* محكمة مبارك حولت الشرق الأوسط إلى غرفة معيشة واسعة .. والملايين تشاركوا رؤية مصير حاكم مستبد * فرح في اليمن وغزة وليبيا والعراق .. ومشاعر متباينة في البحرين .. وبشار استغل المحاكمة للإجهاز على حماة ترجمة – شيماء محمد : قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن محاكمة حسني مبارك المتلفزة حولت مصر وجزء كبير من الشرق الأوسط إلى غرفة معيشة واسعة يوم أمس الأربعاء ، وأشارت الصحيفة إلى أن ملايين من المشاهدين، في المحلات التجارية في عمان والقدس وفي الأكواخ اليمنية الفقيرة ، انبهروا بسبب البث المباشر لمشهد غير عادى كان لا يمكن تصوره يذاع من محكمة القاهرة . أثار مشهد السيد مبارك ، الرئيس المصري السابق المريض والبالغ من العمر 83 عاما ، وهو مستلقيا على سرير مستشفى بعجلات ومحتجزا داخل قفص المتهمين الذي يخصص عادة للمجرمين , ردود فعل متباينة ، البعض كان يتمنى القصاص العادل وآخرون عبروا عن الشفقة تجاه الرجل الذي كان ذات يوم يجسد نموذج للحاكم العربي المستبد . بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو دينهم ، تقاسم العديد شعور مشاهدة لحظة تاريخية ، كانت مرتقبة منذ ما يقرب من ستة أشهر عندما تمت الإطاحة بمبارك من قبل الثورة التي استمرت 18 يوما والتي أعادت تشكيل الديناميكيات السياسية في المنطقة. في البحرين , قال حسين عبد الله ، 23 عاما ، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، في بلد قمع نظامها الملكي, بعنف أحيانا، حركة ديمقراطية مستوحاة من الأحداث التي وقعت في مصر , “ الجميع يشاهد من جميع أنحاء المجتمع ، صغارا وكبارا ، المؤيدين للديمقراطية أو المواليين للحكومة” ، وأضاف ” بالطبع كل المؤيدين للديمقراطية سعداء بهذه المحاكمة وتعطيهم دفعة لمواصلة النضال .” وفي الأردن ، قال هشام , وهو بائع في محل لبيع الملابس في عمان , انه مثل كثيرين آخرين في الأردن تسمروا أمام شاشة التلفزيون خلال أربع ساعات المحاكمة , وقال “هذه هي المحاكمة التي كان الجميع يتطلع إليها ” . وقال الكثير من الأردنيين – الذين كانوا يتظاهرون كل يوم جمعة لإجراء إصلاحات سياسية في بلادهم – أنهم لم يعتقدوا أبدا أنهم سيشهدون مثل هذا الشيء . فعندما تم القبض على صدام حسين ، الديكتاتور العراقي ، رأى الأردنيون أن ذلك نتيجة للغزو والاحتلال الأمريكي. ولكنهم قالوا انه على العكس من ذلك ، فمحاكمة مبارك كانت مطلب الشعب المصري. في بغداد ، وجد بعض العراقيين أوجه تشابه بين مقاضاة كلا من الرئيسين السابقين (صدام ومبارك) . قال أحمد عامر ، 40 عاما , ” صدام حسين ومبارك كانا مجرمين على طريقتهما الخاصة ”, وأضاف ” دع الناس يرون مصير هؤلاء الطغاة فيجب تقديم مبارك للمحاكمة لأنه دمر الشعب المصري ”. وقال سلام علي 48) عاما) , وهو مدرس سابق في بغداد ، أن العديد من أصدقائه وأقاربه شاهدوا محاكمة مبارك , وقال ” انه من العدل بالنسبة لهم أن يظهروا المحاكمة على التلفزيون ، لأنه كان خادما لإسرائيل وأمريكا ” , وأضاف ” ينبغي أن يعدموه “. في اليمن ، أكثر البلاد فقرا في الشرق الأوسط وأكثرها عدم استقرارا ، حيث تستمر فيها الحركة الشعبية للإطاحة بالرئيس الاستبدادي ، علي عبد الله صالح ، منذ شهور ، عسكر المحتجين في مظاهرة مناهضة للحكومة في صنعاء ، العاصمة ، وتجمعوا حول شاشات كبيرة يشاهدون التغطية التليفزيونية لقناة الجزيرة للمحاكمة . وقال كثيرون أنهم يريدون أن يروا السيد صالح وعائلته مقدمين للمحاكمة أيضا . وقال نبيل الحبيشي ، الذي يدير متجرا صغيرا في ضواحي جنوب صنعاء , أن ” اليمنيين سوف يتعلمون الكثير من الدروس المستفادة من محاكمة مبارك” ، وأضاف ” أنهم سيتعلمون أن كل شخص ينبغي أن يخضع للمساءلة ، حتى الرئيس ”. لكن ليس كل شخص في اليمن يتشارك هذا الرأي. فالبعض انتقد المحاكمة بوصفها تمثيلية سياسية .قالت سعاد محمد ، وهي ربة منزل في منتصف العمر وزوجها يعمل في الجيش اليمني , ” أنا لا أؤيد ذلك على الإطلاق” , وأضافت ”مبارك كان رئيس مصر. الآن تجرى محاكمته وهو مريض . لماذا ؟ ” , وقالت “ينبغي أن يطبق المصريين سيادة القانون في دولتهم الجديدة. ولكن بالنسبة لمبارك ، فإنه يكفي أنه أطيح به ” . ولم يتضح عدد الناس الذين كانوا يشاهدون المحاكمة في سوريا ، حيث تحاول قوات الأمن سحق الانتفاضة المستمرة منذ خمسة أشهر ضد الرئيس بشار الأسد. وتكهن سياسيون أن الرئيس الأسد استغل انشغال الناس في محاكمة مبارك لإصدار أوامر لقوات الأمن التابعة له للاستيلاء على المدينة حماة ، حيث قتل عشرات الأشخاص منذ أن قامت المدرعات السورية بقصف المدينة لأول مرة يوم الأحد . في كثير من أجزاء مصر نفسها ، أوقفت المحاكمة الروتين اليومي لمصر .. واحتشد سكان القاهرة في المقاهي أو في أي مكان به جهاز تلفزيون وذكرت وكالة رويترز أن حركة المرور السيئة جدا المزدحمة في المدينة ضعفت خلال وقت بث للمحاكمة . وجذبت المحاكمة أيضا عدد كبير من الجماهير في إسرائيل ، حيث ينظر العديد إلى ما يحدث مع مبارك بشعور بعدم الارتياح والقلق. على الرغم من انه كان ديكتاتورا ، وقال عدد من المعلقين الإسرائيليين ، أن مبارك كان حليفا قويا وحافظ على معاهدة سلام مصر مع إسرائيل لمدة 30 عاما. ولوحظ أيضا أن تهم الفساد ضد السيد مبارك تضمنت صفقة الغاز الطبيعي التي عقدها نظامه مع إسرائيل . أما في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة فكانت المشاعر متناقضة أكثر . كثير من الذين شاهدوا البث على الهواء مباشرة من قاعة المحكمة , على شاشات التلفزيون والإنترنت ، أعربوا عن ارتياحهم لتقديم مبارك إلى العدالة. وقال البعض أن ذلك يعزز مصداقية الحكومة العسكرية المؤقتة في مصر.. بينما قال آخرون أنهم يشعرون أن ما يتم إهانة للرئيس المخلوع المريض وصلت إلى أقصى مدى لها . كان هناك قدر من الشفقة بين بعض سكان غزة. على الرغم من ذلك فان معظمهم القوا باللوم على مبارك لقيامه بمساعدة إسرائيل في فرض الحصار الصارم على قطاع غزة على مدى السنوات القليلة الماضية ، عن طريق الحفاظ على معبر رفح , الذي هو على حدود غزة مع مصر , مغلقا في معظم الأحيان . وقالت عبير أيوب ، وهى صحفية في غزة ، والباحثة لدى مجموعة حقوق الإنسان ، أن السيد مبارك يستحق أن يحاكم على ما فعله في غزة وفى شعبه , كما قالت , أنه في الوقت نفسه المحاكمة لابد أن تكون عادلة، وأضافت أن ”هذه المحاكمة تبدو لي أنها مسألة انتقام .” في بنغازى , معقل المتمردين في ليبيا ، أثارت مشاهد الرئيس المصري السابق في المحكمة في الغالب تعبيرات عن الارتياح ، والحسد ، من قبل الناس الذين تعثروا في متابعة ثورتهم الخاصة بهم للإطاحة بالعقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا لمدة أربعة عقود . وقال رفيق الفلا ، زعيم إحدى ميليشيات التمرد المختصة للعثور على عملاء القذافي والمخربين في بنغازي ، انه كان مشغولا جدا في العمل وقت بث المحاكمة على شاشة التلفزيون لكنه قرأ في الأخبار عن السيد مبارك : انه اقتيد إلى قفص في سرير. وقال السيد الفلا , ” أنا أحببت ذلك كثيرا. عندما تكون العدالة من هذا القبيل، فنحن لدينا مستقبل مشرق ”. وقال محمد علي ، أحد العاملين بمحطة بنزين ، انه معجب جدا بالنظام القضائي المصري ، فهو أشارة أمل لديمقراطيتها. وقال ” انه ليس من السهل بالنسبة لنا نحن العرب أن نجلب الرئيس إلى المحكمة ” , وأضاف ” أن هذا كان مذهلا , ونأمل أن ذلك سوف يكون مثالا .”