صدرت حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية رواية «تويا» لأشرف العشماوي وهي احدي الروايات التي رشحتها الدار لجائزة البوكر ، تحكي الرواية قصة الجذور الإنسانية العميقة لبطل العمل «يوسف كمال نجيب» . الباحث عن ذاته ، وانتمائه بين أبيه المصري ، وأمه الإنجليزية ، الحائر بين رغبة أمه بالبقاء في إنجلترا ، وحلم أبيه بأن يحوّل مهنته إلى رسالة خادمًا بذلك أبناء وطنه مصر ، ووطنه الأكبر إفريقيا ، حتى أن الرواية منذ البداية تضعنا أمام هذا الاختيار ، الأب الذاهل لرحيل عبد الناصر ، والابن الحالم بالثراء . منذ البداية يضع المؤلف بطله في تناقض بين نفسه ومجتمعه ، بين حلمه وواقعه ، ويظل متطوحًا طوال أحداث الرواية بين رفاهيته ونعيم ، بين شقاء وفقد ، مآسٍ بشرية ، وجرائم شنعاء يجد نفسه في قلبها ، يتعاطف مع الضحايا ، ويقاوم القتلة ، يدفع الثمن ، فتتغير ملامحه النفسية ، بطل تراجيدي .. إغريقي ، ينتقل من موقع السلب إلى موقع الإيجاب ، وهي الثنائية التي تغلب على روح العمل كله ، فالمؤلف يضع بطله دائمًا بين عالمين . وتبدأ ملامح هذا التغيير إلى الإيجابية لحظة لقائه ببروفيسير إنجليزي يهب حياته لمقاومة مرض الجذام في إفريقيا فينشئ مؤسسة للأبحاث لاكتشاف علاج للمرض ، أمه التي رتبت لقاءه مع البروفيسير كانت تحاول ربط جذوره بوطنه الثاني إنجلترا ، وهي إنجليزية الأصل ، فينتهي به الأمر مخلصًا لأفريقيا التي قضى فيها عامين في نيروبي في كينيا، وينجح هو المصري في اكتشاف العلاج لمرض الجذام ، لأن البروفيسير الإنجليزي اكتشف أن الخلطة الحضارية ليوسف كمال نجيب المصري الإفريقي الإنجليزي قادرة على الإبداع، وهنا يضيف المؤلف مرة أخرى استمرارًا لثنائياته بين الغرب المتحفز وإفريقيا المتخلفة . هذه الثنائيات التي أقامها المؤلف ، طوال الرواية قسمّت الشخصيات بين شريرة وطيبة ، وهذه الثنائية تمتد من الأشخاص إلى المعاني الكبرى . مثل المهنة أم الرسالة ، الحب أم الواجب الإنساني ، التحقق الإنساني أم الطموح المادي ، اختيار البطل الزواج من كاترين الإنجليزية الارستقراطية المتعلمة أم تويا الإفريقية الأمية صاحبة الفطرة النقية . . Comment *