وعدم تعصب، كيف أن الدين يجمع لا يفرق، وأن المحبة والسلام هي عنوان الأمم.
(سلامة موسى) الذي تأثر كاتبنا بأفكاره، كيف نقل موسى لنجيب محفوظ محبة التاريخ، تحديدا تاريخ مصر القديم مما جعل كاتبنا الكبير يصدر رواياته (عبث الأقدار، ورادوبيس، وكفاح طيبة) ،كيف جنحت أعماله للبساطة التي تحمل عمقا كبيرا وكيف احترم لغته العربية، كيف انفتح على الآداب العالمية والثقافات المختلفة، كيف تأثر كاتبنا بالأدب الروسي، (دوستوفيسكى، وتلستوى، وتشيكوف) وغيرهم الكثير.
جاء إلى سرادق العزاء، (طه حسين) و(محمود أمين العالم) وغيرهم الكثير من المفكرين والكتاب العظام، وكأن مصر كلها اجتمعت هنا، مصر بتاريخها العريق المثقف المستنير، الذي يرفض التعصب والتعسف، ويؤمن بالحريات والإبداع والجمال، أفقُت من هذا الحلم، على واقع مرير لقد رحل نجيب محفوظ بالفعل.
كيف لهذه الأرض التي أنجبت نجيب محفوظ، أن تنجب من يحرقها ويقتل أولادها بكل جهل، وتعسف، وفهم خاطئ لقواعد الدين!
عذرا نجيب محفوظ اليوم 30/ 8/2014 يمر، ومصر الجميلة التي أحببتها من كل قلبك، وعبرت عن تاريخها بكل جمال، وحب، نعم كنت وما زلت جزءَ مهماً فى تاريخها، اليوم تتعرض مصر للاعتداء والحرق، من قبل تجار الدين، الذين لا يعرفون سوى مصالحهم الشخصية، عذرًا نجيب محفوظ، تمر ذكراك ونحن مجرحون ألف مرة.
نسمع الضجيج وأصوات الطلقات النارية، أنباء عن قتلى يتحولون إلى رقم في نشراتنا الإخبارية، مصر تصرخ وتئن من الجرح، يغيب السلام والحب، فتغيب، كأنها الشمس تخرج من بوابات الكون، تغرب بلا أملاَ في الرجوع، وتترك لنا الظلام يلتهم ما تبقى من أرواحنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.