إكرام لمعي: العلمانية والإباحية أضعفت الكنيسة الكاثوليكية رفيق جريش: تعديل الدستور الرسولي بداية جيدة للإصلاح..ورفض الفاتيكان لحرب العراق دليل على عدم التبعية صفوت البياضي: الفساد موجود بالفاتيكان كغيره من المؤسسات سعيد اللاوندي: أمريكا تريد "أبلسة الاسلام".. و"روما" لن تنساق وراء رغباتها تتعرض العقيدة الكاثوليكية فى أوروبا منذ قيام الثورات الإجتماعية إلى خطر العلمانية والتحرر من سيطرتها على الحياة الاجتماعية، الأمر الذي جعل من الكنيسة الكاثوليكية كائنا منقرضا أو فى سبيله للإنقراض، ودعم ذلك ما أعلن عن فساد مالي وإداري داخل الفاتيكان، والأبشع من ذلك الفساد الأخلاقي الذي ظهر في حوادث الشذوذ الجنسي بين رهبانها..هذه الأمور كانت سببا في استقالة البابا بنديكتيوس السادس عشر، ليحل محله أول بابا يأتي من خارج القارة الأوروبية منذ عام 731 عند اختيار السوري غريغوري السادس عشر... ومن الأرجنتين تحديدا، إحدى دول العالم الثالث والذي يتميز بميوله الاشتراكية ومعاداته للمظاهر الرأسمالية التي ظهرت على رجال الكنيسة بالإضافة لعداءه للتوجهات الإمبريالية الأمريكية التي تسعى للهيمنة على العالم إنه البابا جورج ماريو انطونيو بيركوليو أو "فرانسيس الأول" طبقا لإسمه الديني الذي اختاره تيمنا بالقديس "فرنسيس الأسيزي"، أحد معلمي الكنيسة الجامعة، والمعروف بدفاعه عن الفقراء والبساطة والسلام. ويرى الدكتورالقس إكرام لمعي، أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الانجيلية برئاسة مجمع سنودس النيل الانجيلي، أن الكنيسة الأوروبية الكاثوليكية تعاني حالة من الضعف فى الفترة الأخيرة في مقابل أخواتها في أمريكا الجنوبية وآسيا بسبب اجتياحها من قبل العلمانية والإباحية، على عكس نظيراتها في أمريكا اللاتينية والشمالية، لأن الشعب الأمريكى متدين بطبعه مثل شعوب الشرق، على عكس أوروبا وخاصة فى ألمانيا وانجلترا وفرنسا، التي وصلت لمرحة من العلمانية إلى درجة المطالبة بزواج الرهبان. وأضاف أن استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر جاءت بسبب تكرار مثل هذه الدعوات الخاصة بزواج الرهبان بالإضافة للكشف عن الانحرافات الأخلاقية التى شهدتها الكنيسية مثل الشذوذ الجنسى ،وخشيته من اتخاذ قرارات هامة تمس العقيدة. وأشار لمعي إلى أن ضعف الكنيسة الأوروبية يشكل إحدى التحديات التى تواجه البابا الجديد القادم من دول العالم الثالث خارج أوروبا ولا يعلم كافة التفاصيل عن حوادث الفساد بالكنيسة، بالاضافة إلى كونه اشتراكي الهوى والفكر ويؤمن بالعدالة الاجتماعية وحقوق الفقراء وهو مايعرضه لصدام مع أصحاب النفوذ والمال، ولكنه لن يكون صداما مبكرا بل سيكون متأخرا وسوف يبذل البابا الجديد كل جهده للتصدى له ومواجهته، لافتا إلى زيارته لنزلاء أحد سجون روما وغسله لأرجلهم بنفسه، على عكس البابا السابق الذي كان ذو طابع أكاديمي فهو بابا لا يريد الدعاية والنفوذ ،والمناصب حتى انه عندما تم اختياره كاردينالا لكنيسة الأرجنيتن رفض أن يقيم في الكاتدرائية الضخمة ويكون فى خدمته العشرات من الخدم ولكنه أصر على العيش فى شقة فقيرة بحى شعبي. البابا في مواجهة أمريكا الدكتور سعيداللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يرى أن بابا الفاتيكان فرانسيس الأول، يريد أن ينعزل عن الشغل بالعمل السياسي، ويرغب في التفرغ للتعاملات الانسانية اللاهوتية فقط والعمل على ما جاء لتحقيقة وهو سيادة العدالة وإرجاع القيم الدينية في ظل مجتمع غابت عنه تلك الموضوعات في الفترة الأخيرة. وقال اللاوندي إن التحديات التي يواجهها البابا الجديد ليست سهلة كما يظن البعض ولكن إذا نظرنا فيها عن قرب نجدها سبب تخلي سابقه عن كرسي البابوية، لعدم استطاعته مواجهتها وخاصة الفساد المالي والأخلاقي، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة تسعى بقوة إلى غزو العالم عن طريق الجانب الفكري الديني ب "أبلسة" الإسلام وإظهاره بصورة سيئة وتعظيم دور الفاتيكان من ناحية أخرى لجعله أداة في يدها لتحقيق سياساته الخاصة، إلا أن البابا الجديد سوف يصرعلى عدم الانسياق في السياسة وترك تلك الأمور للقادة ورجال الدولة. ويؤكد الدكتورالقس صفوت البياضي، رئيس الطائفة الانجيلية فى مصر أن الفاتيكان كغيره من المؤسسات يوجد بداخله فساد من الناحية المالية والأخلاقية كشائعة زواج المثليين و تسريبات وثائق عن فساد من داخله كما حدث مع البابا السابق، وكل ما تم ذكره كافي لهز أركان الكنيسة حال تجاهله وعدم العمل على إصلاحه. وأوضح البياضي، أن بابا الفاتيكان الحالي فرانسيسالأول، يمتلك أدوات جدية للتغيير حيث أنه بعيد تماما عن عالم الرأسمالية ويميل أكثر إلى الفكر الاشتراكي، لذلك نجد استراتيجيته قائمة على العدالة والخير والميل للموضوعات الإنسانية وهدم الفساد علاوة على التركيز على الجانب الديني أكثر من السياسة. وتابع ناصحا إياه قائلا: على فرانسيس أن يتجنب ضغوط الإدارة الأمريكية عليه من أجل خدمة أجندات خاصة بها باسم الكنيسة، وأن يعمل بشكل جاد على إصلاح ما انسحب بسببه البابا السابق، وهدم الفساد الموجود داخل أركان الفاتيكان عن طريق وضع خطة تقوم عليها لجان متخصصة للفصل في الأمور الخاصة بالمال الذي يدخل الكنيسة. ويرى جمال أسعد، المفكر القبطى أن اختيار بابا الفاتيكان من الأرجنتين يعد أمرا طبيعيا، لأن الكنيسة الكاثوليكية تعد جامعة لكل شعوب العالم التى تعتنق الكاثوليكية رغم اختلاف الأساليب في اعتناقها، فمثلا الكاثوليك فى مصر يصلون باللغة العربية والقبطية المصرية و يخضعون لعادات وتقاليد الثقافة المصرية ،وكذلك الحال مع الكاثوليك فى بريطانيا وأمريكا والهند وفرنسا، ولذلك فقدوم بابا من شعوب العالم الثالث أمر جيدلمواجهة واقع الكنيسة الحالي وحالة ثراء رجالهاو تورط البعض منهم في أعمال غسيل أموال والتعامل مع المافيا العالمية وهو ما يتناقض بشكل كامل مع أفكار البابا الجديد الذى ينادى بحقوق الفقراء ويطالب بالعدالة الاجتماعية ،والتعامل مع الحياة بمفاهيم بعيدة عن المجتمعات البرجوزاية، مشيرا إلى أن من يضجر من البروتوكولات ويتنازل عنها ويطلب من أخته ألا تزوره في روما وأن تتبرع بثمن تذكرة الطائرة إلى أحد ملاجىء الفقراء ، سوف يقف بقوة وحزم ضد أي فساد بالكنيسة. وأضاف أن الكنيسة الكاثوليكية ليست معصومة من الخطأ وبها الطالح والصالح، ولكنها تتميز بالمصارحة والاعتراف وإمكانية المراجعة وتصويب الأخطاء، فعندما أخطا القساوسة فى ممارسة الشذوذ الجنسي خرج البابا يوحنا بولس الثاني وقدم اعتذارا للعالم كله، واعتبر أن هذا السلوك غير أخلاقي ومنافيا لقيم المسيحية، وهو ما سيساعد البابا الجديد على تنفيذ أجندته الإصلاحية. وطالب الأب رفيق جريش، المتحدث الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية في مصر البابا فرانسيس الأول أن يعمل جاهدًا على إعادة ترتيب البناء الداخلي للوزارات داخل الفاتيكان، مشيرا إلى أن ذلك بدأ يتحقق على أرض الواقع بعد قراره بتشكيل مجلس مكون من 8 كرادلة من أجل إصلاح الفاتيكان إداريًا، فضلا عن إجراء بعض التعديلات في الدستور الرسولي "باستور بونس" المنظم لإدارة الفاتيكان. وتابع، عليه أيضًا وأن يهتم بقضايا مسيحيي الشرق و مكافحة العادات اللا أخلاقية المنتشرة في الغرب كزواج المثليين، مشيرا إلى أنه سيواجهه العديد من العقبات خلال تناوله لتلك التحديات التي تم ذكرها، وأول تلك العواقب هي عامل الوقت الذي لن يكون قصيرًا كما يتمنى الأخرون.. بل إن المعالجة ستتم على المدى الطويل، كما أن المشكلات لن تنتهي، فبمجرد أن يحل البعض منها ستظهر تحديات وأزمات أخرى. وعما يتردد عن تبعية الفاتيكان لأمريكا من أجل تنفيذ أجنداتها السياسية الخاصة، قال جريش إن للكنيسة الغربية سياستها المستقلة بعيدًا عن أي تدخلات، وأستشهد بموقف بابا روما من رفضه الحرب الأمريكية على العراق، وما قاله البابا يوحنا بولس الثاني للرئيس الأمريكي جورج بوش بأت تلك الحرب غير مبرره وكان لا يجب الخوض فيها. .