ذكرت جريدة "واشنطن بوست" في عددها اليوم الثلاثاء في تقرير لها حول المعارك الطاحنة الدائرة بين ميليشيات القبائل وتنظيم القاعدة في اليمن أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قامت هذا الصيف بدعم هجوم الجيش اليمني وميليشيات القبائل اليمنية ضد تنظيم القاعدة الإرهابي في شبه الجزيرة العربية، في مساحات من جنوب البلاد. لكن صراعات غامضة تبعت ذلك حيث الهجمات الانتحارية وتفجير السيارات والاغتيالات في تلك المنطقة الاستراتيجية حيث ممرات الملاحة الهامة للنفط. وأضافت الجريدة أن هذا الصراع أكثر حدة من الصراعات والمعارك السابقة لأنه مدعوم بالمنافسات القبلية والجواسيس، وهو الصراع الذي يقع على الأرض التي تعتبرها أمريكا وحلفائها من أهم الخطوط الأمامية مثلها مثل باكستان وأفغانستان. وتقول الجريدة أن تقريباً كل أسبوع أحداث العنف تزاد في مدينة جعار وأجزاء أخرى من جنوب اليمن وأيضاً مدينة عدن الساحلية، حيث تستهدف تلك الأحداث المجمعات الأمنية والعسكرية وجنرالات رفيعة المستوى ووزراء بالحكومة. وتضيف الجريدة أنه في زيارة نادرة لأحد الصحافيين الأجانب لمدينة جعار في اليمن، إحدى مناطق المتشددين وإحدى مختبراتهم لتجريب الحكم الإسلامي المتشدد، فقد كشف أن وجودهم قد ترسخ بالمدينة. ويضيف التقرير أن الخلايا الإرهابية هناك تعمل على تقويض الحكومة اليمنية الضعيفة حتى مع إعلان المسئولين في الولاياتالمتحدة والمسئولين ي اليمن عن إحراز التقدم في الحرب ضد تنظيم القاعدة. ويضيف التقرير أنه تم قتل العديد من عناصر القاعدة خلال هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية لكن تم استبدالهم سريعا بعناصر أخرى. وفي مدينة جعار كان المتشددين قد أعلنوا حربهم ضد الولاياتالمتحدة مستمدين التعاطف وكذلك المتطوعين من سكان المدينة الذين طالما عارضوا سياسة أمريكا في منطقة الشرق الأوسط. وقالت الجريدة أن عبد اللطيف السيد والذي يعرف الكثير عن مكامن عناصر تنظيم القاعدة في هذه البلدة الجنوبية ويعرف قبائلهم و أساليبهم حيث كان عبداللطيف أحد عناصر التنظيم لذلك فقد حاولت القاعدة اغتياله أكثر من مرة. وتنقل الجريدة على لسان عبداللطيف أن" تنظيم القاعدة الآن لا يحاربنا وجهاً لوجه‘ إنما يشنون الجوم ثم يختفون، ومن الصعب تتبع مواقعهم. ومايحدث أشبه بحرب العصابات، تماما كما كان يحدث في العراق". وفي الوقت نفسه فإن حكومة الرئيس عبدربه منصور المدعومة من الولاياتالمتحدة غائبة في مدينة جعار بشكل كبير بسبب الفوضى السياسية وغياب الأمن في العاصمة صنعاء. فلا يوجد قوات شرطة أو دوريات عسكرية في المدينة، ويقول التقرير أنه على الحكومة الاستعانة بمصادر خارجية لمكافحة تنظيم القاعدة. ويشير التقرير أن الحفاظ على القانون والنظام الآن في أيدي اللجان الشعبية وهي لجان من رجال القبائل يقودها عبداللطيف سيد. وتعد هذه اللجان من أشد أعداء التنظيم الآن. ونقلت الجريدة على لسان أحمد الميسيري المحافظ السابق لمحافظة أبين، أن " القاعدة سوف تستخدم كل الطريق المتاحة لقتل المليشيات القبيلية، وعبداللطيف سيد سيكون هدفهم الأول". ويشير التقرير أن المتشددين المسلحين يطلقون على أنفسهم أنصار الشريعة والقانون الإسلامي، لكنهم يعملون تحت مظلة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ، ويضيف التقرير أن المتشددين كانوا قد استولوا على زنجبار عاصمة أبين، وكذلك جعار وبعض المدن الأخرى. تقول الصحيفة أن علامة عند مدخل مبني المحكمة والذي يعمل أيضاً بمثابة مركز للشرطة وسجناً تحت إدارة المتشددين مكتوب عليها "إمارة وقار الإسلامية". وهو الاسم الذي أطلقه المتشددون على مدينة جعار. وكان ذلك مؤشراً واضحاً لرغبتهم في إقامة مكان يستطيع الجهاديين استخدامه كقاعدة لشن الهجمات على الولاياتىالمتحدة وحلفائها. ونظراً لإهمال الحكومة السابقة تحت حكم على عبدالله صالح للمدن الجنوبية فإن الفوضى حكمت تلك المدن، والمفارقة أنه رغم فرض المتشددين للعقابات الصارمة باسم محكمة الشريعة بما في ذلك قطع أيدي السارق فإن كثير من السكان كانوا قد وافقوا على ذلك.وتنقل الصحيفة على لسان أنور علي سلام موظف بوزارة الكهرباء أن" عندما كانت القاعدة تحكم هنا كان الوضع أفضل، لم تكن لترى أي سارق، والناس كانوا يعاملون بعضهم بطريقة لائقة، ولم يكن لأحد أن يحاول صنع المشاكل". وتقول الجريدة أن المتشددين كانوا يمدّون الفقراء بالطعام والماء والكهرباء، وأن الكثيرين من عناصر القاعدة كانوا قد تزوجوا من العائلات المحلية.كما استخدموا الدين في كسب دعم السكان لهم. ويقول التقرير أن المتشددين ومن بينهم مقاتلين من دول عربية أخرى ومن الصومال كانوا قد أصدروا أوامر لم تحظى بشعبية كبيرة حيث منعوا الموسيقى العربي وشرائط الرقص المصورة وأي شكل من أشكال الثقافة الغربية. كما أمروا لاعبي الكرة من الشباب بارتداء سراويل طويلة بدلا من السراويل القصيرة وكلما أحرز أحد المجموعات هدفاً لايسمح لهم بالصراخ وإنما التهليل ب" الله أكبر". ولجذب المتطوعين من السكان فإن الجهاديين كانوا يعلنون عبر مكبرات الأصوات أنهم يقاتلون أمريكا وحلفائها وبالأخص المملكة العربية السعودية. ويضيف التقرير أن عبد اللطيف سيد بعد أن كان منضماً لتنظيم القاعدة، فقد انشق عنهم بعد ان قام أفراد القاعدة بإعدام ابن عم له كانت القاعدة قد اتهمته بالتجسس، وبدأ في تكوين لجان من رجال القبائل لمحاربة عناصر التنظيم. ويؤكد أحد المقاتلين مع عبداللطيف أن معظم السكان يريدون محاربة القاعدة لكنهم خائفون". ويضيف أن " انضمام العديد من رجال القبائل إلى اللجان الشعبية كسر حاجز هذا الخوف". ويقول التقرير أن الجيش اليمني وكذلك قوات الأمن لم يكن لديها القدرة على طرد وإخراج المسلحين المتشددين لشهور عديدة. ولكن بعد أن تولى عبدربه منصور الحكومة في فبراير الماضي،كان قد أمر بحملة هجوم مشددة وواسعة ساعدته فيها الولاياتالمتحدة. وتقول الجريدة أنه منذ تعاون الجيش اليمني مع اللجان الشعبية القبلية بقيادة عبداللطيف سيد لإخراج عناصر القاعدة بعيداً عن تلك المدن، إلا أن أعضاء التنظيم يكافحون مرة أخرى، ويستهدفون مراكز الشرطة والمباني الحكومية والعسكرية. وفي الوقت نفسه فإن المقاتلين من لجان المقاومة الشعبية يواجهون عقبات عديدة، على الرغم من أنهم يتلقون إعانات مالية شهرية صغيرة من الحكومة إلا أن عبد اللطيف يقول أنهم لايمتلكون إلا سيارة نقل واحدة كذلك ليس لديهم أسلحة متوسطة الحكم لمحاربة القاعدة. وعلى الرغم من أنه أرسل إلى الرئيس عبدربه منصور يطلب منه المزيد من الأسلحة والمساعدات. إلا أن عبداللطيف يقول أن " في الوقت الذي يقوم الرئيس بخوض معارك مع عائلة الرئيس السابق علي عبدالله والموالين له في الجيش والحكومة فلا نتوقع الكثير مما نطلب". وتشير الصحيفة إلى رأي آخر على لسان عبد المجيد الصلاحي مسئول حكومي في أبين حيث يقول أن" على الرغم من اعتماد الحكومة على لجان مليشيات القبائل التي يتزعمها عبداللطيف في محاربة تنظيم القاعدة في المدن الجنوبية إلا أنها لا ترغب في إنشاء مليشيات جيدة التسليح من الممكن أن تشكل خطراً عليها في المستقبل". ويؤكد التقرير أنه بالنسبة لتلك اللجان القبيلة فإن الحرب ضد القاعدة الآن تشكل مسألة حياة أو موت حتى في حالة عدم دعم الحكومة. مسئول يمني: على الرغم من اعتماد الحكومة على مليشيات القبائل في محاربة تنظيم القاعدة في المدن الجنوبية إلا أنها تخشى أن تشكل خطراً عليها في المستقبل التقرير: الأحداث تزداد عنفاً جنوب اليمن وعناصر تنظيم القاعدة تستهدف المنشآت الأمنية و العسكرية والعناصر الحكومية رفيعة المستوى الصحيفة: المفارقة أنه رغم فرض تنظيم القاعدة للأحكام الإسلامية المتشددة في تلك المدن الجنوبية إلا أن الكثير من السكان هناك وافقوا عليها