مما لا شك فيه أن الدكتور يحي الجمل أستاذ الفقه الدستوري بجامعة القاهرة ونائب رئيس مجلس الوزراء كان من أفضل الشخصيات في مصر وأقواها . وكان له مواقف مشرفة وشجاعة في عصر قل فيه الشجعان وأصحاب المواقف تم تعيينه من المجلس العسكري كنائب لرئيس مجلس وزراء حكومة شفيق لتسيير الأعمال ..وأخطأ عندما قبل المنصب وهو يعلم تماما أنها حكومة غير شرعية لا تقبلها الشرعية الثورية التي أطاحت بالنظام السابق . ولكن ظل تاريخ الرجل ومواقفه القوية الشجاعة تقف في وجه كل محاولات التشكيك في نزاهته وأحقيته بأن يكون له دور محوري في هذه الفترة الحرجة لذا أبقي عليه كنائب لرئيس مجلس الوزراء أيضا في حكومة عصام شرف ولكن أبى الرجل أن يصحح أخطائه واستمر في دق مسامير نعشه بيده ..بداية من تجاهله إزاحة الرموز الإعلامية والصحفية المرفوضة من الشارع المصري والذين كانوا كلاب نابحة لعصر ماضي بكل ما فيه من فساد ( مع أن هذا الملف بالكامل تحت تصرفه وحده بتفويض من المجلس العسكري ومباركة من رئيس الوزراء عصام شرف ) لثقتهم الشديدة في الرجل ومرورا بتصريحاته غير المسئولة والمتهورة قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية والتي رأى فيها البعض تطاولا على الذات الإلهية بشكل غير لائق يحمل من السخرية مالا يمكن قبوله لا من المسلمين ولا من المسيحيين ولا من أي إنسان يؤمن بوجود الله ( حتى لو لم يقصد ذلك ..يكفى أن الأمر بدا كذلك لكل من شاهدوه) وبالأمس استضافته الإعلامية مني الشاذلي في العاشرة مساء وفعلا بدا على الرجل كل علامات الإجهاد والتعب ولكن رغم هذا كلما نطق بجملة ..وقعت على المذيعة كالصاعقة لدرجة أني على يقين أنها كانت مشفقة عليه ..بل قالت له بالحرف الواحد إن هذا الكلام سيكون مادة خصبة للصحافة لتنال منك ..ورد الرجل أنه يعلم ذلك ..!! تخيلوا هذا الموقف أو هذا التصريح ..مني الشاذلي بتقوله أنها متخوفة من تورط الشرطة العسكرية والصدام الذي يمكن أن يحدث بينهم وبين المواطنين أثناء فضهم للاعتصامات . رد يحي الجمل قالها الشرطة العسكرية بتفض بشكل هادي ومتزن لأنها مش من سلطاتها الضرب ..ولكن الضرب سلطة الداخلية ..!! عشان ماحدش يتهمني أنى بفهم على كيفي وانه أكيد مايقصدش كده ..الراجل أكد كلامه وضرب مثال ..قالها لو في اتنين بيتخانقوا ..الشرطة العسكرية هتفصل بينهم لكن ولا هتضرب دا ولا هتضرب دا ..لكن الداخلية هي اللي تضرب ..!! يعنى الرجل كلامه مثير للسخرية ..كيف نتحدث عن إعادة تأهيل لجهاز الداخلية وعودة الثقة بينهم وبين الشعب ..ونائب رئيس مجلس الوزراء مازال يتحدث عن الضرب والاهانة باعتبارها حق مشروع لعسكري الداخلية وأمين الشرطة ..!! نداء عاجل حفاظا على ما تبقى للرجل من تاريخ ..أناشد رئيس مجلس الوزراء قبول استقالته أو إقالته وإن كان هذا الأمر خارج عن سلطات عصام شرف فالنداء موجه المجلس العسكري .. أرحموا الرجل وأقيلوه حفاظا عليه وعلى تاريخه قبل أن تعصف به الأيام القادمة