قالت صحيفة "كرستيان ساينس مونيتور" الأمريكية اليوم: بعد الانتصارات الانتخابية التاريخية قبل أقل من عامين لجماعة الإخوان المسلين في مصر وتونس، فإن إخفاقاتهم ترجع إلى حجم التحديات التي واجهوها، وكذلك فإن الافتقار للخبرة والشفافية والتمكين وعدم احتواء المعارضة أهم أسباب فشل الإخوان. وأضافت الصحيفة أن الأحزاب السياسية الإسلامية وصلت إلى السلطة في لحظة من الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فلم يكن لديهم خبرة في الحكم وسط ذلك الكم من الاضطراب، فقد حصدوا تعددية الأصوات، وواجهوا معارضة سياسية هائلة. ورغم من التحديات التي واجهتها تلك الأحزاب، يعتقد العديد من النقاد أن حزب الحرية والعدالة في مصر وحزب النهضة في تونس اقترفا أخطاء استراتيجية أضعفت قبضتهم وأدت إلى سقوطهم. وتحاول جماعة الإخوان المسلمين إعادة الرئيس المعزول "محمد مرسي" إلى السلطة، فإن الطريقة التي ستتعامل بها مصر مع تلك المحاولات سيكون لها تداعيات ليس فقط على الديمقراطية الوليدة في مصر ولكن أيضا على الخار. وبالنسبة لتونس وحزب النهضة الذي يواجه حركة معارضة جديدة؛ فيقول "خليل عناني" الباحث المختص بالحركات الإسلامية في جامعة دور هام والذي قضى الصيف في مصر: "إن سقوط جماعة الإخوان يمكن أن يمثل نقطة تحول للإسلام السياسي في المنطقة، فمستقبله غامض وسوف يعتمد على شيء واحد، وهو استعداد النظام الجديد في مصر تضمينهم وبناء ديمقراطية حقيقية، فإذا لم يحدث ذلك ستكون العواقب وخيمة سواء بالنسبة لمصر، أو المنطقة أو العالم بأسره". وذكرت الصحيفة الأمريكية أن خروج الجماهير ضد "مرسي" كان يرجع في جانب منه إلى اعتقادهم بأن جماعة الإخوان كانت تحاول الهيمنة على السلطة، بالإضافة إلى أنها لم تف بوعودها بالحد من تمثيلها البرلماني ومشاركتها في السباق الرئاسي، وبالرغم من أن حزب النهضة في تونس حاول الالتزام بمقاربة أكثر شمولية إذ إنه يترأس تحالفا يتكون من حزبين علمانيين يهيمنان على الجمعية التأسيسية التي تضع الدستور الجديد، وبالرغم من استعداده الدائم إلى التوصل إلى تسويات سياسية، وإحجامه عن ذكر الشريعة في الدستور الجديد، فإن شعبيته كانت تتراجع نظرا للأزمة الاقتصادية والمخاوف الأمنية. وأشارت الصحيفة إلى أن الأحزاب العلمانية فى تونس تحاول السير على خطى مصر وبالرغم من أن هذا النزاع ما زال سلميا فإنه يمكنه عرقلة التحول الديمقراطي في تونس. ويرى المحللون أن هناك عددا من العوامل ساهمت في الوصول إلى تلك النتيجة حيث كانت هناك تحديات حقيقية، إذ إن اقتصاد كلا البلدين كان يعاني من أزمة طاحنة خاصة بعد هروب المستثمرون الأجانب وكذلك السائحين من كلا البلدين. كما سادت حالة من الاستقطاب السياسي العنيف ولكن كلا الحزبين ارتكب أخطاء كان يمكن تجنبها فنظرا لعدم الخبرة والتردد، لم يتمكن زعماء تونس الجدد من إجراء الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، وذلك وفقا لما قاله "جاكوب كولستر" مدير شمال إفريقيا ببنك التنمية الإفريقي، فقد فشلوا في إعادة صياغة قانون الاستثمار الذي كان قد سنه "زين العابدين بن علي" كما قدمت الحكومة العديد من الإجراءات السريعة مثل زيادة الأجور وتعهدت بوعود تنموية مستحيلة. لجأ حزب النهضة وحزب الحرية والعدالة إلى وضع أعضائه في كافة المناصب رغم افتقارهم للخبرات الضرورية للحكم والتي ترجع في جانب منها إلى وجودهم في السجن لفترات طويلة، كما كانت جماعة الإخوان المسلمين التي اعتادت العمل كتنظيم سري تفتقر إلى الشفافية التي تعد أمرا أساسيا بالنسبة للحزب الحاكم. ويقول "أحمد حسني" من الجماعة الإسلامية: "إنهم لم يتمكنوا من التغلب على أيديولوجيا إبقاء كافة الأشياء سرا والعمل تحت الأرض، فقد كان ذلك حاجزا كبيرا بينهم وبين الناس". ويؤكد الدكتور "عناني" أن جماعة الإخوان كانت تفتقر إلى المهارات اللازمة للتعامل مع الوضع المعقد في البلاد، ولكنه أكد أنها كانت تشهد أيضا مقاومة قوية من الدولة العميقة ومؤسساتها، ومن جهة أخرى يرجع الدكتور "شاهين" إخفاق الجماعة في جانب منه إلى فشل "مرسي" في الهيمنة على الثورة المضادة مشيرا إلى أنه إذا كان قد قام بالحد من حركة الفلول فى وسائل الإعلام، كان ليستمر في الحكم. ويضيف:" بدلا من محاولة الجماعة إصلاح مؤسسات الدولة الفاسدة حاولت ركوبها، فكانت كمن يركب فهدا ولا يستطيع التحكم به حتى تمكن الفهد من الإمساك به وأكله حيا". ومن جهة أخرى، يعتقد "نادر بكار" المتحدث الرسمي باسم حزب النور أن الإخوان أضاعوا فرصة احتواء من ساندوا "مرسي" في مقابل الفريق "أحمد شفيق".