أزمة سياسية جديدة قد تعصف بالائتلاف الحكومي الصهيوني وتدفع الكيان إلى انتخابات مبكرة، حيث جاءت الخلافات والانقسامات داخل الائتلاف الحكومي على خلفية مطالبات من "الحريديم" بإعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، لتضيف المزيد من الارتباك على المشهد السياسي، خاصة أنها تتزامن مع اتهامات موجهه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالفساد وتلقي الرشاوى، الأمر الذي يعزز احتمالات اللجوء إلى انتخابات مبكرة، قد تكون ورقة الإنقاذ الأخيرة لنتنياهو. فشل الاجتماع المفصلي فشلت أحزاب الائتلاف الحاكم في إسرائيل، أمس الأحد، في عقد لقاء لها كان من المفترض أن يكون مفصليًا في الأزمة المندلعة داخل الائتلاف قبل أكثر من أسبوع، حيث كان من المفترض أن يطرح أطراف الائتلاف حلولًا لإنهاء أزمة "قانون التجنيد" أو الإعلان عن الذهاب إلى انتخابات مبكرة، لكن الاجتماع تم إنهاؤه بعد دقائق من انعقاده بسبب تغيب رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الحرب، أفيجدور ليبرمان، إضافة إلى نائب وزير الصحة ورئيس حزب "يهدوت هاتوراه" الديني الحريدي، يعقوب ليتسمان. وأشارت مصادر إعلامية عبرية، إلى أن ليبرمان وليتسمان لم يحضرا اللقاء الذي دعا له رئيس حكومة الاحتلال بسبب قانون التجنيد، الأمر الذي يساهم في تصعيد الأزمة الائتلافية داخل أروقة حكومة تل أبيب. بداية الأزمة فجّر مطلب الأحزاب الدينية الإسرائيلية المسماة ب"الحريديم"، إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية أزمة سياسية داخل الائتلاف الحكومي، ووصلت إلى تلويح حزب "يهدوت هاتوراه" وحزب "شاس" الدينيين، بعدم التصويت لصالح ميزانية عام 2018، في حال عدم تمرير قانون يعفي المتدينين من الخدمة العسكرية، حيث هدّد "الحريديم" في أواخر فبراير الماضي، بحل الحكومة الحالية، في حال لم يتم التصويت نهائيًا، على قانون إعفاء اليهود "الحريديم" من الخدمة العسكرية الإلزامية، والاعتراف بحقهم في دراسة التوراة في المعاهد الدينية، بناء على التوجيهات التي حصل عليها زعيم حزب "يهدوت هاتوراه"، من مجلس الحاخامات الكبرى. وقال نائب وزير الصحة، وزعيم حزب "يهدوت هاتوراه"، يعقوب ليتسمان: لن نكون قادرين على التصويت لصالح الميزانية ما لم يتم تمرير قانون التجنيد، وأضاف: لقد كان تمرير إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية جزءًا من اتفاقنا مع حزب الليكود، للانضمام إلى الحكومة، ونتوقع من جميع أطراف الائتلاف دعم القانون، إذا ما أرادوا لهذا الائتلاف البقاء، وأشار نائب وزير الصحة، إلى أن المصادقة على مشروع القانون بقراءة تمهيدية لا يكفي، ويتعين تمرير القانون بشكل كامل عبر 3 قراءات في الكنيست الإسرائيلي، وتابع: سنصوت ضد الميزانية إذا لم يتم تمرير مشروع القانون. الانتخابات المبكرة الخلافات داخل الائتلاف الحكومي الصهيوني فتحت الباب على مصراعيه أمام الحديث عن تبكير موعد الانتخابات التشريعية في الكيان، حيث نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر كبير في حزب "الليكود"، قبل أيام، تحذيره من أن "عدم التوصل إلى حل لأزمة قانون التجنيد سيفضي إلى تبكير الانتخابات"، فيما أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إلى ارتفاع التقديرات بإجراء الانتخابات في يونيو أو يوليو المقبلين، بدلًا من نوفمير 2019، في حال استمرار الأزمة وعدم حلها، كما أكدت الإذاعة العبرية أنه يسود الاعتقاد في أوساط الائتلاف الحكومي أن احتمالات إجراء انتخابات مبكرة قد تعززت، خاصة بعد فشل الاجتماع الذي كان من المفترض انعقاده أمس الأحد بين قادة الائتلاف الحكومي، مبينة أن نتنياهو يعتقد أنه سينجح في تحقيق انتصار باهر في الانتخابات، الأمر الذي يجعله غير مهتم بحل الأزمة التي تعصف بالائتلاف. في ذات الإطار، فإن التوجه إلى انتخابات مبكرة سيؤدي حسب قانون الكنيست إلى تأجيل قرار النائب العام بشأن توجيه لوائح اتهام ضد نتنياهو إلى ما بعد الانتخابات، الأمر الذي يجعل رئيس الوزراء الصهيوني متمسك بهذا الخيار لكسب المزيد من الوقت والبحث عن مخارج من التحقيقات والتهم الموجهه إليه. انتقادات بينيت رد عليها حزب الليكود الحاكم، حيث اتهموا رئيس حزب البيت اليهود بأنه "يسعى لإسقاط حكومة اليمين خدمة لمصالحه الشخصية، في الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو إلى ضمان مواصلة الحكومة عملها حتى انتهاء ولايتها الدستورية في نوفمبر 2019″، وقد دخل وزير الحرب، أفيجدور ليبرمان، على خط الأزمة داعمًا لنتنياهو، حيث أعلن أنه "لن يصوّت مع أي اقتراح قانون تجنيد للحريديم ينطوي على خضوع للابتزاز لهذه الأحزاب". في ذات الإطار، أشارت تقديرات في الأوساط السياسية في إسرائيل إلى أن إصرار وزير الحرب، أفيجدور ليبرمان، بعدم التنازل عن موضوع "قانون التجنيد"، جاء لخدمة نتنياهو، ويأتي ضمن صفقة نشأت بين الطرفين، حول خوض الانتخابات المقبلة بقائمة مشتركة. على جانب آخر، أكدت مصادر سياسية لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أن نتنياهو يعمل على ابتزاز الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، وخاصة "الحريديم"، حيث يشترط البقاء بالائتلاف الحكومي وعدم تفكيك الحكومة أو تقديم أعضاء الائتلاف استقالتهم، حتى لو قدمت ضده لائحة اتهام على خلفية ملفات الفساد التي يواجهها، وهو ما صاغه رئيس الحكومة الإسرائيلية في ثلاثة شروط لحلّ الأزمة الائتلافيه، وهي أن "يكون هناك مقترح قانون التجنيد مقبولًا على المستشار القضائي للحكومة، وأن يوافق وزير المالية موشيه كاحلون على القانون، وأن يعلن ليبرمان علنا وباقي الشركاء الالتزام بالبقاء في الحكومة حتى نهاية ولايتها الدستورية". نتنياهو يسابق الزمن وفقًا للقانون الأساسي للكنيست الإسرائيلي، يمكن تحديد موعد الانتخابات، بعد ثلاثة أشهر من حل الكنيست، ويمكن تمديدها إلى خمسة أشهر، أي حتى أغسطس المقبل، لكن نتنياهو يسابق الزمن، لتحديد موعد مبكر للانتخابات، إذ يطرح رجال الليكود الذهاب لانتخابات في يونيو المقبل، أي بعد ثلاثة أشهر، مما يمكن نتنياهو من خوض معركة انتخابية قصيرة، يكون بمقدوره فيها توظيف ما يصفها ب"إنجازاته السياسية" وفي مقدمتها افتتاح السفارة الأمريكية في القدسالمحتلة، في 14 مايو المقبل، كما سيكون قادرًا على استباق قرار المستشار القضائي للحكومة، الذي من المفترض أن يتخذه أواخر العام الحالي، بقبول توصيات الشرطة في ملفات الفساد، وتقديم لوائح اتهام رسمية ضد نتنياهو. في المقابل، تُصر أحزاب الائتلاف المعارضة على تحديد موعد متأخر للانتخابات، أي في أكتوبر المقبل، لتفويت الفرصة على نتنياهو لتحقيق انتصار شعبي، الأمر الذي سيعني معركة انتخابات طويلة ومحفوفة بالمخاطر بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، لا سيما في حال تتالت تسريبات عن فضائح جديدة لنتنياهو. الفائز الوحيد الجدير بالذكر أنه من المفترض أن يتم التصويت على قانون الميزانية لعام 2019 خلال الأيام القليلة القادمة، حيث اشترط وزير المالية موشيه كاحلون أن يتم التصويت على القانون قبل الثلاثين من شهر مارس الجاري، وإلا سينسحب من الحكومة، ووفقاً لجدول أعمال الكنيست الرسمي، فمن المفترض أن يصوّت الكنيست حتى يوم الأحد المقبل، موعد نهاية الدورة الحالية للكنيست على قانون الميزانية، وهو ما يضع يوم الأربعاء المقبل، موعدًا أخيرًا لتشريع قانون "التجنيد" الذي تطالب به أحزاب الحريديم، على اعتبار أنه أخر موعد لانعقاد الكنيست قبل عطلة الربيع والتي تستمر لفترة ما بعد الأعياد العبرية، منتصف أبريل المقبل. هذا الأمر يعني أن الأسبوع المقبل سيكون مفصليًا في مستقبل هذا الائتلاف، فنتنياهو وضع شركائه في الحكومة أمام خيارين، أولهما حل الأزمة مع التزام كل الشركاء في الائتلاف العمل على بقاء الحكومة حتى استحقاق الانتخابات المقبلة أواخر عام 2019، أو التوجه إلى انتخابات مبكرة خلال ثلاثة أشهر، يدرك الجميع أن لا مصلحة لأحد في إجرائها إلا نتنياهو نفسه، خاصة مع وجود إشارات لاستطلاعات الرأي بأن نتنياهو سيفوز بعدد كبير من المقاعد النيابية، ما يعني إمكان تشكيل ائتلاف حكومي جديد، يكون معنيًاً بتطبيق نص القانون الذي لا يلزم رئيس الحكومة بالاستقالة في حال تقديم لائحة اتهام ضده، وإنما يُجبر على ذلك في حال إدانته أو حجب الكنيست الثقة عنه.