أثار رفض لجنة الخمسين إنشاء مفوضية للفساد، والاكتفاء بالتنسيق بين الأجهزة الرقابية بنص دستورى، على أن يختار رئيس الجمهورية رؤساء تلك الأجهزة بموافقة ثلثى البرلمان، نوعا من الجدل على المستوى السياسي والقانوني، فالبعض يرى ضرورة إلغاء نص إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد؛ كى لا تتحمل الدولة أعباء مالية، فيما وجد آخرون ضرورة تواجده بعد الثورة؛ لتحارب الفساد في كل أجهزة الدولة. قال عصام الإسلامبولى، الفقيه الدستورى والقانونى، إن رفض لجنة الخمسين إنشاء مفوضية للفساد خطأ كبير، موضحا أن الفساد هو أكبر ما عانيناه خلال الأنظمة السابقة، وكان لزاما علينا أن ننشئ مفوضية مستقلة تحارب الفساد الذى طال كل أجهزة الدولة. وأضاف "الإسلامبولي" ل"البديل" اليوم، إن إنشاء مفوضية مستقلة للفساد يتفق مع القوانين الدولية والمنظمات الدولية التى أنشئت من أجل محاربة الفساد حول العالم، مشيراً إلى أن إقرار اللجنة باختيار رؤساء الأجهزة الرقابية بموافقة ثلثى البرلمان، أمر لا يصح تطبيقه على كافة الأجهزة، لأن بعضها يحتاج إلى إعطاء الحق للعاملين بها اختيار رؤسائهم. ومن جانبه، قال محمد عوض الله، أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاهرة «كان من الضروري إلغاء تلك المفوضية؛ لأنها تحمل الدولة أعباءً مالية، كما أن التنسيق بين الأجهزة الرقابية موجود بالفعل، والمفوضية ليست ضرورة». وأشار "عوض الله" إلى أن الاتفاقية الدولية لا تلزم بإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد، إنما تنص على أن يتم إنشاء جهات لمكافحة الفساد والرقابة، وهي موجودة بالفعل في مصر، مضيفا «لابد أن يتضمن الدستور على نص بعدم عزل أي رئيس جهاز رقابي أثناء فترة خدمته إلا بحكم قضائي، لتعارض ذلك مع استقلالية الأجهزة الرقابية، لأنه لا يجوز أن يقوم بالعزل من تراقبه هذه الأجهزة». وفي سياق متصل، أكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أنه لا يوجد مبرر لإنشاء مفوضية للفساد، فلدينا أجهزة رقابية عديدة سواء من الناحية الأمنية أو مقاومة الفساد، مشدداً على ضرورة تفعيل تلك الأجهزة والتنسيق بينها بشكل يجعلها تتطهر وتطهر باقى أجهزة الدولة وتواجه كل الفاسدين، لافتاً إلى أن حالات الفساد الموجودة فيها فردية وموجودة فى كل الأجهزة. وتابع «لدينا مباحث الأموال العامة، والمخابرات العامة والحربية، والبرلمان بدوره الرقابى على الحكومة، وأجهزة أخرى عديدة منوط بها محاربة الفساد، ولكن يجب تفعيلها بشكل مسموع بحيث ما تنتهى إليه يجب أن يكون محل اهتمام من القضاء ومن ثم استرداد الأموال من هؤلاء الفاسدين التى تضبطهم». واختتم رئيس مجلس الدولة الأسبق أن الأجهزة الرقابية تتولى محاربة الفساد، والجديد فى ما أقره الدستور أن الرئيس لن يختار رؤساء تلك الأجهزة منفرداً، ولكن بالتوافق مع أغلبية أعضاء البرلمان، وبالتالي يضمن الشفافية.