لم يذهب لطبيب طوال عمره الذى بلغ 128 عاما، عاصر 5 حكومات فلسطينية، يفطر يوميا على الزيتون ووجبة غذائه نصف أرنب، ولديه الآن 300 حفيد. الحاج "الحاج رجب التوم"، ولد فى شمال قطاع غزة عام 1885، ليعاصر ثلاثة قرون من التاريخ، وعمل كمزارع فى أرض والده، ثم انتقل بعد ذلك للعمل مع مهندس ألمانى فى حيفا فى فترة مقتبل عمره لعدم وجود مدارس فى ذلك الوقت. عاصر الحاج "التوم" خمسة حكومات تعاقبت على الدولة الفسطينية كان أولها الحكم العثمانى، وبعده الانتداب البريطانى، ثم احتلال اليهود للأرض الفلسطينية، وبعده ضم غزة لمصر والضفة للأردن، وأخيرا عهد السلطة الوطنية الفلسطينية. ويسعى أحفاد الحاج "التوم" لادراجه فى موسوعة جينيس للأرقام القيساسية كأكبر معمر فى العالم، حيث يملكون اوراقا تثبت بأنه ولد عام 1885، كما ذكرت شبكة فلسطين الاخبارية. ويروى الحاج "التوم" أول مراحل الحكم التى عاشها فى فلسطين قائلا "أول حكم كان موجود في فلسطين هو الحكم العثمانى، وعملت جنديا فى صفوف الجيش العثمانى منذ الثامنة عشر من عمرى، وكنا نتنقل مع الجنود على الجمال، ولم تكن في تلك الايام سيارات ولا دبابات ولا أى وسيلة مواصلات". وتابع "بعد سنوات طويلة، احتل الإنجليز بلادنا وقامت حرب بينهم وبين العثمانيين، وهرب الأتراك إلى بلادهم، وسيطر الإنجليز على بلادنا بعدما توافدوا عليها في البواخر، وكانوا يتنقلوا داخل فلسطين بالخيل، ويحمل كل جندي بندقيته". وعلى الرغم من تقدمه فى السن، إلا أن الحاج "رجب" يبدو بكامل قوته، ويملك ذاكرة تؤرخ أعواماً من الحروب التي مرت على الشعب الفلسطيني؛ بداية من الحرب العالمية الأولى التي شاركت فيها الدولة العثمانية الذي كان يعمل جندياً في صفوفها إلى حرب عام 1948، والتي شهدت تشريد الآلاف من الفلسطينيين ولجوئهم في منافي المخيمات، مروراً بحرب 1967 وغيرها من الحروب، وصولاً للحرب الأخيرة على غزة التي شهدت أبشع وأعنف أشكال العدوان والقتل. ويتحدث "التوم" اللغتين العربية والتركية بطلاقة، ويحفظ بعض الجمل من اللغة الألمانية والعبرية والانجليزية. وفي سن العشرين، تزوج "التوم" بفتاة من قريته، لكنه تركها بعد سنة من الزواج لعدم شعوره معها بالسعادة كما كان يحلم، ثم تزوج فتاة أخرى من أقاربه بعد عمله مع المهندس الألمانى وجنيه الكثير من الأموال، وهى الزوجة التى توفيت قبل عشر سنوات تقريبا. ويسرد "التوم" تفاصيل بداية الثورة الفلسطينية قائلا "حارب الحاج امين الحسينى والقاوقجى الانجليز مع المصريين، وقام بهدم الجسور والسكة، وأقام حكومة فلسطينية بمشاركة المصريين، وحذر الحسينى من بيع أراضينا لأى شخص ليس فلسطينى، وأمر رب كل بيت فلسطينى بشراء بندقية خاصة له للدفاع عن وطنه، وبالفعل اشترينا سلاح من تجار الجملة ". وأضاف "كان مقر الحسينى في القدس، واستمر حكمه قرابة ال 15 عاما، أقام خلالها دولة فلسطينية بمشاركة المصريين". ويتذكر أيام الثوار الفلسطينيين حينما كانوا يربطوا الكلب بحبل طويل ثم يجرون خلفه عتاد مليء بالبنزين ثم يوقدون البنزين في العتاد، فينطلق الكلب مسرعا في الاحراش القريبة من نقاطع تجمع اليهود هربا من النار فتأتى النار على الارض المحيطة بنقاط تجمع اليهود وصولا اليهم. وبعدما حرق هتلر اليهود في المانيا، بدأوا يتوافدوا على فلسطين كوطن قومي لهم، وبدأت الحروب والتهجير ونكبة 48 وكانوا يخبئوا الجنود المصريين في بيوتهم. ويستدرك حجم المعاناة "حينما كان يعود اللاجئين لأرضهم ليسقوها كان اليهود يقتلوهم في ارضهم، وبعدها قتلهم يضعوا الغام تحت ظهروهم وهم ميتين، حتى ينفجر اللغم في الميت، وفى قريبه حين يأتى لتفقده وحمله والعودة به فيموت الثاني ويلتحق بالأول، حتى استدرك اللاجئين هذه الخطة وبدأوا بسحب اقاربهم عن طريق حبل من بعيد للتأكد من عدم وجود الغام تحته، ثم يحملونه على الاكتاف من بلادهم الى غزة، ثم اشترى اليهود 7 طائرات من بريطانيا – بداية النكبة – وبدأوا بالقصف والنسف طوال فترة الليل، وقتل العديد من القادة الفلسطينيين أيام النكبة". وأضاف "كنت في وضع مادى جيد فكنت أدعم الثوار بالمال ليشتروا السلاح والعتاد لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وأعطيهم الأكل والشرب". واعتاد الحاج ر"جب" الذي يبدو بصحة جيدة على المأكولات الطبيعية والخضروات الطازجة وزيت الزيتون والسمن البلدي؛ فهو لا يعرف المعلبات والزيوت المصنعة ولا المأكولات الاصطناعية، وإنما يعيش على الطعام الطبيعى الذى يحفظ له صحته ويبقيه بكامل قوته، ففطوره زيت زيتون وغذائه نصف أرنب يوميا، ويكره المأكولات، ولم يزور "التوم" طوال حياته أي دكتور من اجل المتابعة او الشكوى من أي امراض، سواء اجراء عملية ازالة الحصوة عن الكلى، ويصلى كافة الصلوات بالإضافة لقيام الليل باستمرار وينبه ابنائه في اوقات الصلوات الخمس.