كشف ديفيد أجناتيوس في مقال بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني وسام الحسن أخبره في مكالمة هاتفية من فرنسا أن اتصالاته بالمعارضة السورية وضعته تحت ضوء كبير من حزب الله، مما جعل مسألة التحركات معقدة بالنسبة له، لأن استهدافه بات محتملا، وذلك قبل ثلاثة أيام من مقتله. وأشارأجناتيوس الكاتب المتخصص في الشؤون الاستخباراتية إلى أن ضحايا الهجمات "الإرهابية" المنظمة غالبا ما يكونوا أكثر قليلا مما هو منشور في قصاصات الصحف، وأضاف أنه من السهل أن نغفل ضحايا موهوبين وغير عاديين وذلك شأن الحسن، ولكن وفقا للكاتب أن وظيفته الاستخباراتية تحجب الحقيقة بأنه أقوى المسئولين الاستخباراتيين السنة في لبنان، ورجل الحكومة الأمريكية باعتباره رجلا محوريا في المنطقة- على حد قوله. وقال أجناتيوس أن الحسن كان مختلفا عن صورة رجل المخابرات العربي، التي تتصف بالتهويل المتعلق بثقافته ومهارته، ويتم مخاطبتهم بعبارات ذات الأصول العثمانية مثل "باشا" في الأردن، و "فندم" في مصر، وصدرت عنهم أفعال قاسية جعلت منهم في وضع غير مسموح بالاقتراب منهم. وأكد الكاتب على أن حسن كان مختلفا عن كل هؤلاء الجواسيس العرب في سلوكه وهيئته بوزنه الزائد وملامح وجهه الهادئة الودودة، واعتبره الكاتب النسخة العربية من الجاسوس الشهير جون لي كاريه، وجورج سمايلي، وأضاف كان مثالا للرجل "الرمادي" وهو يعمل في لبنان حيث الاختيارات الأخلاقية الحادة إما أبيض أو أسود قد انتهت منذ زمن، وأصحابها لم يعودوا موجودين. ولم يكن حسن برأي الكاتب غير عادي في هذا فقط، ولكن في استعداده للحديث مع الصحافة، حيث التقى به الكاتب عندما سافر إلى واشنطن في أواخر أغسطس لزيارة مسئولين أمريكيين، وكان محظورا عليه أن يسجل تعليقاته، لكن، يضيف الكاتب، بعد موته أبلغه الشخص الذي رتب اللقاء معه أنه يستطيع استخدام هذه المادة. وأكمل أجناتيوس: "قدم حسن عدة نقاط، أولا إنه كان يأمل في إبقاء لبنان خارج الحرب السورية بإغلاق الحدود؛ لذا لم يسمح بوجود ممر لإمداد المتمردين، كما أصبحت تركيا، ثانيا التحقق من قوة ميليشيا حزب الله عن طريق التأكيد من أن سلاحها لن يوجه ضد لبنانيين آخرين". وفي سياق آخر كشف أجناتيوس عن موضوع حديث حول المهمة الصعبة في دعم المعارضة السورية، تحدث الحسن لمسئولين أمريكيين حول طرق تشجيع الجيش السوري الحر، وفي الوقت نفسه تحقق في نمو متطرفي القاعدة، وركز حسن على تحدي مكافحة الجهاديين، وتحدث حينها عن سلسة من العمليات اشتبك فيها الجيش السوري الحر مع المتطرفين، وقطع دابرهم في عدة حالات. وعرض أجناتيوس لآرائه حول ما يحدث في سوريا، قال حسن أن الشعب السوري غير مستعد لتبني التطرف، وقال أنه لا يجب على الولاياتالمتحدة تزويد الجيش السوري بالأسلحة، ولكن ينبغي عليها أن تكون على الحدود تعمل مع السعودية والأردن وتركيا لتدريب المتمردين ومساعدتهم في القيادة والسيطرة. وهاتف الحسن أجناتيوس في 16 أكتوبر من فرنسا وقال له إن المفتاح في سوريا أن يخلق هيكل قيادة موحد للجيش السوري الحر "كل دولار وكل رصاصة واحدة ينبغي أن تمر على القيادة العليا"، وأنهى الحسن حديثه بموعظة، لا ينبغي أن تتصور الولاياتالمتحدة أنه تدخل في "حرب رمادية" في سوريا، "هذه حرب حقيقية .. ينبغي أن تقوم بها 24 ساعة في اليوم" واعتبر الكاتب الأمريكي أن قتل الحسن لا يعكس قوة حزب الله وحلفاء سوريا اللبنانيين، وأضاف أنه في الأيام التي سبقت رجوعه إلى وطنه تعرض لهجوم علني في إحدى الصحف المطبوعة ببيروت والمؤيدة لسوريا "الديار"، وكان يعرف أن ذلك تحذير، ويختتم ديفيد أجناتيوس مقاله في ال"واشنطن بوست" بأن تصريحاته كانت على حق، وأن هذه حرب حقيقية، فلقد قفز من الحدود إلى لبنان وقتل رجل قد يكون من أفضل المدافعين عن المعارضة السورية في العالم العربي Comment *