أثارت المبادرة الروسية لوضع السلاح الكيميائي السوري تحت الرقابة الدولية عاصفة من الجدل بين الأوساط الدبلوماسية الغربية، ما بين مرحب ومتشكك، وذلك على الرغم من الموافقة السريعة التي أبداها وزير الخارجية السوري "وليد المعلم". وفي هذا الإطار فقد حرصت "البديل" على الاستماع للخبراء السياسيين في هذا الشأن، حيث اعتبر السفير "إيهاب وهبة" هذه المبادرة بمثابة الخطوة التي تمت لنزع فتيل الحرب والأزمة الخطيرة التي كانت ستحدث في المنطقة برمتها إذا أقدمت الولاياتالمتحدة وحلفاءها على شن حرب على سوريا. وأضاف أن هذا الاقتراح الروسي يعتبر موقفا جيدا، عززه قبول وزير الخارجية السوري لها، وترحيب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بها. وأشار إلى أن طرح هذه المبادرة وضعنا أمام موقف جديد، خاصة بعد التحرك "الإيجابي" من مجلس الشيوخ الأمريكي بتأجيل التصويت على توجيه ضربة لسوريا، بعد أن كانت الأمور "على حافة الهاوية". وشبه وهبة هذه المبادرة بقرار ليبيا التخلص من كامل مخزونها من أسلحة الدمار الشامل، وتوقيعها وقتها على ميثاق تحريم استخدام الأسلحة الكيماوية عام 2003، الأمر الذي دفع العالم بأسره للانفتاح على النظام الليبي وقتها، خاصة الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية. وشدد وهبة على أن الإخلاص في تطبيق هذه المبادرة عبر وضع كامل المخزون السوري من السلاح الكيماوي تحت الإشراف الدولي تمهيدا للتخلص منه سيجنب المنطقة حربا شرسة كانت ستطال القريب والبعيد. وأشار إلى ضرورة الاستمرار في هذه المساعي ودعمها لاكتساب مزيد من الزخم، آملا أن تكون هذه الخطوة بداية لحل الأزمة السورية بشكل نهائي. وفي سياق متصل أكد الدكتور "يسري العزباوي" الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية على أهمية هذه المبادرة، حيث أنها تأتي في الوقت الذي تبدو فيه الولاياتالمتحدة عازمة على ضرب سوريا، إلا أنه أشار إلى أن هذه المبادرة في هذا التوقيت "ستكشف الموقف الأمريكي، ومواقف الدول المؤيدة له، وموقف المعارضة السورية التي تحاول بشتى الطرق الإستقواء بالخارج لترجيح كفتها في الصراع العسكري الدائر في سوريا"، مما سيزيد الوضع تعقيدا، على حد وصفه. وأضاف أنه لابد من توسيع المبادرة لتشمل منح خروج آمن لرموز النظام السوري، وانتخاب جمعية تأسيسية لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، ووضع دستور جديد على غرار المبادرة الخليجية التي أنهت الأزمة اليمنية منذ عامين. فيما رأى الدكتور مختار غباشي رئيس الوحدة السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن تقديم هذه المبادرة يأتي في إطار المساعي الروسية – السورية لتلافي هذه الضربة، إلا أنه أوضح أن هذه المبادرة تشمل وضع المخزون الكيماوي السوري تحت إشراف دولي، وأشار إلى تخوفه من أن تكون هذه المبادرة مقدمة لنزع هذا السلاح أو تدميره بشكل تام بما يمثله من أهمية كبرى بالنسبة للجيش العربي السوري، خاصة بعد تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" حول تجميع هذا السلاح في مكان آمن تمهيدا لتدميره فيما بعد.