كان الشاب الملتحي المصاب أسفل عينه يترنح في صينية ميدان التحرير يوم جمعة الغضب، الأجواء خانقه والضرب لا يتوقف، حاولت مساعدته ولكنه ترك كل شئ للحظات وقال لي أنا سعيد برؤيتك وعاتب علي الشيوخ! أين هم من علمونا قيمة كلمة الحق عند سلطان جائر! كيف يتأخرون في يوم كهذا؟! لم يكن الوقت يتسع للنقاش، كلمات بسيطة وعانقته وافترقنا! قبلها بسنوات كنا نحلم بهذه اللحظة ولانجد أي تصديق لحدوثها، وعندما ظهر الدكتور البرادعي قبل الثورة ونادي بالتغيير الكامل تغيرت أشياء كثيرة وعاد الحلم لسقوط النظام والتجمع خلف شخص واحد، كان الدكتور البرادعي بكل تأكيد في هذ الوقت (راجع مقالي: سيبقي الود مابقي العتاب). وبعد الثورة كنا نري أن الدكتور البرادعي سيكون رئيسا يناسب المرحلة ولن يضيق علي الإسلاميين! ولامجال للتفصيل في هذا الأمر وأنا لي نقد علي الدكتور البرادعي في فترته الأخيرة بالذات. أنا ألتمس العذر لكل المشايخ المناضلين المضطهدين من النظام ولأخوتي الأعزاء الذين لم يشاركوا في الثورة من أول أيامها وإن شاركوا بعد ذلك وبكل قوة وفداء، أعرف الأسباب وأتفهمها ودافعت عنهم في أكثر من مقال (مقالي: من أنتم؟ علي سبيل المثال) بدون مجاملة، وليس هذا ما أكتب من أجله! ولكنها مقدمة لابد منها. أكتب اليوم كلمات بسيطة وقد تكون "منفعلة" بخصوص الهجمة الشرسة علي محمد يسري سلامة، من حق الجميع أن ينقد كلامه وتصريحاته وانضمامه لحزب الدستور، أمر عادي جداً وحق لأي إنسان فلا أحد فوق النقد، ولكن الصورة التي أراها من بعض من أحترمهم لا أجدها موضوعية علي الإطلاق! لا أنكر أن تصريحاته الأخيرة بالذات بعضها صادم وقد أرسلت له بذلك وطلبت من الإيضاح ورد علي وماوجدت في رده إلا رد إنسان يعتز بدينه ويبحث عن الخير (ولا يمنع هذا أن يكون مخطئاً) وأنا أراسله كثيراً ولا أجد نفسي في حل من نشر المراسلات.. يبقي محمد يسري شاب يبحث عن الحق وله رؤية قد تجدها خاطئة أو مشوهة أو منحرفة ولكن لا يعقل أن نشبهه بقائد ثورة الفلول أو أن نقول أنه حاقد علي الأحزاب الإسلامية لأنها لم تعطه وضع مميز (أسهل شئ في هذه الأيام أن يحصل مثل محمد يسري علي مكانة في أي حزب إسلامي) أو أنه صنيعة البرادعي! أنا أطلب من كل من سيتصدي للكتابة عن محمد يسري سلامة أو غيره ممن نظن بهم الخير أن يقوم بثلاثة أشياء: - قراءة ماكتبه والتأكد من مصدرة. وقراءة مقالاته الطويلة السابقة والتي تتضح فيها فكرته. - مراسلته مباشرة والتثبت من الكلام ومناصحته. - ثم النقد بموضوعية وعدم التجريح الشخصي أو التفتيش في النوايا. وأقول لأخي محمد يسري: راجع النقد الذي كتب عنك، اقرأه بهدوء وحيادية، فإن وجدته حق فاعمل به وإن كان كاتبه لم يترفق بك أو تعدي عليك! فالحق أحق أن يتبع ولا يعيب الباحث عن الحق وقوعه في الخطأ ولكنه يعيبه استمراره فيه. الطريق طويل والغربة شديدة ولكل أجل كتاب وكلنا إلي الله عائدون ومسئولون، فلنخلص النوايا ولنحسن الظن وعلينا بالرفق كما أخبر خير من مشي علي الأرض صلي الله عليه وسلم، فوالله إن لدينا من الذنوب مايكفينا ومن النقائص ما الله أعلم به ولا نريد آن نضيف لها ظلما للغير أو ما يأكل الحسنات من الأفعال... دمتم بكل خير وود. Comment *