تمثلت أبرز قرارات وتصريحات وزارة المالية على مدار الأسبوع المنصرم، ما أعلنه الدكتور أحمد جلال وزير المالية، عن استهداف الوزارة ل3 محاور لتحقيق الانضباط المالي، وتحقيق فوائض اقتصادية، بما ينعكس في النهاية لتحقيق العدالة الاجتماعية، بجانب مطالبة نحو 120 شركة سمسرة وبنكًا لتطبيق سلطة التوقيع الإلكتروني. وتعيين نحو 80 ألف مدرس بالمحافظات مما يكلف خزانة الدولة نحو 165 مليون جنيه، بالإضافة إلى إعلانها وصول الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه، على أن يطبق ذلك القرار اعتبارًا من أول العام المقبل، وتصريحات مصلحة الضرائب عن فحص نحو 400 ألف ملف ضريبي خلال 4سنوات ماضية، وأخيرًا تنظيم الوزارة لمزاد خلال 25 الشهر الجاري للمرة الثانية لبيع هدايا الوزراء وكبار المسئولين بالدولة. وقالت الدكتورة هند مرسي، الأستاذ بكلية السياسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجماعة بني سويف، إن إعلان وزارة المالية عن تحديد الحد الأدنى بنحو 1200 جنيه شهريًا، يتوقف تطبيقه علي تصريحها بالحد الاقصي للاجور، مشيرة الي انها لا تتوقع ان تقوم الحكومة بتطبيقه نظرا لأن امامها نحو 6 أشهر وتغادر، كما ان السياسات التي وضعتها رغم انها جيدة نظريا الا انها ستأخذ وقتا علي المستوي العملي حتي يتم تفعيلها حتي وان كانت خطط قصيرة الأجل. وأضافت مرسي ان الحكومة أمامها خيارات وتحديات تتطلب اعادة هيكلة المؤسسات المختلفة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين ولكن بأسعار مخفضة وتسهيل الإجراءات عليهم، وأن إجراءات الخدمات الحكومية الالكترونية مكلفة جدا، بجانب استمرار الروتين الحكومي في تلك الاجراءات، مشيرة الي ان القطاعات الحكومية بحاجة لتحسين الخدمات بها. ولفتت إلى أنها تتفق مع وجود مبادرات لدى وزارة المالية بتسهيل إجراءات سلطات التوقيع الالكتروني بين الوزارات والهيئات الحكومية، مادامت ستكون مؤمنة وتضمن مخاطبات سريعة بين الهيئات وبعضها لمصلحة المواطنين. وأوضحت أن ما أعلنته مصلحة الضرائب عن فحص لنحو 400 ألف ملفًا بطريقة آلية، كان من المفترض أن تتم عملية الفحص لنحو 10 سنوات ماضية، وليست ل4سنوات فقط، لافتة إلى ضرورة ان تسعي المصلحة الي وضع معايير لترغيب الممولين في تقديم الاقرارات والحد من ظاهرة التهرب الضريبي بما يساعد علي زيادة الحصيلة ومنحهم حوافز تسمح لهم باداء ما عليهم من مستحقات بجانب التصالح مع البعض الاخر منهم. وطالبت بضرورة أن تسعي الدولة لتطبيق ضرائب تصاعدية بما يسمح بوجود عدالة الاجتماعية لجميع المواطنين، نظرًا لأن الممول الأكبر للمصلحة هم فئات محدودة الدخل والتي تشكل نحو 60% من حجم الممولين، مشددة على ضرورة أن تغيير مصلحة الضرائب من عملها باعتبارها مؤسسة جباية، بجانب ضرورة تطبيق قانون القيمة المضافة. ونبهت مرسي من خطورة عدم تطبيق ما التزمت به وزارة المالية والحكومة بالنسبة للإفصاح عن الحد الأقصى للأجور، خاصة وأن الأسعار ترتفع بشكل مؤكد وبالتالي فان تمويل الحد الادني من الاجور سيكون من خلال الحد الاقصي، لافتا الي ان ذلك يعني ان معدلات التضخم سترتفع وسينعكس ذلك علي الخدمات والسلع الضرورية التي يستهلكها محدودي الدخل والطبقات الفقيرة. وأضافت مرسي إلى أن موارد الدولة تعاني الإهدار فمازال مسلسل بقاء المستشارين ممن تجاوزوا السن القانوني، موجودون بالوزارات والجهات الحكومية، واستمرار تحمل الخزانة العامة لاعباء اضافية بسببهم سواء في الاجور والمكافات و تخصيص سيارات لهم دون ان ينعكس ذلك علي مستوي الانتاج او الايرادات بالنسبة للدولة، في حين لا يجد الشباب فرصة للعمل بتلك الجهات بسببهم مما يتسبب في وجود تضخم بالقطاع الوظيفي والإداري للدولة. من جهته قال الدكتور حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي، إن ما أعلنته الحكومة عن تحقيق الانضباط المالي للقطاعات الاقتصادية والمالية يعد أمرًا مهمًا جدًا، وجميع مؤسسات الدولة وأجهزتها في حاجة لإعادة هيكلة بما في ذلك الموازنة العامة للبلاد، وما يتعلق به من بعد اجتماعي سواء بالنسبة للدعم علي المواد البترولية والسلع التموينية أو الدعم النقدي الذي تسعي الحكومة لتطبيقه بجانب أعفاء المدارس من المصروفات مؤخرًا، بالإضافة إلى المشروعات التي تمس محدودي الدخل كالإتفاق على مشروعات البنية التحتية، وأخيرًا الإنفاق علي الحد الاقصي والادني من الأجور. وأضاف عبد العظيم أن اتجاه الحكومة لتقليل إعداد المستشارين بالقطاعات الحكومية، معتبرًا كل المؤشرات السابقة تساعد في تقليل اعباء الدين العام للدولة وخفض اسعار الفائدة علي القروض مما يحقق انضباطا بالموازنة العامة للبلاد لتصل نسبة العجز إلى 9% من حجم الناتج المحلي وهي نسبة مثالية جدا، مشيرا الي ان ما اعلنت عنه الحكومة هو نفسه البرنامج الاصلاح الاقتصادي المقترح في حكومة قنديل السابقة. وأشار إلى اتجاه الوزارة لتفعيل سلطة التوقيع الإلكتروني بين القطاعات الحكومية وبعضها، يسهل على البنوك والقطاع المصرفي التعاملات البنكية سواء بالنسبة للبنك والعميل أو بنك آخر مراسل، وتحويل الحسابات عبر شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى تطبيق تلك الخدمة ايضا علي الخدمات الحكومية، معتبرا ان تلك الألية الجديدة معترف بها قانونا من مختلف دول العالم ومطبقة بالفعل. ولفت إلى ضرورة أن يتم تأمين تلك الآلية الجديدة من خلال تشفير البيانات والملفات وعبر أنظمة حماية إلكترونية تمنع اختراقه. وأوضح أن اتجاه مصلحة الضرائب إلى فحص ملفات بالشكل الآلي يعد أمرًا طبيعيًا، خاصةً بعد اتجاه الممول إلى إرسال إقراره عبر البريد الإلكتروني، وبالتالي ينبغي أن يقدم مستندات تثبت ما حققه من ربح أو خسارة، وعلى المصلحة أن تتأكد من صحة البيانات المقدمة إليها للحد من ظاهرة التهرب الضريبي من خلال الفحص والمراجعة لتحديد قيمة الضريبة المستحقة او الاعفاء منها. وأشار عبد العظيم إلى أن ما اعلنت عنه الحكومة من اعتبار 1200 جنيها شهريا كحد ادني للاجور، يعد مناسبا جدا اذا كان يضمن ثبات للاسعار، والالتزام بتطبيق الحد الاقصي للاجور وتحديده، مشيرا الي ان عدم الالتزام به ورقابة الاسواق والاسعار سيزيد من معدلات التضخم وبالتالي ستكون مجرد زيادة شكلية وليست حقيقية. وحذر عبد العظيم من خطورة عدم تطبيق الحد الأقصى والأدنى من الأجور وتدخل الدولة، إلى أنه يتسبب في تقليل التعيينات بالقطاع الحكومي والخاص نظرا لارتفاع تكلفة التأمين الاجتماعي علي العامل واتجاه صاحب العمل لتقليص حجم العمالة الجديدة مما يزيد من معدلات البطالة وارتفاع مستوي الفقر بالبلاد.