ازدواجية يتعاطى بها الساسة البريطانيين فيما يخص العدوان اللاإنساني على اليمن ودعمهم لولي العهد السعودي، فصحيفة الإندبندنت البريطانية الشهيرة، قالت إن محمد بن سلمان، أكثر فشلا من المفتش الأحمق كلوزو. وضمن ما أوردته الصحيفة حول الموضوع اليمني أن ابن سلمان أطلق حملة جوية عسكرية في اليمن، والآن بعد أكثر من عامين ونصف، ما زالت الحرب مستمرة وقتل نحو 10 آلاف شخصا، وتركت على الأقل 7 ملايين يمني على شفا المجاعة. ما لم تقله الصحيفة، أن الساسة البريطانيين يستغلون حماقة ابن سلمان لإنعاش اقتصادهم، فبريطانيا لم تمانع دعم السعودية في عدوانها على اليمن كحال واشنطن، بل زودت المملكة بالسلاح، حيث تعد السعودية أكبر "زبون" لبريطانيا في المجال العسكري، ووصلت قيمة عقود الأسلحة والمعدات العسكرية بين البلدين منذ بدء السعودية حملتها العسكرية في اليمن 2015 إلى 3.3 مليارات جنيه استرليني (4 مليار دولار تقريبا). وبالأمس، روجت تقارير بعض الصحف البريطانية لمساعي المملكة المتحدة وعزمها إرسال معونات عاجلة إلى اليمن، ومطالبة وزيرة التنمية البريطانية للسعودية بإنهاء منعها دخول المساعدات الإنسانية، وذكر التقرير على لسان وزيرة التنمية البريطانية، بيني موردونت، أن السعودية ليست "لديها أعذار" لوقف شحنات المواد الغذائية والوقود إلى اليمن، ويمكن أن يكون ذلك خرقا للقانون الإنساني الدولي إذا ما استمرت في ذلك، وهو ما يعتبر أقوى لوم لحليف رئيسي. وغاب عن الوزيرة البريطانية التي سافرت إلى الرياض الأحد الماضي، لتحريك المياه الراكدة من أجل إنهاء القيود السعودية المفروضة على تسليم المواد الغذائية والوقود والإمدادات الطبية إلى صنعاء، أن الحصار الذي تفرضه المملكة على اليمن تم تحت وطأة السلاح البريطاني والأمريكي، وإذا كان التحرك البريطاني الأخير باتجاه اليمن للتقليل من حالات الموت الذي تسبب فيه الحصار السعودي الجائر على الأطفال والنساء قبل الرجال ففتك بالبشر من خلال سلاحي التجويع والمرض، فإن حالات الموت التي أفضى إليها السلاح البريطاني تحتاج أيضا لوقفة إنسانية، خاصة أن لبريطانيا سوابق في الوقفات اللاإنسانية مع اليمن ليس فقط من بوابة الاتجار بالسلاح، بل من بوابة القضاء أيضًا، حيث قضت محكمة بريطانية في يوليو الماضي بقانونية مبيعات الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية في انتكاسة لجهود نشطاء معارضين للحرب في اليمن، وجاء قرار المحكمة البريطانية بعد ضغوطات من مجموعات "الحملة ضد تجارة السلاح"، وذكرت تحقيقات أن الطيران السعودي استخدم قنابل عنقودية بريطانية الصنع لتنفيذ غارات عديدة على اليمن. ويأتي التحذير البريطاني الأخير ذو النبرة المرتفعة ضد الرياض في إطار حفظ ماء الوجه البريطاني؛ فمن جهة، محاولة بريطانية فاشلة للتملص من الأفعال الإجرامية للعدوان السعودي على اليمن، فصور الأطفال القتلى والمرضى والجياع أصبحت تحرج جميع الدول الداعمة للمملكة، ومن جهة أخرى، حاولت بريطانيا أن تظهر بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان في اليمن وهو ما لم تستطيع فعله، فعندما استضافت العاصمة البريطانية لندن نهاية الشهر الماضي اجتماعا للجنة الرباعية الدولية بشأن الأزمة اليمنية بمشاركة الدول الأربع وسلطنة عمان، خرج الاجتماع بتفاهمات لحل الأزمة اليمنية، وبعد الاجتماع قال وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، إن بلاده حصلت من السعودية على ضمانات بأن شحنات المساعدات الإنسانية ستواصل الدخول عبر الموانئ اليمنية، كما أن تصريحات جونسون لم تنفذ على الأرض اليمنية حتى الآن، وهو ما قد يحرج الدبلوماسية البريطانية. المفارقة هنا، أن التحذيرات البريطانية للسعودية تأتي على لسان وزيرة، بينما الإشادة بالعلاقات بين لندنوالرياض، تأتي على لسان أرفع الدبلوماسيين البريطانيين، حيث دافعت تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا، عن زيارتها إلى السعودية إبريل الماضي، قائلة إن العلاقات مع المملكة مهمة لأمن ورخاء بريطانيا، ودافعت أيضا عن حملتها الرامية إلى إقامة علاقات تجارية جديدة، قائلة إن بريطانيا لديها "علاقات طويلة الأمد وتاريخية" مع السعودية والأردن، وأضافت أن هاتين الدولتين "مهمتان بالنسبة لنا من حيث الأمن، كما أن لهما أهمية لنا من حيث الدفاع، وأيضا من حيث التجارة"، وتابعت "غير أنه كما قلت عندما أتيت إلى الخليج في نهاية العام الماضي، أمن الخليج هو أمننا ورخاء الخليح هو رخاؤنا". وتواجه ماي انتقادات كثيرة بشأن دعم بريطانيا للتحالف بقيادة السعودية، حيث قال جيرمي كوربن زعيم حزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة في بريطانيا، إن أسلحة بريطانية الصنع تسهم "في كارثة إنسانية" في اليمن.