خلق الله الإنسان من سلالة من طين، ثم أمر الملائكة الكرام الذين هم أهل السماء أن يسجدوا لهذا المخلوق الجديد الذى خلقه الله سبحانه وتعالى.. لم يكن فى السماء فقط مخلوقات نورانية ولكن ملأ السماء -أى أهل السماء- هم المخلوقات النورانية (الملائكة) والمخلوقات النارية (الجن) الذين خلقهم الله من نار.. فأمر الله الجميع بالسجود لآدم عليه السلام تكريماً منه سبحانه وتعالى لآدم عليه السلام. لن أتكلم، لماذا لم يسجد إبليس ولكننى أسأل لماذا يخلق الله سبحانه وتعالى مخلوقاً من تراب وضع عليه ماء، فأصبح طيناً ثم يأمر الملائكة المخلوقة من النور أن تسجد لما خلقه الله من تراب، نحن الآن لسنا نرى تراباً فى أجسامنا ولكن هذا التراب والطين تحول إلى لحم ودم وعظام وإنسان يمشى على الأرض.. وهذا من قدرة الله عز وجل أن يخلق إنساناً من تراب، ثم يتحول هذا التراب والطين إلى لحم ودم وعظام بقدرة الله عز وجل.. فهل يستطيع كائناً من كان أن يحول التراب إلى مخلوق حى ويحول هذا التراب إلى لحم وعظام ودماء وكائن حى يتحرك ويفكر ويتناسل ويبدع؟ لا أحد يستطيع ذلك إلا الله الخالق سبحانه وتعالى لكنه دائماً ينسى أنه مخلوق من التراب الذى يمشى عليه.. هل تعلم أنك يا ابن آدم من تراب وتمشى على تراب وأن كل شىء من حولك من تراب.. المنازل والسيارات والأجهزة حتى ما تلبسه من ملابس.. خرج من التراب.. فكيف تنسى ما خلقك منه الله يا ابن آدم.. قال تعالى: (أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً) «مريم 67».. وقال تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) «المؤمنون 12»، وكيف تنسى من رفض السجود لك حقداً وحسداً وبغضاً لك. الشيطان الذى ينسيك ذكر الله ويشغلك فى الدنيا، فتنشغل بها وتنسى أنك ميت لا محالة وأنك ذاهب إلى القبر وإلى التراب كما كنت أول مرة لا محالة. (يا من بدنياه اشتغل.. .. .. .. وغره طول الأمل) (الموت يأتى بغتة.. .. .. .. والقبر صندوق العمل)، يقول النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه أنس رضى الله عنه: قال: (يتبع الميت ثلاثة.. أهله وماله وعمله.. فيرجع اثنان ويبقى واحد.. يرجع أهله وماله ويبقى عمله).. لكن الإنسان ينسى وينسى حتى يفاجئه الموت وأن الحياة انتهت وجاء وقت الحصاد والحساب.. ولا رجوع من الموت ولكن حساب وأعمال أنت قدمتها لنفسك.. وكان عبدالله بن عمر بن الخطاب يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك).. وأنت فى حياتك تجرى يميناً ويساراً.. تلهث وراء الرزق.. لا تنس الله الذى يرزق.. لأنه خلقك وفضلك على كل المخلوقات لكى تعبده وتشكره وتحمده ولا تنشغل عنه سبحانه وتعالى بما ليس لك فيه حيلة وهو الرزق ولكن انشغل بما لك فيه حيلة وهو ذكر الله والعمل الصالح.. ذكر نفسك وأهل بيتك بذكر الله وتقوى الله فى كل شىء ومساعدة الناس والانشغال بما ينفع الناس، فإن أحسن الناس أنفعهم للناس.