تحدثنا فى المقال السابق عن قضية القصد فى المشى وذكرنا الحديث الذى يبين كيف كانت صفة مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا فى رسول الله الأسوة الحسنة إقرأ قول الله تعالى "لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة " وبينا أن عكس التكبر التواضع كما جاء فى صفة عباد الرحمن . فالتكبر اسم من اسماء الله الحسنى – المتكبر فقد قال رب العزة فى الحديث القدسى الجليل "الكبرياء ردائى والعظمة إزارى فمن نازعنى فيهما أدخلته نارى ولا أبالى" إذا فمن اسماء الله الحسنى الجبار المتكبر فتعالوا بنا لنلقى نظرة على خلق أبينا آدم وخلق أولاد آدم "بن آدم" لنقف على حقائق ثابتة من خلال هذه الحقائق يتضح لنا اننا لا نتكبر . أولاً خلق بنى آدم إقرأ قول الله تعالى "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشرٌ تنتشرون" الروم 20 . "هاتوا الماء وهاتوا التراب واعجنوا التراب بالماء اقرأ قول الله تعالى المرحلة الثانية "هو الذى خلقكم من طين" الانعام 2 . فصار طيناً ماء وتراب = طيناً أسود ودعوا الطين حتى يتخمر ويصبح شن الرائحة حتى لا ينسى ابن آدم أصله طين أسود مشن جف الطين فصار صلصالاً وزاد جفاف فصار كالفخار . اقرلأ قول اله تعالى "ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمإ مسنون " الحجر 26 . إذن من أجل ألا يتكبر الإنسان فمن ضمن مراحل خلق آدم طين فشن فلماذا التكبر ؟ . ثانياً : خلق ابن آدم . إقرأ قول الله تعالى "يا أيها الناس ان كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة " نطفة النطفة من الرجل هذه النطفة أحياناً يذكرها المولى عز وجل كما ذكرنا فى الأية فان القرآن الكريم يستعمل أسلوب الكناية حياء فيقول كلا إنا خلقناهم مما يعلمون – المعارج 39 . وأحياناً يذكر المولى عز وجل حقيقة النطفة من أجل عدم التكبر إقرأ قول الله تعالى "ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه فى قرار مكين- إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون" المرسلات 23:20 . معنى ماء مهين أى مستحقر قذر تشمئز الأنوف منه فعلام التكبر وعلام التعالى فالكبرياء لله وحده والعظمة لله وحده اقرأقول الله تعالى "فتعال الله الملك الحق" لمحة جميلة لمن يريد ان يتكبر على خلق الله تدير معى فى السجود اعلى شئ فى جسم الانسان رأسى الانسان الذى يعرض عن خلق الله الذى نهانا رب العزة عن ذلك "ولا تصعر خدك للناس" اى لا تعرض عن الناس بوجهك . نص اتخاذ القرار عن الانسان فى المخ اعلى شئ فى جسم الانسان وانت فى الصلاة فى السجود كلمة بالغة لو اعتبر الناس أعلى شئ فى جسم الانسان فى السجود يوضع على التراب وينادى رب الأرباب ويقول "سبحان ربى الأعلى اسمع سبحان ربى الأعلى" . فالتحذير كله أن يمشى الانسان فى الأرض مرحاً وأن يمشى الانسان فى الأرض مختالاً فقد حذر النبى صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد التحذير فقال صلى الله عليه وسلم . "من تعظم فى نفسه أو اختال فى مشية لقى الله تبارك وتعالى وهو عليه غضبان" رواه أحمد فى سنده وحاله رجال الصحيح . حديث آخر قال النبى صلى الله عليه وسلم "بينما رجل ممن قبلكم يتبختر فى برديه قد أعجبته نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل الى يوم القيامة" رواه مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه . هذا الرجل المتكبر خسف الله به الأرض كما خسف بقارون حينما خرج على قومه زينته مختالاً فخوراً فخسف الله به وبداره الأرض. علام إذاً يستكبر الناس علام يستعلون على غيرهم لو نظروا إلى انفسهم لوجدوا كما قال الامام الغزالى "إن اباهم الماء المهين وجدهم التراب" كما قال تعالى "وبدأ خلق الانسان من طين ثم جعل لنسله من سلالة من ماء مهين" السجدة 8:7 . رأى مطرف بن عبد الله بن الشخير – المهلب يمشى متبختراً فغمزه ونهاه عن هذه المشية وقال إن هذه مشية يبغضها الله عز وجل وكان المهلب قائداً من القواد الكبار فقال له أما تعرفنى ؟ قال نعم أعرفك وأعرف أولك وآخرك أولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة . يقول الشاعر: ولا تمشى فى الأرض إلا تواضعاً فكم تحتها قوم همو منك أرفع وان كنت فى عزة وجاه ومنعة فكم مات من قوم همو منك أمنع ولهذا كانت تقول السيدة عائشة رضى الله عنها وارضاها "أفضل عبادة للمؤمنين التواضع" وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تواضعاً على ماله من مقام عند الله وعند الناس . كان صلى الله عليه وسلم يمشى خلف الصحابة كواحد منهم وكان يجلس بينهم ولا يتميز عليهم حتى ان الرجل الغريب ليأتى فيقول "أيكم محمدّ أيكم ابن عبد المطلب" .