رصدت صحيفة واشنطن بوست فى تقرير لها التحول الواضح تجاه الإخوان المسلمين من اتجاه معتدل يعد بالوسطية وعدم احتكار السلطة خلال فترة الثورة وسعيهم للانتخابات البرلمانية إلى اتجاه أكثر تشددا يريد الهيمنة لتنفيذ أجندته الخاصة خلال سعيهم فى الانتخابات الرئاسية، ويشير التقرير إلى أنه في الحملة الانتخابية لمرشح الإخوان المسلمين لمنصب الرئيس، أشاد صفوت حجازي، وهو رجل دين متشدد وواعظ دينى معروف، بمحمد مرسي أمام الآلاف المحتشدين في ملعب مدينة صناعية في دلتا النيل في مصر. وقال من على المنصة: "إننا نرى حلم الخلافة الإسلامية يصبح حقيقة على يد محمد مرسي"، وأضاف أن "عاصمة الخلافة والولايات العربية المتحدة هي القدس، إن شاء الله"، وهتف الآلاف ملوحين بعلم جماعة الإخوان المسلمين الأخضر، ورددوا: "الشعب يريد تطبيق شريعة الله". ويوضح التقرير أنه في الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية، اتخذت جماعة الإخوان المسلمين منعطفا حادا نحو اليمين، وأصبحت أكثر جرأة في قول أنها تريد دولة يلعب فيها الدين والشريعة الإسلامية دورا كبيرا- وتصر على أن لديها الحق في الحكم. نتيجة لذلك، انتقلت جماعة الإخوان بعيدا عن الوجه الأكثر اعتدالا التى روجت له منذ حتى قبل سقوط حسني مبارك منذ 15 شهر مضى. خلال الحملة الانتخابية لجماعة الاخوان المسلمين فى مجلس النواب أواخر العام الماضي ، حيث اصرت جماعة الاخوان المسلمين ان تنفيذ الشريعة الإسلامية ليس ذات أولوية فورية ، وكانت تتحدث بشكل مبهم عن "خلفية إسلامية " للحكومة. كما أنها سعت إلى تهدئة المخاوف من أنها تسعى للسيطرة على البلاد من خلال الوعد بالعمل مع فصائل ليبرالية وغيرها. ويشير التقرير إلى أن منتقدين وأعضاء سابقين لجماعة الإخوان يقولون إن هذا الإصرار والجرأة يمثل الوجه الحقيقى للجماعة التي وصل عمرها 82 عاما، حيث تمكن المتشددون فيها على مدى العقود الماضية من تقليص تأثير المعتدلين وسيطروا على قيادتها. ويقول أعضاء سابقين أن هؤلاء المتشددين أكثر صدامية وأكثر تصميما على فرض قيود إسلامية وأقل قبولا لتقاسم السلطة مع آخرين. ويعتقد أعضاء سابقين أن هذا التحول للجماعة ينبع من الإحباط من أن السلطة السياسية التي طالما حلموا بها تنزلق بعيدا عنهم. فقد ظهرت جماعة الإخوان من الانتخابات البرلمانية كأكبر حزب في المجلس التشريعي، وهو الانتصار الذي تعتبره دليل على حقها في المضي قدما في أجندتها. لكنها اكتشفت أن البرلمان عاجز إلى حد كبير في مواجهة سيطرة الجيش الحاكم. ويوضح التقرير أن استبعاد المرشح الرئاسى الأول للجماعة، نائب زعيم الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، من السباق بسبب إدانته في قضايا خلال عهد مبارك اضطر الجماعة إلى أن تنتقل إلى مرسي، الذى يتم النظر إليه باعتباره مرشح أضعف. وترى الصحيفة أن مرسي يكافح لحشد الناخبين المتدينين وراءه في مواجهة منافسه عبد المنعم أبو الفتوح، الإسلامي الأكثر اعتدالا، والذي حصل على دعم من بعض المحافظين المتشددين المعروفين باسم السلفيين. لكن تراجع مرسي في التصويت للمركز الرابع بعد اثنين من مرشحين ينتمون للنظام السابق (عمرو موسى- أحمد شفيق) وعبد المنعم أبو الفتوح. وأضافت الصحيفة أن الأداء الضعيف مستغرب جدا نظرا للقوة الانتخابية لجماعة الإخوان المسلمين مما يجعل الكثيرين يشكون فى دقة هذه الاستطلاعات. وتوضح الصحيفة أنه مهما كانت الأسباب، فالجماعة لم تعد تتردد بشأن المسائل المتعلقة بتنفيذ الشريعة الإسلامية بشكل واضح . فقد قال مرسي لحشد من مؤيديه في اجتماع حاشد فى جامعة القاهرة، "لن نقبل أي بديل للشريعة الإسلامية.. القرآن دستورنا، وسيكون دائما هكذا" وفي مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، قال الشاطر- الذي يظهر كثيرا جنبا إلى جنب مع مرسي في الحملة الانتخابية لدرجة أن نقاد يقولون أنه سيكون رئيسا في الظل- قال إن القوانين يجب أن تتوافق مع الشريعة الإسلامية. وأضاف أن الإخوان ستصر على أن يكون المسؤولين المكلفين بإصلاح الاقتصاد المصري، والسياسة والإعلام وقطاعات أخرى لديهم "خبرة دينية". وقال إن "أولئك الذين يقررون ما هو النظام الأفضل هم المتخصصين الذين لن يكونوا فقط علماء سياسة ولكن أيضا درسوا الشريعة الإسلامية". وأضاف أن هؤلاء "سيعملون على وضع نظام من شأنه أن يلتزم بالقواعد العامة للشريعة، مع الوضع فى الاعتبار حقائق الواقع والتجربة وتجارب البلدان الأخرى". على سبيل المثال، قال الشاطر إن قانون منح المرأة الحق في الخلع ينبغى أن تتم مراجعته. وقال أن هذا القانون تم بسبب تأثير السيدة الأولى فى ذلك الوقت سوزان مبارك، التي كانت تتبنى- حسب قوله- سياسة "الانحياز إلى المرأة في أي صراع مع الرجال". وفي مناشدة للمتشددين هذا الشهر، كتب المتحدث باسم الإخوان، محمود غزلان تعليقا لاذعا ضد أبو الفتوح، محذرا من أنه ليبرالي أكثر من اللازم. وأشار إلى أن مواقف معتدلة سابقة كان قد اتخذها أبو الفتوح، من بينها تأييده لحق المسيحي في أن يكون رئيسا للدولة، ورفض إخضاع الكتب التى تروج للإلحاد للرقابة. ويرصد التقرير أن سلسلة من التحركات الأخيرة من قبل جماعة الإخوان المسلمين لاستعراض قوتها تسببت فى تنفير معتدلين، حتى من بين مؤيديها، الذين شعروا أنها تبالغ. من بين هذه التحركات طلب جماعة الإخوان من الجيش بالسماح لها بتشكيل الحكومة، ووصلت إلى حد تجميد عمل البرلمان لعدة أيام احتجاجا على ذلك عندما رفض الجنرالات طلبها. كما حاول الإخوان وغيرهم من الإسلاميين السيطرة على اللجنة المكلفة بكتابة الدستور من خلال أتباعهم– مما جعل الليبراليون يحتجون على تشكيل اللجنة. وفى نهاية المطاف قضت محكمة مصرية بحل هذه اللجنة التي يهيمن عليها الإسلاميون. ونقلت الصحيفة انتقاد طارق البشري، للإخوان الذي قال فيه إن الجماعة: "تستخدم سلطتها التشريعية لخدمة مصالح الحزب وحفنة من الأفراد بدلا من خدمة المصلحة الوطنية"، وأضاف "أنا كقاضى سابق، أطلب من الآخرين أن يقفوا ضد هذا السلوك". وتشير الصحيفة إلى أن العديد من الأعضاء السابقين للجماعة يقولون إن هذا الاتجاه الأكثر تشددا يعكس عقلية الشاطر والقيادة الأساسية التي احتلت موقع الصدارة في الجماعة فى العقدين الماضيين ودفعت بالمعتدلين بعيدا. نحو 70 عضوا من المعتدلين البارزين تركوا الجماعة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك أبو الفتوح. قال عبد الستار المليجي، الذي كان ذات مرة شخصية بارزة مسؤولة عن الشؤون المالية للإخوان حتى انفصل عن الجماعة، أن "معظم القادة الحاليين للجماعة يعتقدون أن الإخوان هم الجماعة الوحيدة الباقية التي يمكن أن تعيد المصريين إلى الإسلام". ويقول المنشقون أنه على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين شملت طويلا على شخصيات أكثر اعتدالا، إلا أن الشاطر والقيادة الحالية متأثرين بشكل أكثر بالتفسير الوهابي الاكثر تشددا السائد في المملكة العربية السعودية، حيث لجأ البعض إلى هناك للهروب من قمع النظام في الستينيات والسبعينيات. ويضيفوا انهم أيضا يأتون من الجناح الأكثر سرية للجماعة التي كانت تعمل منذ فترة طويلة تحت الأرض. ويشيرون إلى وثيقة التمكين التى تم الكشف عنها خلال اقتحام عام 1992 لمكتب الشاطر. هذه الوثيقة المكونة من 14 صفحة تحدد خطط، مستكملة بمخططات مكتوبة بخط اليد، لإدخال الإخوان في قطاعات رئيسية، بما في ذلك النقابات المهنية واتحادات الطلاب وأوساط الأعمال التجارية والجيش والشرطة. الشاطر للأسوشيتد برس: الإخوان سيصرون على أن يكون المسؤولين عن إصلاح الاقتصاد والسياسة والإعلام وقطاعات أخرى لديهم "خبرة دينية" الصحيفة ترصد ابتعاد الإخوان عن الخطاب "المعتدل" وانجرافها يمينا لاستمالة السلفيين في "الرئاسة"