تعتبر أيام الأعياد للكثيرين هي أيام للسعادة والفرح وتبادل الزيارات وتناول الأطعمة التقليدية في مثل تلك المناسبات، ولكن هناك عدد آخر غير قليل بمجتمعنا يمثّل لهم العيد أهمية خاصة، حيث أن أيام الأعياد بالنسبة لهم هي بمثابة العودة للحياة والشعور بأنهم مثل باقي الناس، نظرا لحرمانهم من كافة مظاهر الفرحة بالأم العادية. فالعيد يمثّل بالنسبة للأطفال الأيتام فرصة للشعور بالدفء الأسري حيث يجدون به من يحتويهم ويستمع إليهم ويشاركهم أحلامهم، ولا يفرح هؤلاء الأطفال بالهدايا والملابس الجديدة بقدر سعادتهم بالتفاف الناس حولهم، وانتشالهم من حالة البؤس والتعاسة التي يعيشونها معظم أيام العام. ولذلك فقد حرصت "البديل" على قضاء أحد أيام العيد مع هؤلاء الصغار، في أحد دور الأيتام بشارع "حمد ياسين" بمنطقة فيصل، للتعرف على الطقوس المعتادة لهم في مثل هذه المناسبات. قال "حمدي حسن حافظ" رئيس مجلس إدارة الجمعية، إن عدد الأطفال الأيتام الموجودين بالدار 65 طفلا، وتتراوح أعمارهم من 5 إلى 16 عاما، ولذلك فإن الجمعية تسعى لخلق بيئة إجتماعية موازية للأسرة، حيث يحرص القائمين على الدار والمشرفات على تعويض الأطفال عن الدفء الذي فقدوه بسبب حرمانهم من ذويهم. وتابع بأن طقوس العيد مختلفة بعض الشيء، حيث يبدأ الإحتفال منذ يوم 28 و29 رمضان من خلال عمل حفل إفطار جماعي بحضور جميع الأطفال وعدد من مشايخ الجامع الأزهر؛ لتسليم الجوائز للفائزين في مسابقة القرآن الكريم، ثم يختتم رمضان بمنحهم ملابس العيد الخاصة بهم، ويظل الجو الإحتفالي يسيطر على الجمعية طوال أيام العيد. وأضاف بأن في أول أيام العيد يذهب الأطفال إلى اقرب مسجد ونصلي صلاة العيد يعقبها حفلة لتوزيع البلالين عليهم والعديات والهدايا الرمزية ك"عرائس أو مسدسات"، مشيرا إلى إن كل تلك الهدايا والعديات التي تعطى إليهم من الجهود الذاتية للقائمين على الجمعية، موضحا إن الملابس فقط هي التي يوجد منها جديد وآخر يكون من تبرعات الملابس القديمة نقوم بغسلها وتجديدها، ويستمر تنظيم الرحلات والنزهة حتى رابع أيام العيد، بحيث يذهب الأطفال إلى الحدائق والملاهي، مشيرا إلى أن هذه المتنزهات تخصص يوما في الأسبوع لزيارة الأيتام مجانا. وأكد حافظ على أن الزيارات وقدوم المتطوعين للأطفال ينعكس على حالتهم النفسية، فيشعروا بالسعادة وأنهم مثل بقية الأطفال وأن لهم حق في الحياة، وطالب بأن يتوجه الناس لمثل هذه الجمعيات الصغيرة ومساعدتها سواء ماديًا أو معنويًا لتحسين مستواها وتقديم الأفضل دائمًا إلى الأطفال، لأن الدولة لا تمدهم بالإعانات لكونهم جمعيات أهلية. وقال "شريف الفقي" المدير التنفيذي بالجمعية، أن الأطفال يفرحون بالإحتفالات والزيارات الجماعية خلال أيام العيد، فتسعدهم أبسط الهدايا ويتفاعلون مع من حولهم، ولذلك ينتظرون هذه الأيام ويعتبروها أسعد أوقاتهم، فلا يفكرون في أهلهم ولا وضعهم ولا يتمنون حياة غيرهم، الذين يتمتعون بدفء الأسرة. وأكد الفقى على إنه يتابع كل فترة حالة الاطفال الصحية، فالجمعية تابع لها عيادات، وهناك تخصيص يوما كاملا كل أسبوعين لهؤلاء الأطفال لعمل فحص طبي شامل للإطمئنان عليهم وتشخيص الأمراض في أوقات مبكرة، فضلا عن أنه في حالة مرض طفل بشكل مفاجيء، يتعين على الدار إحضار طبيب متخصص على الفور. وقالت مدام "صفاء" إحدى القائمات على خدمة الجمعية، أن وزارة التضامن الإجتماعي لا ترعى الدار أو تمدها بشيء، فالجمعية تعتمد بشكل كلّي على التبرعات والجهود الذاتية، وأحيانا تكون هناك مشكلة نظرا لكثرة العدد وقلة الإمكانات، فهم يتكفلون بالمسنين والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة. وأشادت صفاء بدور أهل الخير خاصة في أيام العيد، كما يحرص كل المسئولين في الجمعية على الحضور مع الأطفال، لتحقيق أمنيتهم في أن يعيشوا حياتهم بعيدا عن الظروف الإجتماعية الصعبة، وأن يشعروا بالأمان في ظل وجود الجميع حولهم.