اتهمت وزارة الخزانة الامريكية فى بيان لها يوم الجمعة حزب الله اللبناني بالمشاركة الفعلية في حملة الهجوم العسكرية العنيفة التى تشنها الحكومة السورية لسحق التمرد فى سوريا ، مؤكدة أن حزب الله قام بتدريب وتقديم المشورة للقوات الحكومية داخل سوريا وساعد فى طرد مقاتلي المعارضة من مناطق داخل البلاد . كما قالت وزارة الخزانة الامريكية فى بيان لها أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد أشرف على هذه الأنشطة ، التي وصفتها بأنه جزء من جهود المتزايدة القاسية للحكومة السورية لمحاربة المعارضة " . وأضافت أن حزب الله بمساعدة عناصر من وحدة القدس فى الحرس الثوري الايراني قاموا بتدريب القوات السورية داخل سوريا . جاءت هذه الاتهامات متزامنة مع تصريحات لوزارتي الخزانة والخارجية الامريكية بفرض عقوبات جديدة ضد سوريا . وأشارت صحيفة نيويورك تايمز الى أن هذه الاتهامات الجديدة , التى تجاوزت الاتهامات الأمريكية السابقة حول دعم حزب الله للحكومة السورية , يبدو انها تهدف إلى مواجهة المنتقدين لإدارة أوباما الذين يقولون ان البيت الأبيض لا يفعل ما يكفي لدعم المعارضة السورية الآن وأن الجهود الدبلوماسية لحل النزاع مصابة بالشلل . ومن جانبه قال ديفيد كوهين ، وكيل وزارة المالية الامريكية لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية ، للصحفيين في مقابلة صحفية عبر الهاتف ان " حزب الله يقدم الدعم الفعلي لنظام الأسد فى تنفيذ حملته الدموية ضد الشعب السوري " . وأضاف أن تسمية حزب الله في عقوبات وزارة الخزانة الامريكية يجعل " واضحا لجميع الأطراف في جميع أنحاء العالم - محليا ودوليا - الطبيعة الحقيقية لأنشطة حزب الله " . وقال دانيال بنيامين ، منسق وزارة الخارجية الامريكية لشؤون مكافحة الارهاب , والذي شارك أيضا في المقابلة , أن " أنشطة حزب الله في سوريا تؤكد مخاوف حزب الله من وجود سوريا من دون نظام الأسد ، وتأثير هذا على قدرات حزب الله وقوته على مدى على المدى الطويل ". ومع ذلك أعرب بعض الخبراء فى شؤون حزب الله عن تشكك كبير قائلين انه يجب التعامل بحذر مع هذه الاتهامات إلا إذا تم تقديم المزيد من الأدلة. وذكرت النيويورك تايمز انه تم اعلان هذه الاتهامات بعد أيام قليلة من زيارة احد كبار مسؤولى الامن القومي فى ايران , سعيد جليلي , لسوريا ، حيث أكد لرئيسها المحاصر، بشار الاسد، ان ايران وسوريا وحزب الله هم محاور غير قابلة للكسر لمقاومة إسرائيل وحلفائها الغربيين . وأعتبرت الصحيفة الامريكية أن هذه الاتهامات هى أيضا جزء من مسعى لجذب مزيد من الانتباه إلى التحالف بين حزب الله وإيران ، والذي سعى مسؤولين في الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية لتصويره باعتباره تعاون مشترك مخرب ليس فقط يزعزع استقرار الشرق الأوسط بل انه متورط في أعمال العنف الإرهابية في أماكن آخرى ، بما في ذلك التفجير القاتل لحافلة السياح الإسرائيليين في بلغاريا الشهر الماضي . وأشارت الصحيفة الى أن هذه الاتهامات يبدو أنها ستفتح طريقا جديدا من الضغوط الأميركية على الحكومة السورية ، وستكون وسيلة لإحراج السيد حسن نصر الله ، الرجل القوي الذي دعمه العلنى للأسد قد خلق ضغوطا سياسية في قاعدته الداخلية في لبنان , على الرغم من أن المسؤولين الاميركيين لم يقدموا أدلة على الاتهامات الجديدة ضد حزب الله وتجنبوا تحديد عما إذا كانت عناصر حزب الله مشاركة في عمليات قتالية داخل سوريا ، مثل ما أكد بعض المقاتلين المناهضين للأسد . وفى السياق ذاته , قال بنيامين " هذه ليست مسألة تكهنات أو تقارير صحفية , انها تستند على قدر كبير من جمع المعلومات الذي قمنا به , حيث قمنا بتجميعها ووضعها معا في وثيقة ، ونحن نعتقد أن الامر سيؤخذ على محمل الجد من قبل الكثيرين في جميع أنحاء العالم ." ونقلت الصحيفة عن مسؤول اميركي ، تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه ، قوله أن حزب الله كان يستخدم " مجموعة من مهاراته المتخصصة وفهمه لحركات التمرد " لمساعدة سوريا , وأضاف أن " المعرفة العميقة للمشهد السوري جعلت منه شريكا بارعا وعسكريا فعالا . الا أن مساعداته على الأرجح لن تغير نتيجة الصراع ، الذى وصل الى مستويات متقدمة , فانها فقط تطيل أمد الحرب وتساهم في مقتل مدنيين ابرياء " . كان كل من حزب الله وايران قد نفوا مرارا أنهم ساعدوا جيش الأسد . وأعربوا عن تأييدهم لأدعائه بأن الانتفاضة ضده يتم قيادتها من قبل الجماعات الارهابية المسلحة من قبل الأنظمة الملكية العربية السنية واسرائيل والولاياتالمتحدة . وتعليقا على الاتهامات التى جاءت ببيان وزارة الخزانة الامريكية , قال ماثيو ليفيت ، مدير برنامج مكافحة الارهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ، أنه في حين أن اتهامات واسعة لتورط حزب الله في الصراع السوري هى ليست جديدة ، الا ان بيان وزارة الخزانة زاد من حدة الضغوط لأن حكومة الولاياتالمتحدة ذكرت الاتهامات باعتبارها حقيقة , كما أن البيان أضاف ان نصر الله كان يشرف شخصيا على المساعدة . وقال ليفيت أن البيان على ما يبدو محاولة لإحراج حزب الله وإيران من الناحية السياسية ، وليس لانتزاع فائدة عملية من خلال العقوبات. وأضاف أن " تأثير العقوبات هو الحد الأدنى , أن هذا الاجراء هو نوع من الفضح " . بينما خبراء اخرون فى سياسات الشرق الأوسط شككوا فى دقة هذه الاتهامات ضد حزب الله ، قائلين انه ربما يعطي الرئيس الأسد فقط مساعدة عسكرية محدودة . واشاروا الى انه في حين أن حزب الله لديه مصلحة استراتيجية في حماية الرئيس الأسد ، فهو أيضا لديه دهاء سياسي تحسبا إذا تم خلع الرئيس الأسد وحلت محله حكومة يقودها السنة . وقالوا ايضا ان قوة حزب الله في لبنان تعتمد جزئيا على الحفاظ على صورة القومية الوطنية اللبنانية بدلا من صورة شيعية طائفية . وفى هذا الصدد قال يزيد صايغ ، وهو باحث فى شؤون الجيوش العربية وزميل مساعد في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت ، أن الاتهامات ربما أستندت على " أشكال محددة للغاية وضيقة للمساعدة ، رغم انها تعطي الانطباع بأن حزب الله متورط في إعطاء نطاق اوسع بكثير من المساعدة ". يذكر أنه في سوريا ، أستمر تركيز الصراع على حصار مدينة حلب ، المدينة السورية الأكبر ، حيث يقاتل متمردون القوات الحكومية التي تدعمها الطائرات والمروحيات والمدفعية والدبابات ، وتراجعوا عن بعض الاحياء . وشكا قادة المتمردين في الايام الاخيرة من نقص الذخيرة، وانتقد البعض الدول الغربية لعدم التحرك لمساعدتهم . ورغم ذلك بريطانيا بدا أنها ستتحرك خطوة أقرب لمساعدة المتمردين . قال وزير الخارجية وليام هيج ان الحكومة البريطانية سوف تجرى اتصالات رسمية مع المتمردين داخل سوريا وستقوم بتوسيع مساعداتها الغير قاتلة إلى الجماعات التي تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر . Comment *