يقول الدكتور محمد المهدى (فالسلطة غير المنطقية أو غير الشرعية أو المستبدة لا تستطيع الاستمرار لفترات طويلة إلا إذا قامت بعمليات تزييف للوعى الجماهيرى فهى تريد أن تشكل هذا الوعى لكى يقبل منظومة السلطة وتوجهاتها ومصالحها دون الحاجة إلى الإفراط فى استخدام القمع الأمنى الذى ربما يكلفها ثمنا سياسيا أو اجتماعيا كبيرا، وتنجح عمليات تزييف الوعى أكثر فى المجتمعات ضعيفة الثقافة التى لاتملك عقلية نقدية تزن بها الأمور، تلك المجتمعات القابلة للإيحاء والاستهواء والتنويم والتغييب، تلك المجتمعات العاطفية التى يسهل تحريك مشاعرها فى الاتجاه الذى تريده الأدوات الإعلامية للسلطة) هوليوود.. واحدة من أكبر الوسائل الفعالة التى استخدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية كصناعة لفن الوهم وخداع الشعوب يعملون من خلالها على تمرير رسائل معينة عبر العقل اللاواعى للشعوب لخدمة مصالحهم واستراتيجياتهم الكبرى وذلك بغرض استمالة شعوب العالم وتطويعها لتبنى أفكارهم وتمهيد عقولهم للاعتقاد بها ظناً منهم أنها تصدر من قناعاتهم الشخصية وبذلك يكسبون من خلالها عطفاً وتأييداً لكل ما يريدون تمريره من سياسات. وما كانت فكرة الصهيونية والنظام العالمى الجديد وأيضاً الحرب على الارهاب الذين ترغب أمريكا فى توريدهم الى العالم الخارجى ونيل دعم شعوبه نحوهم الا من خلال ما كانت تروج له وتبثه عبر صناعتها للسينما وهو ما يمكن أن نسميه بالقوى الناعمة وهى القوى القادرة على تحقيق مرادها دون اللجوء الى استخدام العنف أو الآلة العسكرية ومن الطريف أن كلمة هوليوود فى ذاتها هى كلمة وثنية تعنى " الخشب المقدس" وهو الخشب الذى كانت تصنع منه أدوات السحر فى الوثنية والتى قيل عنها أنها مكنت السحرة من ارسال الناس الى غيبوبة والتحكم بهم، وبغض النظر عن حقيقة هذا الأمر من عدمه ولكن يتبقى لنا ما ترمز اليه الكلمة مما تفعله هوليوود بوضع الناس فى وضع شبيه بالحلم من خلال دور السينما حيث الغرف المعتمة ومشاهدة الشاشات العملاقة المضيئة، وهى الحالة التى يطلق عليها "حالة معلقة من الشك أو عدم الايمان" والتى يبدأ فيها المرء فى التصديق بأشياء يعرف مسبقاً أنها مجرد خيال. كما أنها وسيلة فعالة لما يسمى ب" الترويح عن النفس " من خلال الأدوات المطهرة للعقول التى هى عنصر مهم من عناصر آلة التحكم وهو ما يحدث من خلال تعاطف الأشخاص وبكائهم تأثراً بما يشاهدونه.. يأتى ذلك من خلال الأفلام وأيضاً من خلال شاشات الأخبار التى لا تكف عن اذاعة التجارب المأساوية فى العالم فيشاهدها الجميع ليأتى بعدها شعوراً نفسياً تلقائياً بالأمان والطمأنينة فى تجاربهم الخاصة وكيف أنهم يعيشون واقعاً أفضل كثيراً من غيرهم. ومن هنا كانت أهمية تحرير العقل من سلطان الوهم والخداع فيصبح قادراً على فضح التزييف والتشويه الاعلامى المتعمد لادراك الواقع من حيث كونه واقعاً كما يجب أن يكون لا كما يرغب آخرون- تحكمهم أهداف ومصالح دنيا- فى رؤيته.. يقول الأديب بهاء طاهر " عندما كانت حفنة من الأمريكيين تقتل على الشاشة جحافل الهنود الحمر فيسقط هؤلاء بالعشرات والمئات وهم يطلقون صرخات وحشية وكأنهم ليسوا بشراً ، وكأنهم يرتكبون جريمة لا تغتفر لأنهم يدافعون عن البقاء أحياء فى أرضهم ، ولكن حين يصاب "البطل" الأمريكى الفريد بجرح قاتل تتمهل الصورة وترتفع الموسيقى الحزينة وكأنما هى نهاية العالم قد حلت "