اعترف بأني تألمت كما تألم مصابوا كنيسة القديسين من هول المناظر الصعبة التي وقعت ليلة نهاية عام وبداية عام جديد , حز في نفسي مناظر الضحايا والقتلى التي تفرقت أجسادهم عن بعضها . كانت أشبه بالكابوس المؤلم الذي أدمى قلوبنا جميعاً كمصريين مسلمها كان أو مسيحيها. غير أن هذا الألم الشديد من تلك المشاهد المفجعة لم تفارقني لحظة واحدة ليس لضحامتها فقط وإنما لتوقيتها وطريقة الأسلوب القذرالذى حدث وعدد الضحايا الكبير . وسط تلك المعاني التي جعلت كل قطاعات المجتمع المصري يندد ويشجب هذا الحادث. لذا فأنا اعترف أن الوطن كله مدان بهذا الجرم لهؤلاء الضحايا الذين ذهبوا يصلون في مكانهم الآمن فوجدوا القدر ينتظرهم بالموت والهلاك. أولاً : إن نغمة المسلم والمسيحي تلك لم تظهر على الساحة في مصر إلا منذ ما يقرب من 30 عاماً أي منذ الثمانينات على أقرب تقدير جميع ماحدث بين قبطى ومسيحى لم يعدوا سوى خلافات شخصية وفردية بين مسلم وقبطى لا تنم عن الحالة التى تعيشها مصر من إستقرار بين جميع طوائف الشعب المصرى. كان أولها في 17 يونيو 1981 حيث لقي 14 قبطياً ومسلماً مصرعهما وأصيب أكثر من 50 جريحاً كانت المصادر تشير إلى أن شجاراً حدث بين جارين أحدهما مسلم والآخر مسيحي حدث بعدها القتل والخراب ، بينما قال الشهود أنه نزاع ناجم عن خلاف حول قطعة أرض كانت مخصصة لبناء كنيسة وقيل أن مجموعة من الإسلاميين آخذوها لبناء مسجد عليها والنتيجة قتلى ولم تبني مسجد ولم تقم كنيسة عليها . وفي 4 مايو 1992 قتل 14 مسيحي ومسلم ( 13 + 1 ) في قرية منشية ناصر في حق مصر كانت أيضاً على نزاع لشراء منزل وحدث ما حدث . وفي 12 فبراير 1997 الاعتداء على كنيسة ( أبو قرقاس في الصعيد ) وقد قتل 9 أقباط لم يعرف السبب وقتها ولكن بعدها قيل أنه عن نزاع بين شاب وشابة بسبب الزواج . وفي 3 يناير 2000 قتل 20 قبطياً في قرية الكشح الشهيرة وكانت أعنف مواجهة في مصر على الأخلاق وقتها قيل أنها مناوشات حدثت بين قبطي وفتاة مسلمة . وفي 4 إبريل 2006 قتل قبطياً على يد محتل عقلي في الإسكندرية وهاجم بعدها ثلاث كنائس قالوا بعدها أنه كان تأثراً قديماً بين هذا الرجل وعائلة قبطية . وفي 31 مايو 2008 هجوم على دير بالصعيد جراح 4 أشخاص بينهما كاهنان ومقتل مسلم وكان على رخصة جدار على الدير ( دير الملاوي ) . وفي 6 يناير 2010 قتل 6 أقباط وشرطي في نجح حمادي في الصعيد بعدما أطلق مجهولون النار عشوائياً على شارع ليلة عيد الميلاد . وفي 24 نوفمبر 2010 كانت هناك مواجهات بين متظاهرين أقباط والشرطة المصرية حول بناء كنيسة على أرض فضاء غير مرخصة البناء كنسية وقد سقط قتيلان فى تلك الأحداث . وكان آخر المواجهات هي 1 يناير 2011 حيث قتل 24 قبطياً بينهم 8 مسلمين في انفجار سيارة مفخخة أمام كنيسة القدسين بالإسكندرية . وبرغم المواجهات السابقة جميعها حوداث فردية لا تدل على اتجاه دولة أو تفرقة عقائدية ولكن دلت على خلل في الأنظمة المصرية العقيمة في معالجة تلك الإشكاليات التي وقعت بين أقباط ومسلمين فكان يمكن أن تحل عن طريق دوائر مغلقة مثل(شياخة البلدة ) بعيداً عن الاحتقان بين المسلم والمسيحي والذي وجد ضالته في الثأر على ما سبق وإلحاق الضرر بالآخر وللاسف فإن الحكومات المتعاقبة لم تتعلم من تلك المشاهد والتي بدأت من عام 1981 بمشاجرة على قطعة أرض انتهت في عام 2011 إلى تفجير سيارة مفخخة أمام كنيسة بالاسكندرية راح ضحيتها 100 فرد بين قتيل وجريح. والحقيقة أن الاحتقان المتعاقب دون حل وسط وهو الذي أضعف القائم على الحكم في مصر بتسكين المواقف السابقة والإطباق عليها دون تفريغ المحتوى ودون أن يفهم أن الذي حدث خلاف شخصي وليس خلاف عصبي بين الأقباط والمسلمين . وكانت تلك الأحداث هي بداية الاحتقان منذ 1981 وحتى الآن وإذا فطن القائمون على الأسلوب الأمثل محل تلك المشاكل ما كانت لتتفاقم حتى تصل إلى ما وصلنا إليه في العام الجديد . ثانياً : هناك أطراف خارجية تسعى بكل قوة لتؤكد بأن القبطي في مصر مضطهد ولا يتمتع بأي نسبة في العدل ، وهذا الكلام مناف للحقيقة وأسئلوا الإسكندرية التى بها فى كل بيت قبطى ومسلم يأكلون مع بعضهم ويذهبون للاسواق مع بعضهم ويفرحون بأعيادهم دون تفرقة أن هذا عيد أضحى أو هذا عيد السعف . ثالثاً : بعد فوات الآوان وتكدس المشاكل على رؤوس الجميع لا يوجد حل إلا أن تصارح الحكومة الجميع بأنها المخطئة الوحيدة في هذا الأمر حتى تهدأ النفوس وتعترف بأنها السبب الأول والأخير في التفاقم بعدما تركت النازعات الشخصية الفردية تدخل في حارة سوداء لا تستطيع حلها . رابعاً : إن الحلول الجاهزة والمؤكدة لضمان التعايش السلمي بين مسلمي ومسيحيو مصر هو القول بدون ( تورية ) أن مصر دولة إسلامية نهجها الإسلام وشرعيتها الإسلام وأن الاقباط مهما بلغ عددهم ( 10 مليون فرد ) على حد قول أحد القساوسة في الكنيسة المصرية هم أهلها ولهم الحق في العيش الآمن في الدولة ولهم كل الامتيازات يتمتعون بها عدا المناصب الكبرى ( كرئاسة الدولة والوزراء والداخلية والدفاع ) . خامساً : إن الزيارة التي تم استدعاء الداعية الإسلامي عمرو خالد لمشيخة الأزهر ومقابلة المفتي وشيخ الأزهر بعد الحادثة دليل على أن المجتمع المصري الآن بحاجة الى مثل هؤلاء الدعاة المستنيرين كي يهدأوا من حالة الاحتقان . وكذلك أطلب من الاخوة المسيحين قساوسة وكهان أن يراعوا هذا الأمر في برامجهم ونقاشاتهم . سادساً : إن تحليل الانفجار الذي استهدف كنيسة القديسين بالإسكندرية ليس له إلا تفكير واحد أنه من صنع جهات خارجية مثل الموساد (لاحظ مولج أبو حصيرة بمدينة دمنهور قرب الإسكندرية) أو الأقباط الذين لم يطأوا مصر منذ زمن ويتبعون سياسة (التفوير) حتى يتم الضغط على الحكومة المصرية للسماح بالأقباط ببناء الكنائس وأطلاق حرية العبادة أكثر ممن هي عليها وكذلك تولي مناصب عليا وأخيراً أن يتغير الجزء الأول من الدستور المصري بأن الدين في الدولة الإسلام وما إلى ذلك وهو مايتنافى مع سلطة الدولة وتشريعها. وقد لا تندهش إذا ما قلت أن هناك أقباط في المهجر قد يسعون إلى تقليب الرأي العام ضد الدولة لكسب نقاط لصالح الأقباط حتى ولو قتل منهم 100 قبطي وليس 20 قبطي فقط لأنهم حددوا هدف الأمر(قليلُ من الضحايا كثيرُ من المكاسب) وقالوا سنضحي بما هو غالي ونفيس حتى لو تطلب الأمر حياتنا .هكذا قالوا وأرجوا أن يخيب ظنهم ويتركوا مصر فلم تعد تتحمل المزايدات. *مدير المركز الاكاديمى للصحافة مواضيع ذات صلة 1. إحدى ضحايا حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية 2. شبكة المجاهدين الالكترونية” تنفى علاقتها بتفجيرات كنيسة القديسين” 3. مركز حقوقي بالإسكندرية يتهم العادلي وقيادات الأمن بالمحافظة بالمسئولية عن تفجيرات كنيسة القديسين 4. النيابة تنتهي من سماع أقوال 80 مصابا في حادث القديسين .. وتستمع إلى راعي وخادم الكنيسة 5. النيابة تستدعي بائع سبح ومصاحف لسؤاله حول حادث تفجيرات القديسين .. وخبراء الأدلة الجنائية يعاينون الموقع