لا يختلف بدو وأهالي سيناء عن باقي المصريين في التدين وإيمانهم بالرسل والأنبياء، فهم متدينون بطبعهم، ويعتقدون في كرامات الأولياء الصالحين لنيل بركاتهم، فيقدمون النذور والذبائح عند قبور الأولياء، اعتقادًا منهم بأنه من أسباب قبول النذور ببركاتهم، كما كان البدو قديمًا يقدسون بعض الأشجار ويتباركون بها، وكذلك بالأحجار، فكانت الرجوم والقبور والأضرحة شواهد على هذه المعتقدات التي نشأت بين البدو . كما كان البدو يعتقدون بوجود أولياء مفسدين وكانوا يرجمونهم بالحجارة ويصبون عليهم الشتائم مثل "مصبح الوالي المفسود" على درب الحج المصري في وادي المشتى، و"عمرى" الوالي المفسود في أعلى "وادي الأبيض" على بعد 10 أميال من خرائب "العوجاء" على درب "غزة"، وكانوا يرجمونهم بالحجارة اعتقادًا منهم بأنه هو عين الصواب حتى لا تصيبهم الأرواح الشريرة بالأذى. وكانوا يزورون القبور في المواسم والأعياد، ويدفنون موتاهم بالقرب من قبور هؤلاء الصالحين تبركًا بهم وشفاعة لموتاهم، كما كانوا يبنون فوق هذه القبور أضرحة وقبابًا ومقامات، ويتقدمون الذبائح من ماعز وإبل وأغنام شفاعة للميت من جانب ومن جانب آخر وفاء لنذر أو تمنيًا لقضاء حاجة أو لشفاء مريض أو زكاة عن أنفسهم وراحة لأجسادهم وأبنائهم وأحفادهم. وفي سيناء تتناثر قبور الأولياء بالعشرات، إذ أن البدو عندما يموت لهم شيخ صالح يبنون له ضريحًا وقبة ومقامًا، اعتقادًا بصلاحه، كما كانوا يذبحون للأنبياء، ومن العادات والمعتقدات لدى بدو سيناء زيارة تلك القبور والأضرحة كل عام وفي توقيت مختلف، ولكل قبيلة وقت مختلف لزيارة شيوخها، ومن أشهر تلك الأضرحة ضريح "الشيخ زويد" ويعرف بأنه قبر لأحد صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث إنه توفى أثناء قدومه إلى مصر مع الفتح الإسلامي تحت راية القائد "عمرو بن العاص" ودفن في المكان الذي توفى فيه فسميت المدينة باسمه. وهناك مقام الشيخ "سليم شريف أبو جرير" أحد مشايخ الطريقة الجريرية، ومن أتباع الشيخ عيد أبو جرير وتلاميذه، كان الشيخ عيد أنشا زواياه في سيناء وخرج منها تلاميذ ومريدون أصبحوا مشايخ ونداة حق وتوحيد كما يقول أتباع الطريقة الجريرية، ومقام الشيخ "حميد أبو جرير"، الذي يعتبر أيضًا من مشايخ الطريق الجريرية أكبر الطرق الصوفية في سيناء ومن أتباع الشيخ عيد أبو جرير، مقام الشيخ الدمياطي، داخل مسجد العباسي، أقدم مسجد في العريش أنشئ في عهد الخديوي "عباس حلمي الثاني"، أقدم مسجد في شمال سيناء، بجوار القلعة بسوق الخميس، مسجد الشيخ "عيد أبو جرير"، من الصالحين، وكان يتولى نشر الدين في بدو سيناء ويعمل حضرة يوم الاثنين والخميس بعد صلاة المغرب، وهو المسجد الوحيد الذي يعمل به حضرة. ولا تزال بعض القبائل السيناوية تعيش بجوار الأضرحة والمقامات، بمحافظة شمال سيناء، متمسكة بروحانيات آل البيت وأضرحة الأولياء الصالحين، وأقطاب الصوفية كجزء من تراث الآباء والأجداد الذي يعتقد فيه المصريون جميعًا، متعلمين وأميين. ولكن الجماعات الإسلامية تهدد مستقبل هذه الأضرحة والمقامات التي يعتبرها أهالي سيناء وخاصة الصوفية من أساسيات حياتهم اليومية، التي يستبشرون بها، حيث إن المواجهة بين الصوفية والسلفية بلغت أشدها في التسعينيات عندما اعتبرت الجماعات السلفية أن الطرق الصوفية ومن ينتمون لها تمثل منصات وقواعد للشرك بالله يجب اجتثاثها من جذورها، في حين اعتبرت الصوفية أن حربهم ضد السلفية تمثل تثبيتا للدعوة، واعتبروا أن السلفيين يمثلون أدوات غربية خفية لتنخر في جسد الأمة وتفككه وتهدد استقراره، مطلقين عليهم اسم "الوهابيين" باعتبار أنهم يتخذون من أفكار محمد بن عبد الوهاب مسارًا لهم يسعون لتطبيقه. وعقب ثورة 25 يناير انتشرت دعوات كثيرة من جماعات إسلامية بهدم جميع الأضرحة وخاصة بمحافظة شمال سيناء التي تتناثر بها الأضرحة، وبالفعل تم تفجير 3 مقامات لمشايخ الصوفية عقب ثورة 25 يناير، تفجير مقام الشيخ زويد أشهر الأضرحة بشمال سيناء والذي سميت مدينة الشيخ زويد باسمه، مرتين بوضع عبوات ناسفة أسفل الضريح، وتم تدميره بالكامل. كما تم تفجير ضريح الشيخ "حميد أبو جرير" بمنطقة المغارة مركز الحسنة بوسط سيناء، وفي نفس التوقيت تم تفجير ضريح الشيخ "سليم شريف أبو جرير" بمنطقة مزار مركز بئر العبد، بوضع عبوات محلية الصنع بها مادة ال"تي ان تي" أسفل الأضرحة لتفجيرها ومن جانبها أعلنت الطرق الصوفية في مصر، إنشاء ما يسمى "الصوفية الجهادية" لحماية الأضرحة من الاعتداءات، بعد تصريحات من قِبَل الجماعات الإسلامية عن ضرورة تحرير مصر من فكر المقامات. إذ قال الشيخ "عبد الخالق الشبراوي" شيخ الطريقة الشبراوية في مصر: إن "الصوفية الجهادية عبارة عن مجموعات أمنية صوفية على استعداد للتدخل والرد على أي عدوان، حتى وإن كان مسلحًا، على أي مقام من مقامات آل البيت أو أضرحة الأولياء في مصر".