قال الموقع البحثي "جلوبال ريسيرش" تحت عنوان "كيف قتلت مصر الإسلام السياسي": إن إعادة ميلاد الثورة المصرية أدت إلى وفاة أول حكومة للإخوان المسلمين في القاهرة، ولكن بعض المحللين يزعمون أن ما قام به الجيش انقلاب عسكري. يرى الموقع أن الجيش استجاب لمبادرة الجماهير المصرية، ولكن الجنرالات يدركون أن هناك حدودًا خاصة بهم داخل العملية السياسية أكثر من أي شخص. في الواقع دمر الشعب المصري نظام "محمد مرسي" فعلى سبيل المثال، اعتلى المباني الحكومية وأغلقها حتى رحيل النظام، وهذا سبب تدخل جنرالات الجيش، ونفس السبب لتدخلها وإجبار الرئيس الأسبق "حسني مبارك" على التنحي، وعلى الرغم من ذلك فإن الشعب يظل القائد. هناك الشرعية السياسية خاصة في أوقات الثورة، والشرعية الثورية تأتي من خلال اتخاذ إجراءات جريئة لتلبية المطالب السياسية الشعبية، كالوظائف والإسكان والخدمات العامة، ولكن الديمقراطية في مصر تتمثل فقط على القشرة العليا كما فعلت جماعة الإخوان المسلمين، حيث تم تدمير أعلى شكل من أشكال الديمقراطية الثورية. باختصار، فإن أول عهد لجماعة الإخوان المسلمين غير ملهم للفصل الحديث من تاريخ الشرق الأوسط، أخذت الجماعة المنطقة إلى منحدر عميق من خلال تعريض أيدولوجيتها السياسية والاقتصادية ليناسب السياسات الاقتصادية الرأسمالية الغربية، التي تخدم البنوك الكبيرة التي يهيمن عليها صندوق النقد الدولي، في حين منعت أي إجراءات حقيقية لمعالجة أزمة الوظائف والبطالة في مصر وعدم المساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتي قد ولدت من سياسة الخصخصة الليبرالية السابقة للرئيس الأسبق "مبارك". ماذا فعل الإخوان مع الدولة الفاسدة التي ورثتها؟، حاولوا التكيف معها، وعقدوا الصفقات مع الجيش المصري، وتقربوا إلى الداعم الأساسي للديكتاتورية ألا وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية، وحاولوا حماية كل المجرمين في عصر مبارك من مواجهة العدالة. كانت السياسة الخارجية لجماعة الإخوان المسلمين نفس سياسة "مبارك"، لصالح إسرائيل وعلى حساب الفلسطينيين، ودعمت المتمردين السوريين الذين تدعهم الولاياتالمتحدة ضد نظام الرئيس السوري "بشار الأسد"، واعتمدت بشكل متزايد على اجندة معادية لإيران، وكان الدعم المالي الرئيس يأتي من الحكومة القطرية الغنية بالغاز، والتي عملت على توجيه السياسة الخارجية المصرية. يتبع جماعة الإخوان نفس السياسات الديكتاتورية التي تخدم مصالح النخبة، وبالتالي لم يعد الإسلام السياسي هدفا للملايين في انحاء الشرق الأوسط، والذي سيختار سياسات جديدة من شأنها خدمة احتياجات الشعب الحقيقية في المنطقة. يفقد الإسلام السياسي مصداقيته سريعًا خارج منطقة الشرق الأوسط، ففي تركيا اندلعت احتجاجات حاشدة؛ رفضًا لسياسات الحكومة التركية، وفي إيران انتخب "حسن روحاني" المعتدل دينيا، سمحت جماعة الإخوان السورية أن تصبح رهينة للسياسة الخارجية الأمريكية، واستخدمتها ضد الحكومة الحكومة السورية. تم تلطيخ الإسلام السياسي واستغلاله من قِبَل الأنظمة الملكية في الشرق الأوسط، وخاصة في السعودية التي استغلت الإسلام جيدًا، حيث تطبق الشريعة الأصولية على الشعب، في حين يستطيع الملك فعل أي شيء غير قانوني أو اخلاقي، وتصور نفسها على أنها "حامية الإسلام" لوجود أقدس المدن الإسلامية بها، ولكن الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى صورت نفسها أنها مدافعة عن الإسلام، واستغلت الدين من اجل السلطة السياسية والمالية. وبطبيعة الحال، فإن الإسلام ليس الدين الوحيد الذي يتم استغلاله من قِبَل النخب السياسية، فالطبقة الحاكمة في إسرائيل تدنس الديانية اليهودية، لإضافة الشريعة العنصرية على الدولة والسياسات التوسعية، فهي تعامل الأقلية غير الدينية كمواطنين درجة ثانية، بينما تعطي امتيازات للجماعات المحافظة لكسب المزيد من النفوذ. وينطبق الشيء نفسه على الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة لدى الديمقراطين، الذين يستندون بشكل كبير على الأصولية المسيحية، والتي يتنج عنها التميز ضد غير المسيحيين، تم تمديد السياسية الاستغلالية للإسلام لمحاربة صعود الحكومات العربية الاشتراكية والتي فضلت النهوض بالاقتصاد على النمط السوفيتي، واتبعها الرئيس المصري المحبوب "جمال عبد الناصر". حاول الإخوان المسلمين اغتيال "عبد الناصر"، وقالوا: إنه يستخدم ضدهم القمع العسكري لتدمير المنظمة، والتي سافر أعضاؤها إلى سوريا والمملكة العربية السعودية، وحاولا اغتيال الزعيم "حافظ الأسد" والد الرئيس السوري "بشار الأسد". ظلت السياسات الرجعية لجماعة الإخوان المسلمين مدعومة من الولاياتالمتحدة إلى الآن، وتم تمديد هذه السياسة عن طريق استخدام المتطرفين ضد الدول السوفيتية بالتمويل والتسليح، فقد ظهرت لاحقا ما يسمى بتنظيم القاعدة وحركة طالبان، ومن ثم طبقت نفس السياسة على يوغوزلافيا، حيث يتم تمويل المتطرفين، والمعروفين تحت مسمى"جيش تحرير كوسوفو"، والآن يتم استخدام المتطرفين المدعومين من واشنطن وبعض الدول العربية ضد الحكومة السورية. أطاح الربيع العربي بالديكتاتوريات، ولكنه لم يقدم بديل سياسي منظم، ولذلك استغل الإخوان المسلمين في مصر هذا الفراغ، وظهروا سريعًا كبديل سياسي قابل لتطبيق مطالب مصر والشرق الأوسط الكبير. وعلى الرغم من أن الجيش المصري يحمل مرة اخرى مقاليد السلطة المؤسسية في مصر، فإنه يفهم عدم الثقة الشعبية بالمجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد الاطاحة بالرئيس الأسبق "حسني مبارك"، وحال تدخله بطريقة لا ترضي الشعب، فستزيد الاحتجاجات. جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات السياسية الإسلامية الأخرى لم تعبر المواقف الدينية للشرق الأوسط، ولكنها خلقت طبيعة سياسية تخدم أجندة جغرافية وسياسية محددة، وعلى وجه التحديد للولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية. خاض الشعب المصري تجربة الإسلام السياسي ورفضها، فالمصريون يريدون من يلبي احتياجات الشعب، وحال قدوم حكومة تنحاز للجانب الغربي على حسابهم، فسيركلها الشعب جانبا حتى يأتي بواحدة تلبي الاحتياجات الاقتصادية والسياسية للمواطنين، هناك مخاوف من أن يختار الإخوان المسلمين طريق حمل السلاح، كما حدث في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي. علم الثوار المصريون الآلاف الدروس السياسية للعالم خلال سنوات قليلة، فلن يسلم الشعب السلطة للجيش مرة أخرى، حيث إن الثورة المصرية هي الأكثر نفوذا في المنطقة، وأعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، وسوف تستمر في القيام بذلك حتى يتم تلبية احتياجات الشعب.