* آلان جوبيه يطالب المسيحيين بالمشاركة في بناء مستقبل دولهم ورفض استغلالهم من قبل أنظمة قمعية في إجراءات غريبة على شعوبهم * وزير الخارجية الفرنسي: الأقباط في مصر شاركوا في الحياة السياسية بعد الثورة كما لم يفعلوا من قبل * جوبيه: وثيقة الأزهر تحفظ الحريات وتعزز الحوار بين الأديان.. والربيع العربي فرصة تاريخية لمسيحيي الشرق للمشاركة في بناء نظم جديدة ترجمة أحمد شهاب الدين في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” ذكر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن “المسيحيين في الشرق الأوسط قلقون حيال وجودهم في المنطقة حيث عاشوا لألفي عام، قلقون حول حقوقهم في وقت الاضطرابات الكبرى، وقلقون من تصاعد التوترات الدينية”، وأضاف جوبيه مخاطبا مسيحيي المنطقة: “أريد أن أقول لهم إنني أتفهمهم لذا أفهم مخاوفهم”. مؤكدا أن فرنسا – ولعدة قرون – كان لها مهمة خاصة فيما يتعلق بمسيحيي الشرق، وإنها لن تتواني في ذلك، وفي يناير 2011 عززت إطارا لسياستها مشددا على أن مصير مسيحيي الشرق يرمز إلى تحديات عصر العولمة الذي دخلنا فيه بلا رجعة. يقول آلان جوبيه: “رؤيتنا واضحة، لا يمكن أن يكون هناك ثورة ديمقراطية حقيقية بدون حماية للأقليات، مسيحيو الشرق يميلون للبقاء في منطقتهم، وسيستمرون في المشاركة ببناء مستقبلهم، كما فعلوا في الماضي”. وأضاف أن الأمر ليس قضية جديدة، فهي موجودة منذ قرون، ولكنها أصبحت أكثر وأكثر مأساوية في السنوات الأخيرة. وتحدث آلان عن دور فرنسا في مساعدة مسيحيي الشرق، قائلا إن فرنسا أثبتت يقظتها عن طريق إرسال رسائل واضحة للدول في الشرق المتوسط، والتي تتحمل بشكل أساسي مسئولية أمن مواطنيها، وحشدت جهودها في دعم مجلس الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي 21 فبراير 2011، لإدانة العنف ضد المسيحيين وفي بيان موجه لمجلس الأمن في الأممالمتحدة 10 نوفمبر 2010 في أعقاب الهجمات الإرهابية في بغداد. وحول أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط، بدأ جوبييه بالعراق قائلا إن المسيحيين هناك دفعوا ثمنا باهظا في السنوات الأخيرة، واستقبلت فرنسا منهم أكثر من 1300 عراقي منذ عام 2008 . وفي مصر يحتل الأقباط مكانة خاصة في مصر، فوجودهم ضارب بجذوره في التاريخ الطويل لبلادهم، لكنهم تعرضوا لعنف متزايد، وتجاوزات، وتمييز اتضح جليا في الهجوم المروع 2011 على الكنيسة في الإسكندرية. وشارك الأقباط بعد الثورة في الحياة السياسية كما لم يفعلوا من قبل، شاركوا في الانتخابات، وأرادوا أن يسمعوا أصواتهم ويساهموا جنبا إلى جنب مع بقية المواطنين في التحول الديمقراطي في مصر، ورغم أن البرلمان المصري المنتخب مؤخرا أعرب عن التزامه بضمان حقوق الأقباط إلا أن جوبيه يعول على ما أسماه ب”الإجراءات الحاسمة”. وانتقل وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان حيث التعايش بين الأقليات حقيقة واقعة، معتبرا أن لبنان هي المثال الذي يجب حراسته باستمرار ضد المحاولات المختلفة لتقويضه. وأوضح أن جميع الجهات الفاعلة في المجتمع اللبناني والحياة السياسية هي المسئولة عن هذه المهمة. واستشهد بتصريحات نيكولا ساركوزي للبطريرك الماروني بشارة الراعي خلال زيارته الرسمية لباريس في ديسمبر الماضي “إن أفضل حماية لمسيحيي الشرق والضمان الحقيقي لبقائهم في هذه المنطقة يكمن في إرساء الديمقراطية ودور القانون في الدول العربية”. وأوضح أن “هذا هو السبب في حثنا لمسيحيي الشرق الأوسط ألا يتم التلاعب بهم من خلال إجراءات تنفذها الأنظمة الاستبدادية والتي تكون غريبة عن شعبهم. وأضاف أنه يشعر بالقلق البالغ إزاء الوضع المأساوي في سوريا حول القمع الشديد الذي تستخدمه القوات العسكرية للنظام، وعبر عن أمله في أن يشارك المسيحيين مثل جميع الجماعات الأخرى في خلق حكومة ديمقراطية جديدة حيث يحصل كل المواطنين على نفس الحقوق وتكون عليهم الواجبات ذاتها. ويرى آلان جوبيه أن الربيع العرب يعطي فرصة تاريخية لمسيحيي الشرق، برغم طول الطريق وفوضويته والمخاطر التي يمكن أن تعترضهم، ويتساءل: هل يصدق أي أحد أن حقوق الأقلية يمكن أن تصونها الديكتاتوريات الدموية أكثر من النظم الديمقراطية؟ من يستطيع أن ينكر أن المسيحيين والأكراد والدروز والعلويون والآشوريون أيضا قتلوا وعذبوا وسجنوا في سوريا؟ وأشاد جوبيه بمبادرة شيخ الأزهر أحمد الطيب في يناير حيث نشرت وثيقة حول الحريات الدينية في مصر، معتبرا أن ما جاء فيها يؤكد على أهمية حرية المعتقد والتعبير والبحث العلمي والإبداع، بما في ذلك الإبداع الفني، ويرى أن هذه المبادرات تعزز الحوار بين الأديان وتبين أنه من الممكن حشد مجتمعات مختلفة حول مباديء عالمية، وتمكن الجميع من التعايش بانسجام. وأضاف أنه في ظل العديد من الأسئلة والمخاوف المتعلقة بمستقبل مسيحيي الشرق الأوسط إلا أن فرنسا لن تتخلى عنهم، وأنه “يرافق إيماننا بالثورات العام الماضي يقظة كاملة فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان، وخاصة الأقليات، ولقد شددت بنفسي وبقوة على هذه القضية خلال المناقشات التي أجريتها مع المجلس الوطني السوري، الذي يهدف إلى حشد المعارضة السورية وتعهد بضمان هذه الحقوق” . ويرى الكاتب أنه من مصلحة المسيحيين في سوريا ومختلف الشرق الأوسط تقبل التغيرات التي تحدث وهي أمر إيجابي ولا مفر منه، كما أن المشاركة في بناء منطقة جديدة ستحمي مستقبلهم. وختم مقالته في “فورين بوليسي” برسالة إلى مسيحيي الشرق الأوسط : ” فرنسا كانت وستبقى إلى جانبكم”