أعلنت الخارجية الأمريكية تراجعها عن تصريحاتها السابقة التي تضمنت اشتراك مصر والإمارات في شن غارات جوية على متشددين إسلاميين داخل ليبيا، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية "جين ساكي" في تصريحات سابقة: «ندرك أن الإمارات ومصر نفذتا فى الأيام الأخيرة ضربات جوية فى ليبيا». ورغم وضوح التصريح الأمريكي، الذي لا يمكن أن يحتمل أي خلط في الألفاظ بسبب الترجمة، فإن الخارجية الأمريكية أصدرت مؤخرا بيانا تنفي فيه هذا التصريح تماما قائلة إن التصريح «يقصد به الإشارة إلى دول أفادت تقارير أنها شاركت…». حول هذا التراجع الذي ينطوي على سذاجة سياسية واضحة، علق خبراء سياسيون بأن تراجع الإدارة الأمريكية عن موقفها يأتي في إطار نفي مصر، وكذلك بعد الانتقادات التي وجهت صوب أمريكا جراء التصريح الأول، موضحين أن التراجع يكشف استمرار تخبط الإدارة الأمريكية في قراراتها، خاصة أن الأمر يصب في مواءمات سياسية، وأن أمريكا حاولت إرسال رسالة إلى مصر مفادها أن إدارتها ما تزال المتحكم والمسيطر على القرار الدولي. يقول الدكتور حسن وجيه – أستاذ التفاوض الدولي والعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن السياسة الأمريكية متخبطة ومرتبكة منذ فترة طويلة، وهذه سمة من سمات الفترة الحالية، مشيرا إلى أن الانتقادات الكثيرة التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة في أعقاب تصريحها الذي نص على اسم كل من مصر والإمارات حرفيا، أجبرتها على التراجع، لاسيما في ظل عدم الاتفاق بين البيانات الأمريكية في هذا الخصوص. وأضاف أن مصر نفت حدوث ذلك رسميا، وحتى حال عدم النفي من المسئولين المصريين، فإن مصر لها حق رد العدوان والهجمات الإرهابية ضدها والقصاص لدماء الشهداء. ويرى الدكتور مختار غباشي – الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن الأمر يصب في مواءمات سياسية، فبداية طرح الاتهام المصري كان من جريدة نيويورك تايم، مشيرا إلى أن التدخل في ليبيا يحمل فعليا شبهة مصرية جزائرية تونسية، خاصة أن أكثر طرف تتم مطالبته بالتدخل هو الطرف المصري. وأكد أن زعم أمريكا أن مصر وراء قصف ليبيا ربما يكون نوعا من أنواع الابتزازات السياسية التي تمارسها أمريكا على مصر، وربما يكون طرح هذه الأمور ل «جس نبض» الموقف المصري وكيفية رده على هذه المزاعم. وأضاف الدكتور سعيد اللاوندي – أستاذ العلوم الدولية، أنه في البداية اتهمت أمريكا مصر والإمارات بقصف ليبيا من خلال طائرات مجهولة، إذ كانت أمريكا تريد أن تؤكد لمصر أن كل ما تراه مدانا تدينه، وعندما تراجعت تراجع العالم كله عن موقفه وأرجع هذا الموقف إلى الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي إلى موسكو وصفقات السلاح مع روسيا بالإضافة إلى أن أمريكا استفزها كثيرا استعادة مصر علاقتها مع روسيا مجدا. وأشار إلى أن أمريكا تراجعت بعد كثرة الانتقادات التي وجهت إليها باتهامها مصر والإمارات بالإضافة إلى نفي مصر هذا الاتهام وأن الطائرات المستخدمة غير موجودة في المجال الجوي المصري وتراجعها يأتي ضمن المخطط الأمريكي بأنها عندما تراجعت خفت وتيرة النقد على مصر وهذا يعني أن أمريكا هي الحاكم بأمره قديما وحديثا وعندما أدانت أمريكا مصر أدانها العالم وعندما تراجعت تراجع العالم، أي أن أمريكا تؤكد رسالة أنها هي الدولة التي تحتكر القرار الدولي بلا منازع.