قبل ثلاث شهور، تحديدا في 8 نوفمبر، رهن الرئيس عبدالفتاح السيسى ترشحه لفترة رئاسية جديدة على رد فعل الشعب المصرى تجاه كشف الحساب الذى كان من المفترض أن يطرحه هذه الأيام حول ما حققه خلال السنوات الأربع التى قضاها فى سدة الحكم، «بعدها سأقرر هل أترشح لفترة ثانية أم أترك الفرصة لآخرين». وقال السيسى ردًا على سؤال حول موعد إعلانه الترشح لفترة ثانية في انتخابات الرئاسة المقبلة- خلال لقائه 50 صحفيًا وإعلاميًا مصريًا وأجنبيًا، على هامش منتدى الشباب بشرم الشيخ مطلع نوفمبر الماضي: «بعد تقديم كشف الحساب من حق المصريين أن يختاروا من يأتى للحكم مرة أخرى.. أتمنى لأى شخص التوفيق.. أى حد هيختاره المصريون هنقول له الله يوفقك». عجلة المعركة الرئاسية دارت، بإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة، قررت الهيئة فتح باب الترشح في 20 يناير وإغلاقه في 29 من ذات الشهر، وهو ما يفرض على المرشح المحتمل أن ينتهي من جمع 25 ألف توكيل من 15 محافظة وبحد أدنى ألف من كل محافظة لا يستطيع أي "محتمل" إنجاز تلك المهمة في تلك الفترة، والبديل أن يحصل المرشح على تزكية 20 نائبا من برلمان عبد العال وهو أمر وارد خاصة أن تكتل "25-30" لم يشارك حتى هذه اللحظة في زفة تزكية السيسيي تحت القبة، وليس من المستبعد أن يوقع أعضائه لأحد "المحتملين"، لكن ليس من المستبعد أيضا أن يتعرض نواب هذا التكتل لضغوط من الجهات إياها وينتهي الأمر بعدم تزكيتهم أي مرشح ويصبح "الحياد السلبي" موقف إيجابي. ما سبق يعني عمليا أن الانتخابات الرئاسية المقبلة قد لا يترشح فيها سوى مرشح واحد هو الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي حصل حتى كتابة هذه السطور على تزكية ما يقرب من 500 نائب برلماني من معظم الكتل النيابية المختلفة باستثناء "25-30" و"النور"، والذي ستعمل أجهزة الدول المختلفة على حشد موظفيها لعمل توكيلات له لتثبت ولائها للرئيس المفوض. المرشح الوحيد الذي كان يملك فرصة لجمع التوكيلات في تلك الفترة هو الفريق أحمد شفيق، لكنه أعلن قبل أيام عدم صلاحيته لهذا المنصب بعد أسابيع قضاها في فندق 7 نجوم بالقاهرة الجديدة محاطا برجال الأمن من جهة وبإعلام السلطة الذي جعل منه "إخوانيا وبتاع نسوان" من جهة أخرى، فاضطر الرجل إلى إصدار بيان يقول فيه إنه "بالمتابعة الدقيقة للواقع فقد رأيت أنه لن يكون الشخص الأمثل لقيادة أمور الدولة خلال الفترة المقبلة". أما المحامي الحقوقي خالد علي، فقد رهن خوضه المعركة الرئاسية على مجموعة شروط وإجراءات ظني أن مؤسسات الدولة المعنية بالعملية الانتخابية لن تلتفت إليها من باب "بركة يا جامع"، وبالتالي فساحة المعركة لا يوجد فيها سوى مرشح واحد، هو سيادة الرئيس السيسي. لكن السيسي لم يقدم كشف حسابه بعد، ولم يتعرف على ردود فعل المصريين حتى يعلن عن قراره بشأن الترشح لفترة جديدة، تلك تفاصيل لن يقف عندها التاريخ، فالرجل سيتقدم لهذا المنصب لإنقاذ البلاد من فراغ دستوري أو "شغور رئاسي" بتعبير اللبنايين. الرئيس فعل ما يجب عليه فعله دعا "أي شخص يرى في نفسه القدرة على تحمل المسئولية للتقدم"، لكن الكل تقاعس ولم يتقدم أحد، فأضطر مجبرا أن "يشيل الشيلة لوحده". سيبقى الرئيس هو الرئيس مدى الحياة، هذا ما وجدنا عليه أبائنا وأجددنا، وكل ثورة وأنتم طيبين.