رأى عدد من الأحزاب السياسية أن الحكومة تصر على أن تبقى مصر قيد أخطاء الماضي، بالحرص على الدوران في فلك الأخطاء نفسها، وإن تبدت في عباءات متباينة من عهد إلى غيره. ومردُّ تلك الرؤية إلى أن الحكومة تسعى إلى تمرير قانون التظاهر، الذي يعد قانونًا معنيًا بفترة زمنية مؤقتة تمر بها مصر، لكن الإشكالية أن الأسباب الداعية إليه ستنتهي، تاركة خلفها القانون المرتقب وعمومية ألفاظه واتساعها. قال طارق العوضي – رئيس اللجنة القانونية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وعضو الهيئة العليا، لا علاقة على الإطلاق بين قانون التظاهر المطروح حاليا في انتظار التصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية، وبين مواجهة الإرهاب الحالي في مصر، حتى يكون الإرهاب ذريعة لتمرير هذا القانون، فالقوانين الحالية تتضمن ما يفي ويكفي لمواجهة الإرهاب، بشرط أن تتوفر الإرادة الحقيقية لمواجهته بشكل قوي. وأضاف أنه لا يمكن القبول بتطبيق هذا القانون ولو لفترة مؤقتة، تحت شعار «لحين استقرار الأوضاع الأمنية»، لأنه ليس هناك ما يسمى ب «الديكتاتورية المؤقتة»، مشيرا إلى أن هذا القانون يكرس للدولة الديكتاتورية ولسيطرة الدولة البوليسية ولا يمكن أن تقبل أية جهة سياسية بهذا ولو بشكل مؤقت. وأشار إلى أن الدولة من حقها تنظيم الحقوق جميعها كحق التظاهر، عبر القوانين اللازمة، لكن هناك فارق كبير جدا بين تنظيم الحقوق وتقييدها بحجة التنظيم، فهذا القانون لا يمكن وصفه بأقل من أنه «تقييد للحريات». من جانبه، قال الدكتور حسام عبد الغفار – الأمين العام لحزب الدستور، إن حزب الدستور لا يرفض تماما وجود قانون ينظم الحق في التظاهر، لكنه يرفض هذا القانون تحديدا لأنه لا يحافظ على الحق في التظاهر ويقيده، فهناك بعض مواد يرفضها حزب الدستور، رغم عدم رفضه لفكرة وضع القانون. وأضاف أنه ضد القوانين التي تفرض لأسباب تمر بها الأمة، فالأسباب دائمًا تزول وتبقى عمومية ألفاظ القانون، فمن الحتمي عند وضع أي قانون أن نراعي أن السبب زائل. وقال شهاب وجيه – المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، إن الموافقة على تطبيق قانون التظاهر المطروح حاليا حتى استقرار الأوضاع الأمنية مرفوض تماما، مشيرا إلى أن أي قانون لا يوضع بشكل مؤقت، فالقانون يوضع من أجل أن يبقى قانونا. وتابع: نحن نعلم أن الوضع الأمني الحالي في مصر استثنائي وقانون الطوارئ مطبق قبل هذه الأوضاع الاستثنائية، أما القوانين التي من المفترض أن يستمر تطبيقها فلا بد أن تكون لها شرعية شعبية وشرعية برلمانية ويجب أن تراعي مواثيق حقوق الإنسان وأن تكون ملائمة لدولة بحجم مصر. وأشار إلى تصريحات الدكتور حازم الببلاوي – رئيس الوزراء، حول هذا القانون حيث أقر بأن القانون المقترح غير ملائم في الوقت الحالي، معتبرًا أنها تصريحات «إيجابية» وتدل على أننا أمام حكومة تريد اختلاق توافق بين قراراتها. وأكد «وجيه» أن مواجهة الإرهاب ليست لها علاقة بقانون التظاهر، حيث إن الإرهاب تتم مواجهته بقانون العقوبات فالإرهاب جريمة كبرى، أما بشأن ما يخص الحالة الاستثنائية التي تمر بها مصر حاليًا، فإن قانون الطوارئ موجود.