تكافح اليمن من أجل السيطرة على انتشار مرض الكوليرا، الذي وصفته الأممالمتحدة بأنه الأسوأ في العالم، حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية التي نشرت في 26 يونيو الماضي، إلى وجود ما يقرب من 219 ألف حالة مصابة بالمرض، وتوفي ألف و400 شخص منذ نهاية شهر أبريل؛ نتيجة للحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عامين وتسببت في أزمة إنسانية. وافقت منظمة الصحة العالمية على استخدام اللقاح في اليمن، لكن مفعول الاستخدام كاد يعمل بشكل أفضل إذا تم استخدامه قبل تفشي المرض، كما تعتقد المنظمة أنها لن تتمكن من إيصال اللقاح إلى بعض المحافظات، لأنها غير آمنة ولا يمكن لموظفيها العمل بها بسبب القتال. يبدو أن معدل الإصابات الجديدة آخذ في التباطؤ، وفقا لما ذكره أحمد زيتون، كبير مستشاري منظمة الصحة العالمية، كما انخفضت نسبة الوفيات بين الحالات المصابة، ما يوضح أن العلاج مناسبا، ورغم أن الإحصاءات المشجعة، لايزال الخطر قائما، والحرب الأهلية الجارية تضر بالبنية الأساسية للرعاية الصحية في البلاد، حيث يعمل أقل من نصف المستشفيات والعيادات فقط في اليمن. المختصون يرون أنه لمنع تفشي المرض، يجب أولا علاج المصابين سريعا، فالكوليرا تسبب الإسهال الشديد والتقيؤ والجفاف، ما يسبب صدمة لجسم المريض في غضون ساعات قليلة، ويمكن علاج المرض من خلال استبدال السوائل المفقودة، ومن الضروري أيضا استخدام الأبر عن طريق الوريد في الحالات الخطيرة، ووضعت منظمة الصحة العالمية مراكز لمعالجة المرض، نظرا لإغلاق عدد كبير من المراكز الصحية المحلية في اليمن. ويجب توفير مياه شرب نظيفة، خاصة أن سبب انتشار مرض الكوليرا مياه الشرب الملوثة بمياه الصرف الصحي، وحتى قبل الحرب لم يتمكن نحو ربع سكان اليمن من الحصول على مياه نظيفة، لكن الحرب جعلت الوضع أسوأ، وعلى المدى القصير، تقوم الوكالات بتوزيع شاحنات مياه مختلطة بالكلور للمقيمين في مناطق تفشي المرض، ومع استمرار الحرب الأهلية، سيكون من المهم إبقاء مرافق معالجة المياه قائمة لضمان وصول إمدادات المياه النظيفة المستدامة، واضطرت "اليونيسف" بالفعل إلى التدخل، وقدمت الأموال لإعادة فتح محطة معالجة المياه في صنعاء بعد إغلاقها بسبب نقص الطاقة. وإيصال الغذاء يعد أمرا مهما، فالناس الذين يعانون من سوء التغذية خاصة الأطفال، يعانون من ضعف المناعة، ما يجعلهم عرضة للإصابة بالعدوى، كما أن الإصابة بالكوليرا يمنع الجسم من امتصاص الغذاء، ما يؤدي إلى تفاقم المرض. أغلقت الأسواق في اليمن بسبب الحرب التي قطعت الطريق على وسائل النقل، ما أدى إلى حدوث نقص حاد في الغذاء وارتفاع الأسعار، ويوضح برنامج الأغذية العالمي أن 60% من اليمنيين لا يحصلون على الغذاء من مصادر موثوق بها. وتوعية اليمنيين بالمرض أحد الأمور المهمة لمنع انتشاره، حيث يقول متخصصو الكوليرا، إنه من الضروري إيصال رسائل واضحة للشعب وإيضاح كيفية الوقاية من المرض، وهو ما تفعله وكالات مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف)، لتعلم الأشخاص في مناطق تفشي الأمراض كيفية تناول الغذاء الصحيح واستخدام أدوات النظافة مثل الصابون والكلور. وحماية البنية التحتية للبلاد، فهناك حاجة لاستراتيجية طويلة الأمد من أجل الحفاظ على نظام البنية التحتية، حيث الرعاية الصحية والصرف الصحي للمياه، فبعد الحرب، انهار اقتصاد البلاد، ما يعني أن الناس غير قادرين على شراء ما يكفي من الغذاء، كما أن الأطباء والعاملين في قطاع الصحة لم يحصلوا على رواتب منذ تسعة أشهر. وتدعم منظمة اليونيسف البنية التحتية للصرف الصحي، فقد دفعت الأموال من أجل الحفاظ على معالجة المياه في صنعاء بعد توقف المحطة بسبب أزمة الوقود. وأخيرا إيقاف الحرب، فرغم محاولة ممثلي الأممالمتحدة لحل النزاع وتقديم طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات، يبدو أن الطرفين غير مستعدين للتفاوض، ويمكن للمعونة الدولية أن توفر خدمات الطوارئ، لكن السلام المستدام في البلاد فقط سيسمح لسكانها بإعادة بناء قطاعات الصحة والصرف الصحي، للقضاء على أمراض مثل الكوليرا. المقال من المصدر