المناضل اليساري المهندس أحمد بهاء الدين شعبان العضو المؤسس في حركة كفاية، والمنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، ووكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري، وأحد قادة جبهة الإنقاذ، ولد عام 1949، وتخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وكان أحد قادة الحركة الطلابية وعضو اللجنه الوطنية العليا للطلاب التي قادت إضرابات الطلاب واعتصاماتهم ومظاهراتهم وأنشتطتهم السياسية في السبعينيات، خاصة انتفاضة الخبز عام 1977. التقى "البديل" بشعبان؛ ليطرح عليه أسئلة عما ما يجري فى الشارع المصري في الفترة الحالية ومواقف جماعة الإخوان المسلمين من طالب الثورة "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".. تلك المطالب التي أطلقها التيار اليساري، وأصبح الجميع بعد نجاح الثورة يدعي أنه طالب بها، أو سعى لتحقيقها، وأولهم الإخوان، كما نتعرف على رؤيته للحلول المقترحة والمتوقعة لحل الأزمة التي تمر بها مصر، وكثير من القضايا الحيوية والملحة في هذا الحوار. - ما تقييمك لظاهرة العنف فى الشارع المصرى وبماذا تنذر؟ العنف فى الشارع المصرى من أكثر الأشياء التى تثير قلقى؛ خوفًا على المستقبل، ولكن لهذا العنف له مبرراته والتى منها تحطيم دولة القانون والعدل، فعندما تضرب بقواعد المحكمة عرض الحائط، وتهين القضاة، وتشهر بهم، لما تجعل من جماعتك بديلاً لدولة القانون، لما تعمل قضاء موازى للقضاء الحالى، كل هذا يعطى للمواطن إحساسًا بأن دولة القانون انتهت، وبالتالى يسير بمبدأ "الدراع"، إضافة إلى ترويع المجتمع بشعارات عامة دون أن تستند إلى ظروف موضوعية، مثل "تطبيق الحدود"، وأوهمت الناس أن تطبيق الحدود حق متاح لكل فرد، بينما تطبيق الحدود له ضمانات، وهو مرهون بشروط دقيقة جدًّا، كل هذا جعل المواطن يشعر أن النظام الحاكم بمثابة خصم له، ولا يصح للخصم أن يحكم عليه؛ لذلك يستخدم العنف، وأكبر دليل على ذلك ما حدث فى الشرقية مع ابن إحدى قيادات الإخوان الذى تخالف مع جيرانه، وحدثت على أعقابها اشتبكات كبيرة، فالمسئول مباشرة عن تلك الأمور رئيس الجمهورية محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين ومكتب الإرشاد وكل الجماعات الإسلامية التى أشاعت للمجتمع ثقافة الكفر بالقانون والديمقراطية واستخدام العنف فى مواجهه الآخرين. - كيف ترى الحركة الطلابية الآن؟ وما هو المطلوب منها؟ أسعد جدًّا بالحركة الطلابية الشابة، فعلى مدى ما يقرب من خمسين عامًا لأول مرة نجد تيارات عارمة من الشباب تهتم بالعمل العام والسياسى، وتهتم بمصالح مصر، والحركات الطلابية منذ تاريخها تلعب دورًا كبيرًا فى قيادة العمل الوطنى فى مصر ، ولكن ما ينقص الحركات الطلابية الآن تحقيق مكاسب أكثر مما حققته فى الفترات الماضية، وهى حققت إنجازات كبيرة فى كل الأحوال. وأستنكر ما يحدث معهم من محاولات قمعهم ووضعهم فى السجون على الرغم من الدور الكبير الذى لعبوه فى الثورة المصرية. - هل ترى أن جماعة الإخوان المسلمين من الممكن أن ترحل عن الحكم بالطرق الديمقراطية؟ أنا فى تقديرى أن حكم الإخوان المسلمين انتهى، حتى وهم فى ظل سيطرتهم على كل مؤسسات الدولة، مثلما انتهى حكم مبارك يوم 12 ديسمبر عام 2004 عندما خرجت كفاية تعبر عن غضبها منه، ومثلما انتهى حكم جمال عبد الناصر يوم 21 فبراير 1986 حينما خرجت الجماهير والعمال هتفوا ضد النظام بسبب أحكام الطيران التى كانت ضعيفة، ومثلما انتهى أيضًا حكم السادات يوم 18 و19 يناير في "انتفاضة الخبز". فمهما طال حكم الإخوان سينتهى؛ لأن شرارة النهاية اشتعلت، ولكن ما يسرع سقوطهم أن يتحرك الشعب وينزل إلى الشارع وأن يعود للشعب وتيرة العمل الجماعى ضد نظام "فاشى وطاغى". وأنا متفائل أن هناك موجة جديدة للثورة القادمة ستكون شعاراتها اجتماعية وقواها الأساسية هى الطبقات الكادحة فى المجتمع، أنني على أمل أن نرى العمال والفلاحين والطبقات الفقيرة يسقطون دولة المرشد ودولة الإخوان ودوله القهر. - ما تقييمك لحملة "تمرد"؟ وهل تتشابه مع التوكيلات التي نادى بها البرادعي قبل الثورة؟ أيًّا كان مصير حملة "تمرد" ودرجة نجاحهان فإن مجرد انطلاقها وبدايتها شيء إيجابى جدًّا من هؤلاء الشباب الذين بادروا بتلك الحمله، وأوجه التحية إليهم؛ لأن هؤلاء الشباب لديهم رؤية وإرادة قوية، و"سحب الثقة" هو حملة جديدة من العمل الجماهيرى السياسى الذى يشكل ضغطًا شعبيًّا على النظام الذى يتحرك وسط الشعب ويؤثر فيهم، وحملة مثل تلك تعمل على تشكيل وعى كبير فى المجتمع المصرى رغم تحفظى عليهم فى دعوتهم لعمل انتخابات رئاسية مبكرة؛ لأن الحالة فى مصر الآن لا يجدى معها عمل انتخابات رئاسية مبكرة؛ فهذا الأمر يعنى أنك تجرى انتخابات جديدة وفق منظومة القوانين والدستور التى وضعتها جماعة الإخوان المسلمين، ومجرد دخول انتخابات رئاسية مبكرة على هذه القواعد يعنى الاعتراف بما قامت به جماعة الإخوان المسلمين فى عهدها من قوانين ودستور وقواعد للعمل وغيرها، وجميعها مخالفة للأعراف الديمقراطية، وتستهدف فقط ضرب الشرعية الثورية. وعلى الرغم من تلك التحفظات، إلا أنى معهم تمامًا.. تكفى إرادتهم وووجود هدف لديهم والإصرار على تحقيق ما بدءوا من ثورة. - كيف ترى التعديلات الوزارية؟ أنا لا أستطيع أن أطلق عليه "تعديل وزارى" مثلما يقولون، لكنه "تمكين وزارى"؛ لأن الوزارة القائمة كان بها نقاط ضعف لدى مكتب الإرشاد ومؤسسة الرئاسة، وتلك مرجعها أن الذين تم تغييرهم من وزراء لم يكن أعضاء فى الإخوان، أو كان أداؤهم أاقل مما توقعته جماعة الإخوان المسلمين فى الأخونه أو التمكين، أو أنه حان الوقت لأن يسيطر الإخوان على الوزارة بقبضتهم المباشرة دون أى شيء يشوب فكرهم. فهذه التغييرات هدفها الأساسى إحكام السيطرة على السلطة التنفيذية بعد أن تمت السيطرة على مؤسسة الرئاسة ومؤسسة القضاء، وما يؤكد كلامى أن كل الوزارء الجدد من جماعة الإخوان المسلمين أو المؤيدين لها، ووصل الأمر إلى أنهم جاءوا بشخص مجهول، ووضعوه وزيرًا للثقافة، ولا أحد يعلم عنه شيئًا على الإطلاق، وذلك كله للسيطرة على الوزارات التى ستلعب دورًا كبيرًا فى الفترة المقبلة؛ من أجل تزوير الانتخابات وتزييف الإرداة الشعبية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، خاصة وأنهم يدركون أن شعبيتهم قلت جدًّا فى الشارع المصرى. أما عن استمرار قنديل، فهذا أمر طبيعى؛ لأن دكتور هشام قنديل يلعب دور "المايسترو" فيما تخططه جماعة الإخوان المسلمين من أخونة كل مؤسسات الدولة وتزوير الانتخابات وقمع الثورة والثوار. - هل ترى أن جبهة الإنقاذ ابتعدت عن الشارع المصرى وتلبية مطالبه؟ هذا أمر صحيح؛ لأن جبهة الإنقاذ تسير بإيقاع بطيء جدًّا، وهناك مسافات بينها وبين الشارع المصرى، وأنا أرى أنها فى الفترة السابقة لم تؤدِّ واجبابتها، وأضاعت العديد من الفرص التى كانت متواجدة أمامها بسبب الإيقاع البطيء لها، وعلى الرغم من ذلك فإن لجبهة الإنقاذ إنجازات عديدة، أهمها توحيد صفوف المعارضة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والوقوف فى وجه أخونة الدولة. لكن الجبهة مُطالبة الآن بأن تعلن البديل لحل المشكلات التى يتعرض لها الشارع السياسى المصرى، وأن تنزل إلى الشارع المصرى وتلتحم بالشعب بدرجة أكبر، وتعلن تشكيل حكومة ظل تهتم بالملفات الأساسية فى الدولة ك "الحد الأدنى للأجور والصحة والتعليم"، ولا بد أن تعلن عن برلمان شعبى قريبًا، وإذا لم يحدث ذلك، فمن المحتمل أن تخسر جبهة الإنقاذ كل شيء. - ما رأيك فى الدعوات التى تتطالب بعودة الجيش مرة أخرى إلى الحياة السياسية فى مصر؟ تلك الدعوات سببها الأساسى ظاهرتان، أولهما اكتشاف الفشل الذريع للإخوان المسلمين وعجزهم وعدم قدرتهم على إدارة الدولة، والسبب الثاني أن المعارضة أصبحت لا تمثل الشارع المصرى وتأخرت فى التواصل مع الناس، فأصبح المواطن المصرى يعيش فى حالة عجز، وبدأ يبحث عن بديل، ولم يجد أمامه سوى الجيش. فدعوة الجماهير للجيش هى دعوة وليدة عجز من فى الحكم، خاصة مع التدهور الأمنى والانفلات الاجتماعى، ولكن الجيش لن ينزل إلى الشارع إلا فى وجود سند شعبى واضح جدًّا، مثل العصيان المدنى أو أى شيء يبرر نزوله، فالجماهير فى النهاية هى صاحبة تلك القرارات. وأرجو من الجيش فى حالة نزوله أن تختص مهامه فى إدارة الأمور وإعادة عجلة المجتمع إلى طبيعتها، ثم العودة إلى مكانه الطبيعى مرة أخرى. - لماذا خفت نجم الجمعية الوطنية للتغيير بعد الثورة؟ لأسباب موضوعية.. لأن الجمعية الوطنية للتغيير كان بها قطاع كبير من كل القوى المعارضة لنظام مبارك، أما بعد الثورة فقطاع واسع من هذه القوى أصبح فى السلطة، كجماعة الإخوان المسلمين وحزب الوسط، ثم تشكلت جبهة الإنقاذ الوطنى، فضمت كل من كان بالجمعية، لكن يظل دور الجمعية الوطنية للتغيير هو الضمير الوطنى الخالص الذى ليس له أي مصالح سوى مصر، ولا ينحاز لطرف على حساب آخر، ونحن فى طريقنا الآن لتنفيذ عدد من الخطط للنهوض بالجمعية والوصول لعدد كبير من المحافظات، وتمكين القيادات الشبابية من الوصول لقطاع أكبر. - لماذا لا يتوحد اليسار حتى الآن؟ وهل سعيتم لذلك؟ أهم أسباب تفكك اليسار هو عجزه عن تجديد خلايا حية ودفع دم جديد بعروقه، وعجزه عن تطوير آليات تواصله مع المجتمع. ونحن طرحنا فى الفترة الأخيرة فكرة توحيد كل قوى اليسار المصرى فى حزب كبير يضم مميزات كل الأحزاب اليسارية. إذا تم تجميع كل نقاط القوى فى كل الأحزاب اليسارية، فسنكون حزبًا جديدًا قادرًا على بناء مصر. ربما سيكون ذلك الحزب مجرد توحيد لقوى اليسار، لكن يمكن أن يكون حلقة وصل بين أجيالنا والأجيال الشبابية؛ ومن ثم نتراجع نحن، ونترك لهم الحزب يديرونه بعقولهم الأكثر وعيًا. - هل بالفعل مرسى رفض المشاركة فى ثورة يناير؟ نعم حدث ذلك، فكنا نتناول العشاء فى بيت أحد الأصدقاء، وبعد أن تناقشنا، سألت الدكتور مرسى سؤالاً مباشرًا: بعض الشباب دعا للنزول للشارع، فما رأيك؟ رد قائلاً: نحن لم نشارك فى ذلك؛ فنحن أكبر من ذلك، ولا يصح أن نجرى خلف عدد من الصبية. وفى نفس اليوم أعلن عصام العريان عدم نزول الإخوان المسلمين، وبالفعل نزلوا بعد 4 أيام من الثورة، بعد أن علموا أن شرارة الثورة انطلقت، وأنها بالتأكيد ستجنى ثمارًا جيدة. عندما تجعل من جماعتك بديلاً للقانون، تعطى للمواطن إحساسًا بأنه انتهى، وبالتالى يسير بمبدأ "الدراع" أتحفظ على عمل انتخابات رئاسية مبكرة؛ لأن هذا يعنى الاعتراف بما وضعه الإخوان من قوانين ودستور وقواعد للعمل وغيرها جبهة الإنقاء مُطالبة بالبديل لحل المشكلات التى يتعرض لها المصرى، وأن تنزل إلى الشارع وتلتحم بالشعب