انتشرت- مؤخراً- مبادرات متنوعة في الساحة السياسية تحاول طرح أفكار سياسية ورؤى اقتصادية تخرج البلاد من حالة الانقسام التي تطورت إلى عداء وانتقام ومن بين هذه الأفكار فكرة لجنة وفاق وطني أو لجنة حكماء قرارتها ملزمة للجميع ومهمتها النظر في كل القضايا الخلافية بداية من الإعلان الدستوري ومروراً بحكومة وطنية محايدة وانتهاء يقانون انتخابات يعدل بين جميع الفرقاء في هذه المرحلة الانتقالية. وطرحت شخصيات وأصحاب رؤى لهم أوزان سياسية محترمة مثل الدكتور أبو الفتوح والدكتور يحيي القزاز فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة، وعرض أخرون منهم الأستاذ محمد أمين في المصري اليوم فكرة الخروج الآمن للرئيس قبل أن تغرق سفينة مصر بركابها في أتون الجحيم. والحقيقة، أن هذه الحلول لم تنطلق من فراغ، بل اعتمدت على مجموعة من الحقائق الموضوعية البادية لكل ذي بصر وبصيرة، فالسعي الدائم لمؤسسة الرئاسة والإخوان لدعم الاستقطاب والانقسام السياسي والمجتمعي، والاندفاع المسعور نحو حرب استنزاف ضد مؤسسات الدولة المصرية العريقة مثل القوات المسلحة والمخابرات والقضاء والأزهر والكنيسة وغيرهما يؤكد خطورة توجه الجماعة نحو العصف بالدولة المصرية. إن فشل الرئيس وجماعته وأنصاره وكل من اختارهم- في تحقيق أي مطلب من مطالب الشعب المصري وهي مطالب الثورة حتى ولو بشكل جزئي، وتفرغ الجماعة لعملية الاستحواذ على المناصب الحساسة والمؤثرة في مؤسسات الدولة بشخصيات موالية له وتفتقد إلى الكفاءة والخبرة وانشغال الجماعة بمصالحها الخاصة عما ينفع عامة الشعب المصري، وتفاقم مشاكل المجتمع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية كل يوم وتجذيرها، وإعدام أي بصيص أمل لفتح الطريق أمام الخروج من مستنقع العشوائية والفوضى، كل هذا يدعو أي مخلص للبحث عن مخرج من المصير المخيف للبلاد. وبما أن الرئيس مرسي وجماعته غير قادرين ولا راغبين في أداء المهمة التي انتدبوا لها في فترة زمنية بالغة الحساسية، وبما أن مصلحة مصر وشعبها فوق مصلحة جماعة الإحوان، بل وفوق مصلحة أية جماعة أو حزب مهما ثقل وزنه، وبما أن الجماعة باتت تخسر كل يوم جزءا كبيرا من ثقة الشعب نتيجة نقضها للعهود واعتمادها على الكذب الدائم وانقيادها للانتقام المنظم من الشعب ومؤسساته، فإن الغضب والحنق واليأس والكراهية التي حلت محل الأمل الذي أشرق أثناء الثورة- قد يؤدي إلى خروج الشعب كله لمحاصرة الجماعة ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، وهذا مالا يتمناه عاقل لجماعة ظلت تشتكي من الاضطهاد والظلم وعدم حصولها على فرصة لإثبات جدارتها بالحكم عدة عقود، فهل يمكن أن يتصرف بعض حكماء الجماعة-في هذه اللحظات العصيبة- برشد قبل انفلات الزمام من يد الجميع؟. إن إصرار الجماعة على السير بالبلاد في الطرق المليئة بأشواك الفشل ومستنقعات الفتنة وغرور الفاشية والإرهاب حتى لو أدى ذلك لاحتراق البلاد وسقوطها في حالة الفوضى والعنف سيؤدي- بالتأكيد- إلى انتحار الجماعة سياسيا وإلى الأبد. واعتماداً على القاعدة الشرعية التي تقول "إن الضرورات تبيح المحظورات" وأقصد بالمحظورات الالتزام بمدة الرئيس التي حرصت الجماعة على وضعها في الدستور الجديد تحت عنوان شرعية الصندوق، فإن عدم توفر القدرة والإرادة على إدارة شئون البلاد مما يعرض أكثر من تسعين مليون مصري لمخاطر الجوع والخنوع وتدمير أركان الدولة يجعلنا نختار أخف الضررين، وهو الخروج الآمن للرئيس مرسي وتشكيل مجلس إنقاذ وطني لمهة واضحة ويحمل كل منهم ملفات محددة ويعكف المجلس على: الخروج من الوضع المأساوي بخطة زمنية عاجلة وواضحة تعالج قضيتي انعدام الأمن والانهيار الاقتصادي، وبناء دولة القانون، بعد ذلك ليحتكم الجميع للصندوق الشفاف. ملحوظة: لا يحق لتشكيلة مجلس الإنقاذ الوطني الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة.