ولد في قرية شبرا باص، مركز شبين الكوم، التابع لمحافظة المنوفية، يوم 17 ديسمبر 1926. حين بلغ الثانية عشرة من عمره انتقل إلى مدينة طنطا، والتحق بالمعهد الديني وظل يدرس به ويعيش بمفرده بعيدا عن والده، وكانت طنطا في ذلك الوقت عامرة بالقراء العظام كالشيخ سعودي والشعشاعي، فكان يستمع إليهم ويتعلم منهم ثم يعود إلى البيت محاولاً تقليد طريقة أدائهم حتى انتشر صيته بين زملائه الدارسين بالمعهد، ثم ما لبث أن التحق بالجامع الأحمدى مدة عامين لتلقى علوم القرآن، فدرس القراءات العشر، وحفظ الشاطبية للإمام الشاطبي وتفسيرها، على يد الإمام إبراهيم بن سلام المالكي، الذي نصحه بأن يذهب إلى القاهرة ليتعرف على العلوم الجديدة في القرآن وأحكام التلاوة. سافر إلى القاهرة ونزل على دارسين من أهل قريته، واقترب من عظام القراء، كالشيخ محمد سلامة والشيخ على محمود والشيخ طه الفشني. وفي عام 1946 تعلم الموسيقى علي يد الشيخ درويش الحريري، أحد عمالقة التواشيح، وتدريس المقامات الموسيقية، الذي ساعد البنا على إتقانها وتطويعها للتلاوة، واصفا صوته بأنه يحمل نغما ربانيا، فتعلم البنا التواشيح وأتقنها. في عام 1947 استمع إليه بعض المسئولين بجمعية الشبان المسلمين فقدموه إلى صالح باشا حرب، رئيس الجمعية، الذي قرر تعيينه قارئا بمسجد الجمعية، وقدمه لمدير الإذاعة في الحفل السنوي للجمعية الذي دعى إليه كبار علماء الأزهر والدولة. كانت الإذاعة تنقل الحفل على الهواء، واعتذر مدير الإذاعة لصالح باشا لأن البنّا لم يكن معتمدا لديها، فطلب صالح باشا منه أن يستمع والحاضرين للبنا بعد انتهاء الحفل، حيث أثنى عليه الحاضرون وطلب منه محمد بك قاسم، أن يذهب للإذاعة لتختبره اللجنة، وفي اليوم التالي تم اعتماده، وكان أصغر قاريء بالإذاعة. حينها اعترض عدد من قدامي القراء بالإذاعة على تعيينه وعلي أجره، وامتنعوا عن القراءة، فاستعان قاسم بك بالبنا لتلاوة القرآن عدة مرات في اليوم، ورفع الآذان، مما رسخ أقدامه سريعا وساعده علي اكتساب شهرة أوسع. بعدها تولى القراءة كل جمعة، لمدة خمس سنوات، بمسجد الملك فاروق في حدائق القبة. ثم انتقل قارئا بمسجد الإمام أحمد الرفاعي، لمدة خمس سنوات، وانتقل وراءه مئات من جمهوره المتيم بأدائه وصوته. بعد ذلك اختير قارئا بمسجد السيد البدوي، بمدينة طنطا، 23 عاما متواصلة. ربطته بوالدته علاقة روحية، فقد كانت تأخذه رضيعا لزيارة ضريح البدوي بطنطا، داعية الله أن يجعل ابنها خادما للمسجد، وعندما رأت الناس يلتفون حوله قارئا، علقت: رأيتك اليوم رئيسا للخدم، والحمد لله. منذ كان صغيرا اشتهر البنا بتوقع أشياء مستقبلية، ويتصادف أن تحدث فعلا، فاعتبره الأقارب وأهل القرية شيخا له كرامات. وقبل وفاته بيومين أملى علي نجله صيغة نعيه ووصف جنازته. كان والده يلح عليه دائما لبناء مسجد بمسقط رأسه، إلا أن والدته كانت ترفض بشدة. وتقول في عصبية شديدة: لو بنيته ستموت في نفس العام، وأنا لا أستطيع أن أعيش بدونك، فانتظر حتى ألقى ربي ثم افعل ما تريد، بعد رحيلها شرع في بناء المسجد وعندما اكتمل هيكله الخرساني وقبل الانتهاء من التشطيبات النهائية توفى البنا واستكمل أبناؤه بناء مركز الخدمات والمسجد بعد وفاته. في عام 1980، وبعد وفاة الشيخ الحصري، انتقل البنا إلى القاهرة ثانية، قارئا بمسجد الإمام الحسين. اختاره الأزهر الشريف لحضور كثير من المؤتمرات الإسلامية العالمية، ممثلا لأهل القرآن، وأوفدته وزارة الأوقاف مرات عديدة، للمسابقات العالمية كمحكم وقاض قرآني. وانهالت عليه الدعوات من الملوك والرؤساء والشيوخ العرب لإحياء المناسبات الدينية وافتتاح المؤتمرات الإسلامية العالمية. سجل «البنا» القرآن كاملا، مرتلا ومجودا للإذاعة المصرية، ولعدد من الإذاعات العربية والإسلامية. قرأ القرآن بالمسجد الأقصي بفلسطين، والأموي بدمشق، والحرمين المكي والمدني. وزار مساجد الجاليات الإسلامية في آسيا وأوروبا وأفريقيا. حصل البنا علي العديد من شهادات التكريم والأوسمة من مختلف الدول. وتسلم من جمال عبد الناصر هدية تذكارية عبارة عن طبق فضة يحمل توقيعه، عام 1967، وكان ناصر من طلب أن يسجل الشيج القرآن مرتلا كاملا للإذاعة، وكان من الذين قرأوا في وفاة والد عبد الناصر، وظل الشيخ وفيا لعلاقتهما وحريصا علي التطوع بإحياء ليلة ذكري رحيل عبد الناصر، حتي وفاته. وحصل علي ميدالية تذكارية من القوات الجوية في عيدها الخمسين 1982، وعلي درع الإذاعة في عيدها الذهبي 1984، وبعد رحيله، عام 1990، نال اسمه وسام الامتياز في العلوم والفنون. وكرمته محافظة الغربية بإطلاق اسمه علي الشارع الملاصق لمسجد البدوي. واعتمدت مشيخة عموم الطرق الصوفية الاحتفال بمولده، البنا، علي أن يكون الاحتفال بتلاوة القرآن والمدائح النبوية، أيضا تحتفل الإذاعة والتليفزيون كل عام بذكرى وفاته وميلاده. لعب دورا كبيرا في إنشاء نقابة لقراء القرآن 1983، وكان يكرر دوما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (القرآن رحم بين أهله)، ربطته صداقة خاصة بكل من الشيخ نصر الدين طوبار، الذي تزوج أخت البنا، وبالشيخ متولى الشعراوي، الذى صلي علي البنا، في مسجد الحسين، صلاة الجنازة، ولقنه ودفنه ودعى له عند قبره: اللهم أثبه خير ثواب عن كل حرف تلاه وعن كل من سمع حرفا وعن كل ما أذيع له من القرآن الكريم.