قالت صحيفة "أوبزرفر" البريطانية في افتتاحيتها اليوم إن مصر في حاجة ماسة إلى بناء توافق وطني، داعية "مُرسي" إلى تعديل المواد المثيرة للجدل في مشروع الدستور والقبول بحقيقة أن تمرير مشروع دستور جديد من خلال جمعية تأسيسية قاطعها الكثيرون ويهيمن عليها الإسلاميون ليست وسيلة توافقية أو معقولة لبناء مصر الجديدة. وأشارت الصحيفة إلى أن الثورات بطبيعتها هي أمور لا يمكن التنبؤ بنتائجها والثورة المصرية ليست استثناء، فمنذ أن بدأت من أقل من عامين، استطاعت تحقيق هدفها الأول المتمثل في الإطاحة بدكتاتورية حسني مبارك، لكن هدفها الثاني المتعلق بإنشاء نظام سليم للحكم الديمقراطي مقبول لغالبية المصريين يثبت أنه أكثر صعوبة وإشكالية. وأكدت الصحيفة إلى أن هذا ليس من المستغرب لأن عملية بناء مؤسسات للدولة ذات مصداقية لا يمكن أن تتم بين عشية وضحاها، خاصة أن مثل تلك المؤسسات لم تكن موجودة من قبل، كما أن المصالح الخاصة والنظام القديم لا يمكن أن يتلاشوا على الفور. وذكرت "أوبزرفر" أن الأمر المثير للقلق حقا هو درجة الاستقطاب التى كشفتها الاشتباكات العنيفة حول القصر الرئاسي والاتهامات السياسية المتبادلة على مدار الأسبوع الماضي في مصر، حيث أسفرت تلك الاشتباكات بين أنصار الرئيس مرسي من الإخوان المسلمين وجماعات المعارضة عن ستة قتلى ومئات الجرحى. وقالت الصحيفة إن هذا لم يكن اختلافا في الرأي بل كان انفجارا للكراهية يعكس مدى انعدام الثقة الكامل الذي يمكن – كما حذر معلقون مخضرمون - أن يشكل بداية لحرب أهلية. وأضافت أن تلك المواجهة كانت تلوح في الأفق منذ فترة طويلة والآن خرجت إلى العلن، ويكمن الخطر في أن خطوط المعركة السياسية والمادية قد ترسخت بحيث تظل مستمرة لمدة أطول حتى بعد انتهاء الخلاف على الدستور الجديد، معتبرة أن المصريين بالتأكيد يدركون أن ثورتهم وصلت إلى نقطة تحول وخطر وخيم. وتابعت: رغم المرارة وسفك الدماء الذي حدث، فإن التوصل إلى حل وسط أمر ممكن وهناك حاجة ملحة إليه، مشيرة إلى أن إصرار محمد البرادعي وغيره من زعماء المعارضة أنه يجب إلغاء ميعاد الاستفتاء على مشروع الدستور قبل إجراء أي حوار هو أمر قد لا يخدم المصلحة الوطنية. في الوقت ذاته، لفتت الصحيفة إلى أن إلغاء مرسي للإعلان الدستوري الذي منح لنفسه بموجبه سلطات واسعة وأثار أحدث موجة من الاضطرابات في مصر يبدو أنه خطوة أولية في الاتجاه الصحيح، على الرغم من أن عرضه لفتح حوار من غير المرجح أن يرضي معارضيه. وأشارت أنه يجب على مرسي لتسهيل مزيد من المحادثات إجراء مزيد من التعديل للمواد المكروهة في مشروع الدستور. ودعته لضرورة التخلي عن إحساسه بالهوس الذي ظهر في الحديث على غرار سلفه مبارك عن مؤامرة خارجية تدعم "الطابور الخامس" في مصر. واختتمت افتتاحيتها قائلة " على هذا الأساس الأكثر هدوءا، يمكن للجانبين البدء في إعادة بناء الثقة المتبادلة التي ظهر بشكل واضح ان فقدانها يعني العودة الى سلوك الانقسام الذي ميز العهد السابق مفقودة تماما. والأمر هو مسألة قيادة". البديل أخبار صحافة عالمية Comment *