لم تمضِ ساعات على سلسلة القرارات التي أعلنها رئيس مجلس الوزراء صباح أمس برفع أسعار المواد البترولية ومشتقاتها بنسبة تتراوح بين 30 و55%، وبدأت شكوى المواطنين تملأ الشوارع؛ بسبب ارتفاع الأسعار الذي أصاب كل شيء، في غياب الرقابة وترك المواطن فريسة لجشع التجار وسائقي سيارات الأجرة. «البديل» استطلعت ردود أفعال عدد من المواطنين بمحافظة القاهرة حول الأسعار الجديدة، وكيف سيتعامل معها المواطنون في ظل ارتفاع التضخم الذي تجاوز 35% خلال الأسابيع الماضية. اللافت للنظر أن المواطنين لم ينتبهوا إلى أن مجلس النواب يمتلك صلاحية وقف هذه القرارات، ويمتلك أيضًا سحب الثقة من الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، ووجهوا رسائلهم للرئيس السيسي، حيث يرون أنه هو من يمتلك القرار دون غيره. أحمد سعفان، شاب ثلاثيني يعمل محاسبًا بإحدى شركات القطاع الخاص وأب لثلاثة أطفال، قال إن الأوضاع الاقتصادية باتت أسوأ في ظل ارتفاع الأسعار الذي أصاب كل السلع والمنتجات عقب قرار التعويم، الذي اتخذته الحكومة منذ عدة شهور، وأصبحت تكلفة الحياة صعبة، وتكاد تكون معدومة، وفي نفس الوقت الرواتب أصبحت لا تكفي في ظل ارتفاع التضخم، وانخفضت القيمة الفعلية للمرتب بمقدر النصف. وأضاف سعفان أن فكرة زيادة المرتبات أمر مستحيل، حيث إنه يعمل في شركة قطاع خاص، ومن المستحيل أن يقبل أصحاب هذه الشركات زيادة المرتبات لتعويض ارتفاع الأسعار؛ لذلك "أصبحت أبحث عن عمل إضافي يعوض فرق الأسعار، أو حتى شركة أخرى بمرتب أعلي. وهذا صعب؛ حيث إن معظم الشركات مرتباتها متقاربة. في نفس السياق قال صالح أبو عبد الله، يعمل بأحد محلات الفطائر، إنه أصبح غير قادر على تلبية حاجات بيته، وتحولت الأسعار إلى وحش ينهش في أجساد الغلابة، في ظل "كلام" من المسؤولين، سواء في الحكومة أو حتى البرلمان، مشيرًا إلى أنه لم يرَ نائب دائرته، حتى يشتكي له غلاء المعيشة منذ عدة شهور. وأضاف أبو عبد الله أن الحكومة عوضت القطاع العام بزيادة قدرها 15% في المرتبات، في حين أن القطاع الخاص والعمال لم ولن يعوضوا، وهم الفئة الأكبر، والتي تتحمل كل تيعات قرارات رفع الأسعار دون زيادة في المرتبات. ووجه رسالة للرئيس السيسي، قائلًا "يا ريس مش لاقيين ناكل، والدنيا غلاء. شوف حل قبل ما الدنيا تخرب". على الجانب الآخر حاولت بعض الأحزاب وأعضاء مجلس النواب التنصل من المسؤولية وانتقاد الحكومة وسياستها، علمًا بأن البرلمان وافق على هذه الزيادات في آخر جلسة عامة عقدت قبل عيد الفطر، خلال الموافقة على برنامج الحكومة والموازنة العامة الجديدة للدولة، حيث انتقد المهندس ياسر قورة، مساعد أول رئيس حزب الوفد للشؤون السياسية والبرلمانية، قرارات الحكومة بزيادة أسعار الوقود، معتبرًا أنها قرارات اقتصادية "عشوائية متسرعة"، لا تراعي أي بعد اجتماعي. وأضاف قورة، خلال بيان له اليوم، أن هذه القرارات ستزيد من حالة الفقر والجوع مع موجة زيادة الأسعار القادمة بعد زيادة أسعار الطاقة، مؤكدًا أن الحكومة الحالية برئاسة المهندس شريف إسماعيل، أثبتت فشلها عن جدارة، لأنها لا تعرف كيف ومتى ترفع العبء عن المواطنين، وتعمل دون وجود أي رؤية اقتصادية أو ظهور بوادر لإصلاحات اقتصادية تقف أمام موجة الغلاء. كما أكد النائب أحمد عبده الجزار، عضو مجلس النواب عن دائرة البساتين، أن قيام الحكومة برفع أسعار المحروقات بمثابة فجور وانتحار سياسي لهذه الحكومة، مشيرًا إلى أن الكيل طفح من قرارات هذه الحكومة الفاشلة، وأضاف الجزار في بيان له "كنواب عقدنا العديد من اللقاءات مع المهندس شريف إسماعيل، لتحذيره من نتائج رفع أسعار البنزين، وأن رفع الأسعار سيؤدي إلى موجة غلاء لكل السلع الغذائية وغيرها، وهو وعد بعدم تطبيق القرار في الفترة القادمة"، متابعًا "كالعادة كل وعود الحكومة كانت كاذبة، وتورط النواب أمام دوائرهم، لذلك سأقوم بطلب الحكومة بالتراجع عن هذه القرارات، أو جمع توقعيات من النواب لإسقاطها في المجلس، وسحب الثقة منها". وأشار الجزار إلى أنه في أي دولة في العالم لا يمكن أن تقوم الحكومة بزيادة أسعار المحروقات في العام الواحد مرتين، ولكن يكون هناك تتدرج في رفع الأسعار؛ حتى لا يحدث تضخم يؤثر على معيشة الفقراء، مؤكدًا أن ما يقوم به شريف إسماعيل وحكومته خرج عن نطاق أي عقل ومنطق. وأضاف نائب البساتين أن الشعب المصري لم يعد يتحمل كل هذه القرارات الاقتصادية الصعبة، التي كانت يمكن تطبيقها خلال 10 سنوات؛ حتى لا يتضرر منها الفقراء ومحدودو الدخل الذين أصبحوا معدمين، مؤكدًا ضرورة اعادة النظر في هذه الحكومة وفي قرارتها الأخيرة التي أحبطت الشعب المصري كله.