فى الذكرى 68 لتأسيس جامعة الدول العربية، الذى وافق نفس اليوم لعام 1945، تطرح البديل تساؤلاتها عن هذه الفترة الطويلة، لنعرف إلى أى مدى استطاعت الجامعة تحقيق أهداف الميثاق الذى أسست عليه، وهل استطاعت حل الأزمات التى تعرضت لها، أم أن دورها توقف عند الشجب والإدانة، وأين أحلامها فى السوق العربية المشتركة واتفاقيات الوحدة الاقتصادية العربية ومعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادى؟ تساؤلات ننتظر إجابتها من الخبراء والمتخصصين. يقول السفير عبد الله الأشعل: الجامعة العربية عندما أنشئت فى 22 مارس 1945 كانت أقدم منظمة إقليمية فى العالم آنذاك، وضمت سبعة دول مستقلة، وهدفها كان التنسيق والتعاون بين الدول العربية فى ذلك الوقت، والوحدة، وكان ينظر إليها وكأنها نادٍ للحكومات التى لا تريد الوحدة، ومحاولة لتفريغ هذا الأمل، وبعد أقل من عشر سنوات رفع جمال عبد الناصر مطالب الوحدة العربية الشاملة لتصبح الجامعة أهم منابر تنفيذها. ويرى الأشعل أن الدعوة للوحدة أدت إلى إضعاف الجامعة، فقد حدث تصادم بين طبيعة الجامعة كملتقى الحكومات وبين هذه الدعوة وإلى إثارة مشاعر الوحدة لدى الشعوب العربية، واتهمت وقتها الجامعة العربية بأنها تريد احتواء هذه الموجة الجديدة للمرة الثانية فى أقل من عقد من الزمان، والدليل أن عددًا كبيرًا من الدول العربية قطعت علاقاتها مع مصر وتجمدت الجامعة العربية، واتهمت بأنها امتداد لوزارة الخارجية حتى هزيمة 1967، ومن وقتها هزمت مصر والجامعة فى آن واحد. ويضيف الأشعل: أظن أنه فى الذكرى 68 يجب أن تقوم مصر بدورها بعد الثورة فى محاولة إعادة جمع العام العربى وإعادة الاعتبار للجامعة، ولكن لا أعتقد أن ظروفها الحالية ستمكنها من القيام بهذا الدور، ولكن توجد ثلاثة أسس للخروج من المأزق الذى تعانيه مصر الآن، أولها التنمية الاقتصادية، ثم تحقيق التماسك المجتمعى، وأخيرًا بناء المؤسسات الديمقراطية بالدول، حتى نصنع جامعة عربية جديدة تقوم على إرادات الشعوب وليس على التآمر بين الحكومات والغرب على شعوبهم، فبدون مصر لن تقوم للجماعة العربية قائمة. أما السفير إيهاب وهبه - مساعد وزير الخارجية الأسبق - فيرى أن الجامعة منذ تأسيسها كان هناك إصرار على نجاحها وتعزيز دورها، واستطاعت على امتداد هذه العقود أن تتعامل مع كثير من التحديات والمشكلات التى استطاعت أن تسهم فى علاجها خلال هذه الفترة، ويأتى على رأس هذه المشكلات القضية الفلسطينة، حيث تصدت لها منذ اليوم الأول حتى قبل توقيع ميثاقها من خلال ميثاق فلسطين، ودخلت معارك سياسية على مر السنين حول القضية وطالبت بالحقوق المشروعة. - وبسؤاله: مع ذلك تتهم الجامعة العربية بأن دورها يتوقف عند الشجب والإدانة لأى حدث يقع.. قال: على العكس، لا بد أن ننظر للأمور بشىء من العمق وليس بهذه السطحية، ونستعرض ما واجهته الجامعة من تحديات، فنجد أنها فى الستينيات استطاعت التصدى لأزمة تحويل مجرى نهر الأردن، والذى كان سيترتب عليه حرمان بعض الدول العربية من المياه، وعقدت وقتها مؤتمر قمة وأوجدت الحل. واستطاعت عام 1970 أن تواجه أزمة أيلول الأسود بالأردن، عندما وقعت مواجهات بين منظمة التحرير والقيادة الأردنية فى عمان، فدعا "عبد الناصر" لقمة عربية التقى فيها ياسر عرفت والملك حسين، وتمكنت الجامعة من وقف هذه الفتنة، وحتى فى عهد النظام السابق عندما وقع الغزو العراقى على الكويت 1990 تم عقد قمة طارئة اعقبها اتخاذ قرارات حاسمة بمشاركة قوات مصرية مع سوريا لتحرير الكويت وصد الغزو الغاشم، وهو موقف عظيم استخدمت فيه الجامعة معاهدة الدفاع المشترك. - وبسؤاله: أين دور الجامعة العربية من تحقيق فكرة السوق العربية المشتركة؟ قال: لقد عقدت الجامعة مؤتمرات قمة اقتصادية عديدة، وتمكنت من إنشاء سوق مشتركة وتوطيد العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية، إلا أننا لم نصل بعد بطموحاتنا إلى مستوى السوق الأوربية. - ألا ترى تخاذل الجامعة العربية الآن عن حل القضية السورية؟ قال: إن الجامعة تفاعلت منذ اليوم الأول وأرسلت بعثة مراقبين إلى هناك، ولكن لم تستطع الاستمرار لخطورة الأوضاع الأمنية هناك، ولكنها لم تكتفِ بذلك، ونسقت مع الأممالمتحدة لاختيار مبعوث عربى دولى وهو الأخضر الإبراهيمى ليقوم بمسألة المفاوضات، وقامت العديد من الدول بسحب سفرائها من سوريا، وتجمدت عضوية سوريا، فالجامعة منظمة حكومات، وكل حكومة لها مسئوليتها ومواقفها، ويجب أن نصل إلى نوع من التوافق فى الآراء يتم تنفيذه بعد ذلك. - وبسؤاله: أى عهد يمثل أزهى عصور الجامعة فى ظل الحكام السابقين؟ رد بحماس: عهد الرئيس جمال عبد الناصر، أما السادات لم تفهم العديد من الدول العربية الموقف المصرى بعد توقيعنا معاهدة السلام، أما في عهد حسنى مبارك استطاعت الجامعة التصدى للعديد من الأزمات، فكل عصر وله ظروفه. وعن مستقبل الجامعة العربية فى ظل النظام الحالى، قال وهبه: إنه يجرى الآن إطلاق دعوة لتشكيل لجنة تبحث سبل تطوير ميثاقها يرأسها الأخضر الإبراهيمى، تسعى لتطوير العمل العربى المشترك وتطوير آليات الجامعة، ولا أعتقد أنه يمكن الاستغناء عن الجامعة مع أى نظام. يرى الدكتور عماد جاد - نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - أن جامعة الدول العربية مملوكة للقادة والأعضاء الموجودين بداخلها، فآراؤهم وأهواؤهم هي التي تتحرك في إطارها تلك المؤسسة، فهي تميل أكثر إلى الجانب الشكلي وليس لها صدى حقيقي مقارنة بالاتحاد الأوروبي. فالاتحاد في مدة قصيرة استطاع أن يوحد عملة أعضائه وإنشاء سوق مشترك، وهذا غير موجود في الجامعة، ولا يوجد اختلافات بين سياسة مبارك ومرسي في الجامعة. يقول الدكتور حسن أبو طالب - الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: غاب التعاون والتضامن داخل جامعة الدول التي فشلت في مواجهة العقبات التي تواجه النظام الإقليمي العربي، ولم تستطيع أن تتعامل بإيجابية مع العديد من القضايا والتحديات التي واجهتها، ولا ننسى أن السبب وراء كل ذلك هو الحكومات التي كانت تمثل انعكاسًا واضحًا للسياسات التي تسير على نهجها تلك المؤسسة، وتتحمل نتائجها بالكامل. ولا ننكر أيضًا أن الجامعة قد شهدت نهجًا جديدًا منذ عدة سنوات قائم على التفاعل بشكل مباشر مع المشكلات والقضايا العربية، واحتواء أزمات الدول العربية ومحاولة حلها بشكل جدي، مثل ما حدث في النموذج اللبناني في 2008، عندما وصلت العلاقة بين القوى السياسية وبعضها إلى حال مؤسف وصل إلى حد استخدام السلاح، تدخل بعده مندوب الجامعة، وقام بتطويق المشكلة وحاصرها، وقاموا بعد ذلك بالمبادرة العربية في الدوحة بين جميع التيارات اللبنانية، ونتج عنها انتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة ائتلافية. وتابع أبو طالب: وبالمثال الأزمة التي تعرضت لها موريتانيا عندما وقع انقلاب عسكري ضد رئيسها فسرعان ما تحركت الجامعة وأرسلت لجنة للوقوف على مجريات الأمور وتقديم الحلول لمواجة ذلك الانفلات. تولى أول رئاسة جامعة الدول العربية منذ تأسيسها عام 1945 وحتى الآن سبعة أشخاص، منهم ستة مصريين وتونسي واحد، والأمناء السبعة هم: 1- عبد الرحمن عزام (مصر) 1945 - 1952. 2- محمد عبد الخالق حسونة (مصر) 1952 - 1972. 3- محمود رياض (مصر) 1972 - 1979. 4- الشاذلي القليبي (تونس) 1979 - 1990. 5- عصمت عبد المجيد (مصر) 1990 - 2001. 6- عمرو موسى (مصر) 2001 - 15 مايو 2011. 7- نبيل العربي (مصر) منذ 15 مايو 2011. عبد الله الأشعل: خروج مصر من مأزقها والتنمية الاقتصادية شرطا قيام الجامعة العربية بدور حقيقي مساعد وزير الخارجية الأسبق: الستينيات كانت أزهى حقبة للجامعة العربية عماد جاد: "الجامعة" تسير وفق أهواء قيادات أعضائها.. ولا يختلف الدور المصري في عهد "مرسي"