بدأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الثلاثاء، زيارة إلى المملكة العربية السعودية آملة في جذب استثمارات إلى بلادها التي تبحث عن شراكات اقتصادية جديدة استعدادا لمرحلة ما بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وبينما تواجه زيارة ماي إلى المملكة المحافظة بالانتقادات في بريطانيا، وسط دعوات لها بأن تناقش قضايا مرتبطة بحقوق الإنسان مع القادة السعوديين، تؤكد رئيس الوزراء أنها لا تمانع التطرق إلى "قضايا صعبة" خلال جولاتها الخارجية. إلا أن زعيمة حزب المحافظين، وبعد أقل من أسبوع على إطلاقها آلية الخروج من الاتحاد الأوروبي، تؤكد أن الأولوية هي لقضايا الاقتصاد عشية الخروج من الاتحاد الأوروبي. وبدأت ماي الاثنين جولة في الشرق الأوسط تستمر لثلاثة أيام، قادتها بداية إلى الأردن حيث أشادت بالتعاون بين القوات البريطانية والجيش الأردني في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المتطرف. والبلدان عضوان في التحالف الدولي بقيادة للولايات المتحدة الذي يشن ضربات ضد التنظيم في سوريا والعراق منذ منتصف العام 2014. وفي الرياض، تلتقي ماي الثلاثاء والأربعاء قادة أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، وفي مقدمهم الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد نجل الملك والرجل القوي في المملكة الأمير محمد بن سلمان. وعشية الزيارة، قالت ماي في بيان إنها تتطلع إلى الاستفادة من "الإمكانات الضخمة للاستثمارات السعودية لخلق زخم قوي للاقتصاد البريطاني". وتتطلع بريطانيا إلى توقيع اتفاقيات تجارية جديدة بينما تستعد للخروج من الاتحاد الأوروبي ضمن عملية طلاق معقدة تستمر لعامين. وينصب تركيز لندن على شركاء وحلفاء تاريخيين، مثل الدول الخليجية الثرية، وبينها قطر التي أعلنت في مارس الماضي خطة لاستثمار 6,23 مليارات دولار في بريطانيا خلال الأعوام الخمسة المقبلة. والسعودية الشريك التجاري الأكبر لبريطانيا في الشرق الأوسط، مع صادرات بريطانية إلى المملكة بلغت في العام 2015 نحو ثمانية مليارات دولار. وبينما تبحث بريطانيا عن عقود تجارية واستثمارات، تتطلع السعودية بدورها إلى زيادة استثماراتها الخارجية ضمن خطة اصلاح اقتصادي طموحة تحت عنوان "رؤية 2030" تهدف الى تنويع الاقتصاد المرتهن بشدة الى النفط. "الأولوية ليست لليمن" وتعرضت زيارة ماي إلى السعودية لانتقادات في بريطانيا مع دعوة زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن رئيسة الوزراء إلى إثارة مسألة وضع حقوق الانسان في المملكة. وطالب لندن بوقف مبيعات الأسلحة إلى الرياض فورا والدفع نحو فرض وقف لاطلاق النار في اليمن حيث تقود السعودية منذ اكثر من عامين تحالفا عسكريا عربيا في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من ايران. ويشن هذا التحالف مئات الغارات منذ مارس 2015 ضد مواقع الحوثيين في عدة مناطق من البلد الفقير، دعما للقوات الحكومية الموالية للرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي. ومنذ بدء ضربات التحالف، قتل في اليمن اكثر من 7700 شخصا معظمهم من المدنيين بينما أصيب نحو 42500 شخصا اخر بجروح، بحسب أرقام الأممالمتحدة، بينما يواجه نحو سبعة ملايين يمني خطر المجاعة. وتتهم منظمات حقوقية بينها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش السعودية بالتسبب بمقتل اعداد كبيرة من المدنيين في الغارات التي تشنها طائرات التحالف، والتي أصاب بعضها مدارس ومستشفيات. وتدعو المنظمات بريطانيا والولايات المتحدة لوقف مبيعات الاسلحة الى السعودية. والأحد عبرت بريطانيا للسعودية عن الأسف لتعرض المتحدث باسم التحالف في اليمن اللواء أحمد عسيري "لاعتداء" متظاهرين في لندن اثناء مشاركته في منتدى، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السعودية. وتعرض عسيري لانتقادات حادة بشأن الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، ورشق بالبيض مع وصوله إلى المنتدى الذي نظمه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الخميس، بحسب وسائل إعلام. وأعلنت الوكالة السعودية عن اتصال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتولى أيضا وزارة الدفاع. وأضافت أن جونسون أعرب "خلال الاتصال عن أسفه لما تعرض له المتحدث". وسئلت ماي في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" عما إذا كانت ستثير قضايا حقوق الإنسان خلال زيارتها للسعودية، فردت قائلة "لا نستصعب اثارة قضايا صعبة مع الذين نلتقي بهم، في السعودية او في أي مكان اخر". لكن ماي تطرقت في موازاة ذلك الى الإصلاحات الاجتماعية التي تطبقها السعودية بحذر ضمن "رؤية 2030" والتي تتضمن خططا لزيادة نسبة النساء في القوة العاملة من 22 الى 28 بالمئة بحلول 2020 في المملكة التي تطبق قوانين صارمة بحق المرأة وبينها المنع من قيادة السيارة. ومن المقرر أن تلتقي ماي في الرياض سارة السحيمي، رئيسة مجلس ادارة السوق المالية السعودية "تداول"، والأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، وكيلة رئيس الهيئة العامة للرياضة للقسم النسائي.