علقت عدد من الصحف العالمية على حزمة القرارات الاقتصادية التي بدأت الحكومة في اقرارها منذ يوم الجمعة الماضي، والتي شملت رفع الدعم عن الوقود وارتفاع اسعاره، وكذلك الغاز الطبيعي والكهرباء وعدد من السلع الغذائية، وأخيراً رفع نسبة الضرائب على عدد من السلع الاستهلاكية مثل السجائر والخمور. تنوعت تعليقات الصحف مابين ألقاء الضوء على هذه القرارات والآثار المترتبة عليها اجتماعيا، وتوضيح أن معدلات التضخم والدين العام في مصر تقف كعائق أمام اصلاح اقتصادي حقيقي، مشيرة في الوقت نفسه إلى التزام السيسي في تنفيذ برنامج اقتصادي متقشف في السنوات القادمة، متبعاً توصيات اقتصادية محافظة ستضع شعبيته على المحك وقد تدفعه لمصير سابقييه! صحيفة " ذا نليجراف" البريطانية أشارت إلى أن السيسي يجازف بشعبيته الحالية بتنفيذ وعود خفض الدعم ورفع الضرائب في محاولة لتحقيق التوازن في الميزانية القومية، حيث انتشرت احتجاجات واسعة النطاق بعد الإعلان عن القررات الاقتصادية بشكل مفاجئ الجمعة الماضية، والخاصة برفع الدعم عن الوقود، والتي لاحقتها رفع الضرائب على السجائر والكحوليات وعدد من السلع الأخرى، ورفع الدعم فيما سبق عن الكهرباء والغاز والسلع الغذائية. وأوضحت الصحيفة أن ما يحدث الأن هو إيفاء لوعد السيسي إبان حملته الانتخابية بأن فترة رئاسته لن تكون سهلة وستسبب في ألم ومعاناة في سبيل تحريك الاقتصاد المصري المحتضر، حيث رأت الصحيفة أن الميزانية الحالية تعاني منها مصر، حيث تعتمد على قروض ضخمة ومنح مقدمة من دول الخليج. وأوضحت "ذا تليجراف" أن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة المصرية كانت صادمة للعديد من المواطنين الذين يعانوا اصلاً من معدلات التضخم المرتفعة، ونقلت على لسان أحد المواطنين قوله بأن إلغاء الدعم بدون مراجعة الرواتب المنخفضة يعني أن السيسي لن يستمر لفترة طويلة وسيواجه مصير مرسي. وذكرت الصحيفة أن عجز الميزانية المصرية بلغ 33.7 مليار دولار أو ما يمثل نسبة 12% من الناتج المحلي، وهو الرقم متوقع عدم استقرار صعودا وهبوطاً بسبب التضخم الناتج عن الضخ النقدي من داعمي السيسي في السعودية والإمارات. وأضافت الصحيفة أن خفض الدعم لتقليص عجز الموازنة كان من شروط الحاق مصر ببرنامج القروض المقدم من صندوق النقد الدولي، وهي الشروط التي اعتبرتها حركات المعارضة المتعاقبة خلال السنوات الثلاث الأخيرة اعتداء على السيادة المصرية. من جانبها أشارت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية إلى أن القرارات الاقتصادية الجديدة في مصر تجنبتها الحكومات المتعاقبة، خوفا من رد فعل عنيف من جانب المواطنين، الذين يواجهوا بالفعل أزمات معيشية حادة مع ارتفاع اسعار المواد الغذائية وارتفاع معدلات البطالة وكذلك نسبة الفقر. وألمحت الصحيفة إلى أن ارتفاع الاسعار الجديد شق رئيسي من استراتيجية تقشف واسعة النطاق تنتهجها الحكومة المصري، من شأنها توفير مؤشرات حقيقية على شعبية السيسي في الفترة القادمة، فحسبما ذكرت الصحيفة "أنه على الرغم من انتخاب السيسي بنسبة تعدت 96% في مايو الماضي وسط إقبال منخفض فأن مصر بعد عام من الإطاحة بمرسي لاتزال منهكة ومنقسمة". وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من الاعتراض الشعبي على القرارات الاقتصادية الجديدة فأن عدد من المحللين أشادوا بها، خاصة وأنها دللت على استعداد السيسي معالجة قضايا حساسة اقتصاديا وسياسيا مثل قضية الدعم، لكنهم في الوقت نفسه أشاروا إلى عشوائية تنفيذ هذه القرارات التي اعتبروها بمثابة خطوة أولى نحو الإصلاح الاقتصادي. في السياق نفسه، أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن حزمة القرارات الاقتصادية الجديدة في مصر لا تلاقي شعبية عند عموم المصريين، ولكنها في الوقت ذاته لها أهمية كبرى في الاصلاح الاقتصادي المرجو تنفيذه في مصر، وأن الحكومة الحالية تعمل على تمرير قوانين وقرارات مؤجلة منذ سنوات خاصة بخفض الانفاق العام ورفع الدعم. وذكرت الصحيفة أن مركز "كابيتال" الاقتصادية في لندن اشار في ورقة بحثية أن عجز الموازنة المصري الذي قفز فوق مؤشر 10% مسبباً ارتفاعاً في نسبة الدين العام إلى ما يتجاوز 90% من الناتج المحلي، وحسب محللي المركز فأنهم أشاروا إلى أن سبيل الإصلاح المالي في مصر يتمثل في خفض الانفاق العام في الأجور والدعم المالي إلى أكثر من 50% مما هو عليه الأن، وأن الحكومة عليها أن تعتمد مالية عامة على أساس أكثر استدامة من مجرد اصلاحات جزافية، والتي لا تلاقي شعبية عند المصريين.