في ظل ما يواجه مجتمعنا المصري الآن من أزمات وخلافات وانقسامات، وفي ظل اشتعال عدد من الأزمات الاقتصادية والسياسية والقضائية أو على حتى مستوى الشارع والأزمات التي يعانيها المواطن، أجرت "البديل" حاورًا مع دكتور عمرو هاشم ربيع - الخبير السياسى والاستراتيجى بمركز الأهرام للدراسات السياسية - لتحليل الوضع السياسى الحالى فى الشأن الداخلى والخارجي وكيفية الخروج من المأزق التى تعيشه مصر الآن. في البداية كيف ترى المشهد السياسى الحالى بعد 300 يوم من حكم مرسى؟ المشهد بعد 300 يوم من حكم الرئيس مرسى هو مشهد مرتبك للغاية، فنحن ما زلنا نعيش فى المرحلة الانتقالية، ولم تتحقق حتى الآن أهداف الثورة، وعندما قامت الثورة كان الغرض منها نشأة حكم ديمقراطي وحياة ديمقراطية سلمية، لكن دائما ما تنقلب الأمور على أعقابها، فمن قام بالثورة هو الآن لا يحكم، ولم يكن ذلك هو الغرض، وما حدث هو العكس، من لحق بالثورة ومن ركب موجتها يحكم بدعوة أنه من كسب بصناديق الانتخاب والجميع يعلم أن هذه الصناديق كانت موجهة بشكل دينى وكانت المنافسة بينه وبين العسكرى فكان من الطبيعى ان يكسب. والآن وبعد 300 يوم من حكمه أثبت فشله الذريع سواء على المستوى السياسى او غيره فالمشهد مرتبك وملبد بالغيوم للغاية. - ما رأيك في الأزمة القضائية الحالية ومطالبة القوى السياسية بتطهير القضاء، لكن كل منهم له مفهومه الخاص عن القضاء؟ مما لا شك أن هناك قطاعات كبيرة جدا لوثها النظام السابق، بمعنى أنه أفسدها تحقيقا لأهدافه الاستبدادية والديكتاتورية، ومن هذه القطاعات قطاع العدالة او القضاء، الذى هو ليس مجرد قطاع عادى لكنه يعد من اهم القطاعات الثلاثة المهمة فى الدولة. فنحن بحاجة بالتأكيد لإحداث تغيرات جوهرية فى أمور كثيرة داخل القضاء، ومنها "الندب والإعارات والتأديب وسن التقاعد والاستقلال المالى والإدارى عن وزارة العدل ومسألة توريث الوظائف"، لكن المشكلة الأساسية متى يتم تطهير القضاء ومن سيرضى بذلك التطهير الذى سيحدث، إذا كان بإرضاء السلطة المطلق فهذا هو الخطأ، أما إذا كان بغرض التمكين فهذا ايضا خطأ، الإصلاح واجب وضرورى فى مرفق العدالة لكن التوقيت الحالى هو الخطأ والذى يقوم بمرفق التعديل هو ايضا فى موقع الخطأ، لانه يقوم به وهو فى إطار او رغبة الانتقام. - ما مصير القضاء حال تمرير قانون السلطة القضائية؟ المجلس الحالي إذا مرر قانون السلطة القضائية فستكون هناك مشكلة كبيرة، سيكون هناك نوع من المناخ الانتقامى، إضافة الى أن المجلس الحالى هو مجلس تشريعى استثنائى بمعنى أنه ليس المخول فى وضع تشريعات إلا تشريعات ضرورية مثل قانون الانتخاب على سبيل المثال مثل مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلس النواب لظروف خاصة بالانتخابات. أما بخصوص قانون السلطة القضائية فهى تشريعات يقوم بها مجلس النواب والآن يقوم بها مجلس الشورى وهى ليست ضرورية فهنا مشكلة كبيرة جدا. - هل من الممكن أن تتحول أزمة قانون السلطة القضائية إلى انقلاب دستورى على مرسى؟ بالطبع ستتحول إلى أزمة كبيرة تؤدي إلى تصاعد الناس فى الشوارع وتزايد الاعتصامات والإضرابات، لكنها لن تصل إلى حد انقلاب دستورى، لكن سيكون هناك نوع من "الغضب" التى لم يستطع الرئيس احتمالها لانها سوف تشوه صورته فى الخارج، وهو يهتم بالخارج بمسائل الديمقراطية وحقوق الإنسان، خاصة أن صندوق النقد الدولى يشترط على تلك الأمور. -وما تعليقك على ما نشرته بعض الصحف حول ضبط 5 مكالمات سرية بين الإخوان وحماس قبل الثورة، هل هذا يدين الإخوان بشكل فعلي ويقلل من رصيدها السياسى أم أنها مجرد "فرقعة إعلامية"؟ إذا ثبت ما نشر فإنه يدين الإخوان إدانة مباشرة، لكن هذه الإدانة هي إدانة معنوية بمعنى أن الحكم الذي يهيمن على سلطة البحث والتحري لا يمكن أن يدين نفسه. - وما مدى علاقة الإخوان بحماس؟ حماس هي جزء من الإخوان فهى وليدة الإخوان، ونشأت من عباءة الإخوان، لكن المشكلة هنا لها علاقة بحكم الجيرة بين مصر وحماس فحينما يكون هناك امتداد جغرافي بين الدولة النامية مثلما هو حادث تكون العلاقات أسهل بكثير، ومن هنا جاءت مسألة الود بين الإخوان وحماس. - وهل بمكن أن يكون لتلك العلاقة نتائجه من خلال تمكين الإخوان لحماس من أرض سيناء، كما يقال؟ حتى لو افترضنا أن هذا في مخيلة البعض فالشعب المصري لا يمكن أن يرضى بهذا الوضع على الإطلاق، ليس فقط سيناء إنما في كل الأمور المتعلقة بسيناء وحلايب وشلاتين وقناة السويس، وتحقيق هذا الكلام عبارة عن وهم، ولن يحدث في وجود تيار كبير معارض، ورغم كبر الإخوان وعددهم إلا أنهم لا يتعدوا مليون شخص. -وما رأيك في أداء المعارضة المصرية الحالية وهل هي بالفعل تعبر عن الشارع المصري وتسير في طريقها الصحيح؟ المعارضة المصرية ليست فصيلا واحدا، فلا يمكن تحديد الإتجاه الذي تسير فيه سواء إن كان صحيحا أم لا، ولا شك أن هناك قطاعا كبيرا من المعارضة يفهم فى الثورة وهو لم يحكم ومن ثم يتسمر العنف طالما لم يحكم. ولكن الإخوان إذا استطاعوا تمكين المعارضة ولو بجزء صغير ستكون المعارضة طوق نجاه لحكم الإخوان، بمعنى أنه يجعل الشارع اكثر صبرا على إجراءات التقشف وعلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية الموجودة. - وماذا عن حملات التخوين التي تشنها الإخوان على جبهة الإنقاذ على وجه الخصوص وعلى المعارضة بشكل عام؟ مسألة التخوين هي مسألة مستنكرة بالطبع، ويجب أن يكون لدى المجتمع قدر كبير من التسامح، كى تمر الأمور على خير لأن مصر تعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية أكبر بكثير من المشاكل السياسية، فالاستمرار فى التخوين لم يجعل الامور تسير فى مسيرتها الطبيعية. - هل يعد اختيار الدكتور محمد البرادعي من أفضل 10 مفكرين في العالم هي صفعة على وجه الإخوان؟ بالتأكيد صفعة للإخوان، لأن هذا يرد على أمور كثيرة خاصة الاتهامات التي وجهت ضد البرادعي في الفترة الأخيرة، لتنحية القوى المؤيدة للثورة. - وما رأيك في التعديل الوزاري المرتقب الذي أكدت مصادر مطلعة أنه سيشمل 9 وزرات فقط واستمرار رئيس الوزراء هشام قنديل؟ هذا التعديل الوزاري غير كاف لأنه مثل "الترقيع" لأن الحكومة تعمل منذ عدة أشهر وأثبتت فشلها التام، باستثناء بعض القطاعات مثل المؤسسة العسكرية، فلابد من تغيير الوزارات التى أثبتت فشلها وعلى رأسهم رئيس الوزراء "هشام قنديل" الذى اثبت فشله فى تلك المرحلة التى تولى بها، فهو شخصية خجولة غير مقدامة، غير متخصص سوى فى شئون الرى فقط، والتعديل الوزارى امر مهم جدا ولابد ان يحدث استجابة للمعارضة، غير منطقى ان تدعى السطة أن تلك التعديلات جاءت لان الوزارء لم يستطيعوا إكمال عملهم وليست استجابة لرغبة الشعب. - ومن في رأيك يستطع تولى رئاسة الوزراء إذا استجابت الرئاسة وأقالت هشام قنديل؟ هناك عدد من قيادات جبهة الإنقاذ يصلحون لتولي رئاسة الوزراء في حال قبولهم ، وعدد من القيادات الحزبية ورجل مثل كمال الجنزورى الذى أبلى بلاءً حسنًا فى الفترات الانتقالية لكن الأهم ان يكون لرئيس الوزراء صلاحيات كاملة. - كيف ترى الحملة الشعبية "تمرد" التى تدعمها عدد من القوى الثورية لسحب الثقة من الرئيس مرسى؟ هي حملة ضغط كبيرة على الرئيس كى يبادر بالتنحى او الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وهذه الضغوط كلها معنوية ليس لها مردود مادى، فلو نجحوا فى تجميع المليون، لا يعنى أن مرسى سيرحل ثانى يوم لانه لا توجد اى مادة فى الدستور الحالى او السابق تنص على هذا، او حتى فى اى دستور بالعالم، وإذا استطاعوا بالفعل جمع مليون توقيع فمن الممكن ان تأتى التيارات الإسلامية وتقول لهم أنتم جمعتم مليون توقيع ومرسى جاء الى الحكم بنسبة اكبر من هذه. وهذه هى النتيجة الطبيعية لعدم وجود وافق وطنى، وهذا الوافق يرجع من السلطة، فمرسى تمسكه بالسلطة أكبر من ذلك، والجماعة لديها الرغبة فى الوصول إلى الحكم منذ نشأتها، فالحديث هنا ليس على شخص يتنازل عن الحكم إنما الحديث عن تنظيم سياسى كامل لن يترك الحكم لمجرد جمع بعض الشباب توقيعات حتى وإن تجاوز عددها مليون . - وكيف ترى دعوات البعض بنزول "الجيش" لحكم البلاد مره أخرى؟ أرى أن تلك دعوات "ساقطة"، كانت سقطة كبيرة من السياسيين الذين دعوا لها، فهم يبدلون حكم مرسى وجماعته بحكم أسوأ منه عشرات المرات، فهذا اعتراف من المعارضة بفشلهم هم كأشخاص فى المعارضة لذلك يلجأون للجيش، لكن ما من شك أن نزول الجيش ربما يكون حلا ولكن فى أمور أخرى اكبر مما نحن عليها، فالجيش لن ينسى ابدا أن ما يدعوه للنزول الآن هو من صمم على رحيله وقال له "ارحل". - هناك فئة من الشعب المصرى تردد أن جماعة الإخوان المسلمين لن تترك الحكم إلا بسيل الدماء.. بماذا ترد على هؤلاء؟ مسألة التهديدات بالدم واستخدام العنف هو كلام "فرقعة"، فلو كان التيار الإسلامى قادرا فعلا على عمل مجازر لم نكن لنرى ممارسات أمن الدولة معهم خلال السنوات الماضية، لكنها محاولة لترهيب الشعب المصرى أن البديل هو الدم، لكن أقصى ما فعله التيار السلفى هو حرق عدد من مقرات الأحزاب وهذه افعال "صبيانية" لا يمكن الحديث عنها. - وبخصوص مؤسسة الرئاسة كيف تراها الآن بعد أن استقال الجزء الاكبر من المستشارين ولم يبق سوى 4 فقط؟ المسئولية هنا تقع على الرئيس، فهو اعتمد على أهل الثقة ولم يعتمد علي المستشارين فيجعل ذلك المستشار يمل من عمله، وجود المستشار كهيئة معترف بها يتم تنحيتها جنبا والاستعانة بمكتب الإرشاد. - وما رأيك بخصوص تصريحات "ماكين " بأن الدعم الأمريكى لمصر يحافظ على الأمن القومي لأمريكا؟ هذا صحيح تماما، فالدعم الذي تقدمه أمريكا لمصر يحافظ على الأمن القومى فى أمريكا وإسرائيل، لأنه إذا حدث خلل مع مصر ستكون المنطقة غير مستقرة وعدم الاستقرار سيؤدى لحدوث أزمة، فأمريكا تريد مصر كما هى لا تنهض ولا تنحدر للغاية، تريدها كما هى فى حالة "الوسط". - وكيف ترى علاقة مصر بقطر فى ظل حكم الإخوان؟ قطر دولة صغيرة ومن المستحيل أن يكون لها مطمع فى دولة كبيرة مثل مصر، فهى دولة طبيعتها تسعى إلى لعب دور اكبر من دورها، لكن كل ما أخشاه أن إتمام العلاقات المصرية القطرية ربما يؤثر على بلدان كثيرة، خاصة بلدان الخليج العربى. - وهل ترى أن مبادرة التعاون بين مصر وروسيا ستؤثر على السياسة المصرية والاقتصادية؟ مصر دائما تحاول أن تجد بديلا، فنجدهم دائما يبحثون علاقات مع قطر والصين وأمريكا، فهم يحاولون أن يجدوا بديلا خوفا من تخلى اى طرف من الأطراف التى تدعم مصر عنهم، لكنى أعتقد أن الاتحاد السوفيتى ليس جهة مهمة بالشكل الكافى كى تتجه مصر إليها لدعمها اقتصاديا وماديا. - كيف ترى علاقة مصر بإيران؟ أجد أن العلاقات المصرية الإيرانية علاقات حيوية جدا، خاصة فى مجال السياحة فيجب أن تعود بقوة، لان لا يوجد دولة فى العالم تقيم علاقاتها مع الدول الأخرى على أساس دينى او مذهبى مثلما يحدث فى مصر، فدعوات السلفيين بأن تلك العلاقات هى المد الشيعى فى مصر هى دعوات تتسم بالخيبة الشديدة، وأبرز دليل على ذلك أن السعودية بها سياحة إيرانية ولم نجد أحدا فى السعودية تشيع، لكن أخشى ان تكون هناك أموال مدعمة من حركات وهابية للسلفيين لمواجهة التشيع في مصر وهذا أخطر ما يكون وستكون سقطة كبيرة في حق السلفيين إذا ثبت ذلك. أخبار مصر – البديل